عندما نتحدث عن أسس مصر المستقبل القوية بمناسبة احتفال الشعب المصرى بالعيد الـ 73 لثورة 23 يوليو 1952 التى قام بها مجموعة الضباط الأحرار بقيادة الزعيم جمال عبدالناصر الشاب الذى لم يتجاوز عمره 34 عاماً نرى تخطيطه لكى تكون مصر المستقبل قوية من خلال تعميق مبادئ المواطنة وحب الشعب بكل طوائفه للوطن المصرى بل للوطن العربى كله.
نسبة غالبة من الشعب المصرى فى ذلك الوقت تتعدى الـ 85 ٪ كانت تعانى الفقر المدقع وعدم توافر مظاهر المدنية حيث كان معظمهم بدون حذاء وكل القرى بدون كهرباء ولا مياه نظيفة وصرف صحى ووحدات طبية وطرق مرصوفة ومدارس ومنازل ملائمة للمعيشة ومعاناة الشعب من الاستغلال المادى والطبقى لفئة لا تتجاوز 2٪ من إجمالى الشعب المصرى بالإضافة إلى تواجد المحتل الإنجليزى واستقلال انجلترا وفرنسا قناة السويس وعوائدها وسيطرتهم على مؤسسة اقتصادية عالمية داخل الأراضى المصرية.
فطن عبدالناصر إلى أن قوة مصر تكمن فى كيفية تحويل شعبها إلى عنصر بشرى متعلم ومثقف و يمتلك مبادئ البحث العلمى إضافة إلى التكنولوجيا وتحويل مصر لدولة صناعية على التوازى مع تطوير القطاع الزراعى واستصلاح الأراضى الصحراوية فى الوادى الجديد والبحيرة والشرقية.
نجح عبدالناصر فى تحقيق المساواة فى التعليم والمرتب الشهرى للعاملين بالدولة والمصروفات ونجح فى غرس مبادئ الحب بين المصريين ورفع مستوى الانتماء للوطن وإيقاظ الشعور بالكرامة والعزة لدرجة أنى كنت اعتبر أن مصر هى أقوى دولة فى العالم كنا نشعر بالطمأنينة وعدم الخوف من المستقبل لثبات أسعار المعيشة الحياتية والأراضى والمساكن والمآكل والمشرب وتواجد فرص عمل لكل خريجى الجامعات.
وألهب عبدالناصر مشاعر العزة والكرامة لدى الشعوب العربية والإفريقية ضد المستعمر والرجعية والخونة وبث مشاعر الوحدة العربية وتحقيق الوحدة بين مصر وسوريا فى إطار إنشاء الجمهورية العربية المتحدة عام 1958 بعد النجاح فى كسر العدوان الثلاثى على مصر وتأميم قناة السويس عام 1956 وجلاء القوات البريطانية عن مصر.
ونظراً لنجاح عبدالناصر فى إحداث ثورة حقيقية فى البشر ومؤهلاتهم وإيجاد فرص عمل لكل المصريين وتشجيعهم على التعليم والبحث العلمى وإنشاء مئات المصانع المدنية وعشرات المصانع الحربية لأول مرة فى تاريخ مصر وتأهيل المصريين للإدارة والقيادة السليمة والتى تجلت فى عمل المرشدين المصريين بقناة السويس بعد تأميمها.
ونظراً لأن إسرائيل ومعها الصهيونية العالمية وكل الدول الغربية المعادية للشعوب العربية انجلترا وفرنسا وأمريكا وألمانيا كانوا ومازالوا ينفذون خططهم لإنشاء إسرائيل الكبرى على عدة مراحل امتداداً بإسرائيل الحالية والتى تمت عام 1948 وتحقيق هدفهم الثانى لإنشاء إسرائيل ما قبل الكبري.. وبعد نجاح عبدالناصر فى ثورته داخل مصر وإلهامه مشاعر العرب نحو الوحدة وإنشاء كيان عربى قوى مضاد لأهداف الصهيونية العالمية وبعد نجاح التطوير الصناعى المدنى والحربى ودخول عبدالناصر مرحلة تصميم وتصنيع طائزة مصرية مقاتلة متطورة بالتعاون مع الهند ومرحلة إنشاء.
نظراً لكل تلك المشروعات التى إذا كانت تمت نهايتها وتم استيعاب تكنولوجياتها وتوطينها داخل مصر خاصة بعد إنشاء مصانع حربية فى حلوان وتزويدها بكل المعدات وخطوط الإنتاج الألمانية المتطورة وتأهيل أجيال من المهندسين المصريين للعمل على هذه الخطوط الجديدة.. نقول نظراً لذلك قامت إسرائيل بالتنسيق مع الجانب الأمريكى بنفس الأسلوب الذى يتم حالياً ضد أبطال غزة والضفة الغربية وإيران وحزب الله.. قامت وقتها بالتخطيط مع التضليل لتنفيذ حرب 1967 ضد مصر وسوريا والأردن ولكن مع إصرار الشعب المصرى وثورته الثانية فى التاسع والعاشر من يونيو 1967 تم النجاح فى إعادة تأهيل الجيش المصرى وإعداد الدولة والشعب المصرى لحرب 1973 التى كانت أساس إعادة أراضى سيناء بالكامل لحضن الوطن المصرى بعد النجاحات التى تحققت خلال حرب الاستنزاف.
أوضح تاريخ عبدالناصر أن قوة الوطن تتحقق بشعبها وجيشها وشرطتها وقيادتها وأن ترسيخ مبادئ العزة والكرامة لدى الشعوب وتحديد العدو والصديق وعدم مهادنة الأعداء هم أهم مبادئ قوة الأوطان.
يا شباب مصر ويا رجال مصر ويا أطفال مصر إن دراسة تاريخ مصر والدول العربية خلال الفترة من 1952 حتى وفاة عبدالناصر عام 1970 وعمره 52 عاماً فقط يؤكد أن تعميق حب الشعب لوطنه وزيادة ارتباطه بأرضه ومساعدته للشعوب العربية والإفريقية الصديقة هم أساس قوة الوطن ومستقبله.
عندما ينام الإنسان ويشعر بالكرامة فإن عدم شعوره بالإذلال هو أفضل شيء فى حياته.