كثيرة هى المؤشرات التى تؤكد أن حرب غزة دخلت فى مراحلها الأخيرة لعدة أسباب أهمها أن إسرائيل باتت على قناعة تامة بأن تواجد جيش الاحتلال فى غزة المدمرة أصبح يشكل خطورة خاصةً بعد نجاح المقاومة الفلسطينية فى الأيام الأخيرة فى قنص العديد منهم واصطيادهم فى كمائن قاتلة..والسبب الثانى أن معنويات جيش الاحتلال صارت فى الحضيض وتزايدت حالات الانتحار بينهم حيث انتحر ثلاثة جنود خلال أسبوع واحد لرفضهم مواصلة الحرب..والسبب الثالث هو تزايد الضغوط الدولية التى تطالب إسرائيل بوقف الحرب وإدخال المساعدات الإنسانية حيث دعت 28 دولة الأسبوع الماضى من بينها بريطانيا وفرنسا وإيطاليا وكندا لوقف فورى للحرب فى غزة وسرعة إدخال المساعدات الإنسانية بعد أن تجاوزت معاناة الفلسطينيين حدود الاحتمال ..ورغم أنها ليست المرة الأولى التى تدعو فيها هذه الدول لوقف الحرب إلا أن البيان الأخير المشترك كان حاسما وقويا حيث قال وزراء خارجية هذه الدول فى البيان «نحن الموقعين أدناه نبعث برسالة بسيطة وعاجلة يجب أن تنتهى الحرب فى غزة الآن» وقد جاء هذا البيان بعدما تبين لهذه الدول أن إسرائيل تستخدم المجاعة كسلاح فى هذه الحرب.
أما السبب الرابع وهو الأهم هو فشل حكومة نتنياهو المتطرفة فى تحديد سيناريو واضح لغزة فى اليوم التالى بعد الحرب التى اقتربت من عامها الثاني.
لقد فشلت إسرائيل حتى الآن فى تحقيق أمنية الرئيس الأمريكى ترامب بتهجير الفلسطينيين رغم آلة القتل والإبادة والتجويع والتدمير التى تتواصل على مدار الساعة ولسوف تفشل لصمود هذا الشعب ولموقف مصر التاريخى الرافض للتهجير وتصفية القضية الفلسطينية وهو موقف يحظى بتأييد المجتمع الدولي..وأمام هذا الفشل تحاول إسرائيل الآن التخلص من الدولة الفلسطينية بعد أن عجزت عن التخلص من الفلسطينيين وتهجيرهم حيث تدرس إقامة مدينة من الخيام جنوب غزة لتسكين نحو ستمائة ألف فلسطينى ليعيش الفلسطينيون فى النهاية كلاجئين على أرضهم.
نعم..إسرائيل تعمل على الأرض حاليا للتخلص نهائيا من فكرة الدولة الفلسطينية المستقلة وتختصر القضية فى مدينة خيام فى محاولة لخلق واقع جديد فى قطاع غزة يمهد للتهجير القسرى وهو هدف إسرائيل الاستراتيجى لطمس معالم القضية الفلسطينية وهو ما جعل الكنيست الأربعاء الماضى يوافق على قرار يدعو لفرض السيادة الإسرائيلية على الضفة الغربية وغور الأردن لإغلاق الباب أمام تطبيق حل الدولتين حيث ينص القرار على أن هذه المناطق جزء لا يتجزأ من الوطن التاريخى للشعب اليهودى كما ادعى القرار أن أحداث السابع من أكتوبر أثبتت أن إقامة دولة فلسطينية ستشكل خطرا وجوديا على إسرائيل.
المفارقة أنه فى الوقت الذى تعمل فيه إسرائيل على منع إقامة الدولة الفلسطينية المستقلة يتزايد تأييد المجتمع الدولى لهذه الدولة خاصة بين الدول الأوروبية حيث أعلن الرئيس الفرنسى إيمانويل ماكرون قيام بلاده بالاعتراف بالدولة الفلسطينية أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة سبتمبر المقبل.