الثلاثاء الماضى بينما كان رئيس التحرير الكاتب الصحفى أحمد أيوب يضع اللمسات الأخيرة على الصفحة الأولى وإذا بالزملاء بقسم التعليم يهبطون إلى الدور السادس وقالو ان الثانوية العامة أعلنت وقدموا أسماء الأوائل.. وهنا بدا أن السهرة ممتدة لمتابعة خريطة الأوائل.. وكنت قد استعددت للمغادرة لأن يوم الأربعاء هو ذكرى ثورة يوليو الـ 73 وكعادتى أذهب إلى قبر الحبيب لتحيته.. وبينما أقلب فى أوائل الثانوية وجدت 6 من الأوائل من محافظتي.. وهى عادة فى المنوفية فى هذه المحافظة لا هدف لأبنائها إلا العلم والتعليم والعمل.. وهى المحافظة التى زارها قائد ثورة يوليو عدة مرات فى ستينيات القرن الماضى ومعه الرئيس اليوغسلافى تيتو وأيضًا جيفارا.. كما زار قريتها الشاهدة على مأساة الاستعمار دنشواي.. وأذكر أن إحدى حفلات الثورة وخطاباتها ألقاها عبدالناصر من استادها.. وهى المحافظة التى تهتم بتعليم أبنائها.. وبها أهم مدرسة أقامها الأهالى فى مصرنا الغالية وتخرج فيها الكثيرون وهى «المساعى المشكورة» التى خطفت الأضواء من مدارس شهيرة كالسعيدية والخديوية والسنية.. وطبعًا مع تهنئة الأوائل العباقرة جميعًا أبناء مصر لكنى أخص الستة أبناء المنوفية الذي نجح المحافظ اللواء إبراهيم أبوليمون المتواجد فى كل نشاط بالمحافظة باستضافتهم وأسرهم وتهنئتهم لأن ذلك يظل فى الذاكرة الحية.. تفحصت صور الطلاب والمتابعة الصحفية التى كنت أقوم بمثلها فى الصعيد فى نهاية السبعينيات.. لفت انتباهى عن أبناء المنوفية الأوائل – قصة سمية الكتانى أول القسم العلمى رياضة ووالدها يقبل رأسها فرحًا بعبقرية جديدة فى الوطن وكذلك ابن شنوان القرية التى تبعد عن شبين الكوم 2 كيلو أحمد الجيار الخامس فى شعبة الرياضة وهى قرية تشتهر بزراعة – القلقاس – والمركز الرابع كان من نصيب الطالبة سما محمد فايز من مركز قويسنا والتى تفتخر بوالدها معلم الرياضيات.. أما همس سيد سعد فقد توفى والدها مع بداية العام وفقدان الوالد جعلها تجتهد لتهديه نجاحها والمركز الخامس على الجمهورية بشعبة العلوم وطبعًا لا ننسى دور الأم هنا فى تفوقها.. أما المركز السابع فقد ذهب إلى «سرس الليان» المدينة التى تحتضن مركز اليونسكو والطالب عبدالرحمن الحلو الذى حاز على مركز بين العشرة الأوئل وأيضًا علمى علوم.. ومن مليج وهى بالمناسبة بلد أستاذنا الراحل الكاتب جلال عيسى وكيل نقابة الصحفيين وحازت على المركز الثاني.. والذى أسعدنى فى قصة تفوقها أنها وهى بنت الـ 17 تحلم بالطب وأن تخصص يومًا أسبوعيًا لعلاج أبناء قريتها مجانًا.. الحديث الذى سردوه أمام المحافظ فى حواره المفتوح مع جيل المستقبل فى تجارب التفوق والنجاح.. وربما يسأل القارئ الكريم ولماذا اختصرت حديثك عن أوائل المنوفية.. أعود بالذاكرة إلى الـ 19 فتاة الذين راحوا ضحية حادث أليم وكانت بينهم طالبة تحلم بكلية الهندسة وأدلل على قيمة العمل والتعليم عند المنايفة الذين لا يملكون أرضاً زراعية بل يملكون عزيمة النجاح..
وهنا يقودنى الحديث مرة أخرى إلى ثورتى يوليو ويونيو فهى المحافظة التى قالت لا للإخوان.. فأنا ومثلى أولاد الفلاحين كما قال الأستاذ حمدى رزق وهو ابن منوف وهو مثلى ومثل كثيرين لم يروا الثورة وجميعنا تلقى تعليمه بالمجان وفى المنوفية لم يعجز الفقر أن كان كل منزل به بنات وبنون متعلمون، فالثورة أنصفتنا نحن أبناء الفلاحين وأقولها بعد ثورتين لولا ثورة يوليو كان أمثالنا الفلاحين أنصفتهم الثورة وقائدها وهذا أقوله للمهندس عبدالحكيم عبدالناصر فى المرات الثلاثة التى أقابله فيها فى الضريح سنويًا مثلى عاشوا مرارة أهوال فيضان النيل وجاء السد العالى لينقذنا.. وقلت ذات مرة للسيدة منى عبدالناصر فى مئوية الزعيم لماذا اهتم الرئيس بالتعليم ، قالت: حياتنا بعض الوقت فى الخطاطبة كانت سبباً فى هذه المسألة واحساسه بمعاناة اخواننا مع التعليم فى الريف.
لقد حرر الفلاح من بطش أصحاب الأرض بعد أن كان مجرد عامل بـ«لقمة العيش» عند الباشا.. ربما هذا لم نره فى المنوفية لأن عدد الباشاوات ليس كثيرًا لكن أهل المنوفية مع المجانية تفوقوا على أنفسهم فى المهن المختلفة.. من هنا جميعًا نقف مع يوليو التى منحتنا فرص العزة والكرامة قصص كثيرة فى التعليم وكما نهض الفلاح نهض العامل ففى قريتى البعيدة بلا مواصلات كانت توجد مكتبة عامة.. لقد كانت صناعة الوعى مهمة من ثورة استطاعت أن تسكن فى قلوب الملايين بأفعالها لا بأقوالها فقط والثورة مستمرة اليوم وفى 30 يونيو رأينا كيف استلهم الشباب الرؤية برفع صور عبدالناصر كتجربة وكملاذ..