ابتلى الله بلادنا العربية منذ 2011 وحتى اليوم «2025» بقوى التكفير والدم بزعامة الدواعش والإخوان والان العشائر فى سوريا وتعددت الاسماء وبقى جوهر دعوتهم وإستراتيجيتهم القائمة على التكفير والفوضى والدم هى السائدة..ومن بين المفاهيم الخاطئة التى بنى عليها هؤلاء الإرهابيون عقيدتهم الدامية مفهوم « المقاومة » وبدلا من أن يقاوموا إسرائيل ويردوا حرب الإبادة التى تشنها على غزة منذ بدء «طوفان الأقصى 2023» وحتى اليوم.. صاروا يقاومون الجيوش الوطنية ويقتلون الاقليات «نموذج لهم ما يجرى اليوم فى السويداء بسوريا» وينشرون الفوضى الداخلية وكأنهم يخدمون وبشكل أساسى المخطط الأمريكى – والإسرائيلي!
>>>>>>
> بداية ينبغى التأكيد على أن الدين الإلهى واحد فى خطابه وتبشيره، ونستطيع أن ندلل على ذلك بكثير من الأمثلة والآيات فى كل الكتب المقدسة، فكل الرسالات ترفض الظلم وحرمان الإنسان من حريته، وتأبى الاستبداد والاستعداء من داخل النفس وخارجها.
لعل أصدق ما قبل فى الأديان العالمية أنها ثورات واسعة ؛ ولا تقاس السعة فى هذه الثورات بامتداد المكان ولا بكثرة العدد لأنها أوسع ما تكون إذا نشبت فى داخل النفس الإنسانية وكانت القوة الثائرة والقوة المتغلبة فيها مملكة واحدة هى مملكة الضمير.
لأن مصدر الأديان واحد فإن كل مفردات الثورة تتماثل سواء فى الملكوت الذى بشر به المسيح عليه السلام أو الفردوس الذى نادى به محمد «صلى الله عليه وآله وسلم»، أو ما نادى به إبراهيم -عليه السلام- من قبلهما بالحنيفية، بعد أن جعله الله أبا لجمهور من الأمم، حيث لا يمكن الوصول إلى هذه المراتب إلا بالثورة ودفع العدوان والظلم وكبح الأثرة لترك الإنسان على فطرته وحريته واختياره، هى ثورة الضمير إذن، وهى المقاومة المثالية فى أعلى صورها لأنها تقاوم النفس كما تقاوم العدوان على الأرض، تقاوم الاستعلاء والاستكبار والاحتلال كما تقاوم الخنوع والضعف والاستكانة.
>>>>>>
> الإسلام ثورة.. طبعاً ليس مثل ثورات الإخوان والدواعش التى تدعو الى العبث وتدمير الأوطان ونشر التكفير والفوضى فى الوطن الواحد.. إن الإسلام ثورة للسمو بكل ما فى الثورة من مفردات المقاومة والتحدي، وثورية الإسلام هى السبب الرئيسى فى استمرارية وجود الإسلام، ودولة الإسلام التى أسسها النبى لم تعرف الظلم ولا القهر، فالقرآن وحده الذى يستطيع أن يبنى دولة لا تعرف الاضطهاد ولا الظلم.
إن مقوله طلب العدل يعنى مقاومة الظلم، وطلب الأريحية تعنى مقاومة الأثرة، وأهواء النفس، ويعنى ذلك كله الثورة ضد الأوضاع المقلوبة، والأفكار النرجسية.
الإسلام هو دين التوحيد المطلق، الدين الذى اعترف بالألوهية المطلقة الكاملة لله سبحانه وتعالي، فليس فى مفهوم الله عند المسلم شبهة نقص ولا شبهة مماثلة للكون أو الماديات أو الكائنات الفانية أو المتحولة، فالله سبحانه خلق الإنسان فى أحسن تقويم.
هذا هو جوهر فكرة التوحيد عند التطبيق أو الممارسة فى حياة البشر نزع الألوهية عن الناس، وبذلك يتساوى البشر جميعاً فى الآدمية بالعجز والقصور والفناء والهلاك والإهلاك وهو عكس ما يدعو له الدواعش والإخوان من شبه تأليه لمرشدهم أو أميرهم المزعوم !».
إن التوحيد حرر العقل والإنسان المسلم، وحمل المسلم مسئولية التفريط فى تلك الحرية، فالتفريط فيها يعنى العودة إلى ما قبل الرسالة التى جاء بها النبى والقرآن.
لقد وضح القرآن هذه الحقيقة- التى ينكرها الدواعش القدامى والمعاصرون -عندما تحدث عن الأقوام الذين ظلموا الرسل وظلموا أنفسهم وظلموا الناس وقيدوا حريتهم وقراراتهم «وكذلك أخذ ربك إذا أخذ القرى وهى ظالمة إن أخذه أليم شديد -» « آية 102 – سورة هود».
نرى أن الله سبحانه يأخذ الذين ظلموا بقانون الانتقام الدنيوى للجماعات عندما تتزايد حالة الانحراف وتتزايد الذنوب، وكلف الإنسان بالحرص والدفاع عن حريته وكرامته، وهى مسئولية البشر وليس مسئولية الدواعش كما يفعلون فى بلاد الشام وغيرها!!.
كذلك نجد أن القرآن الكريم حدد بصراحة أن قانون الاختلاف يحكم البشر «ولو شاء ربك لجعل الناس أمة واحدة ولا يزالون مختلفين إلا من رحمة ربك ولذلك خلقهم».. «الآية 118 -سورة هود» القرآن الكريم عندما اعترف باختلاف البشر، اعترف ضمنا بحرية هؤلاء البشر فى الاختيار حتى بين الأديان والكفر، فقد شاءت إرادة الله هذا التنوع لكى يتعارف البشر ويتعاونوا فيما بينهم فالقرآن اطلاقاً لم يبشر بوحدة الجنس البشرى فى عقيدة واحدة، والإسلام جاء ليحمى هذا التمايز لإقرار حق البشر فى الاختلاف، ومجاهدة كل من يرغم البشر على أى فكرة.
>>>>>>>>
> إن النبى «صلى الله عليه وسلم»، ظل يدعو قومه ثلاث عشرة سنة كاملة متحملاً ومعه صحابته الإيذاء والنفى صابراً، وبعد تأسيس الدولة فى المدينة لم يقم مطلقاً بشن حرب ضد القرشيين رغم العداوة السافرة التى أبداها أهل مكة واحلافهم للدين الجديد، لا يكتم المشركون أنهم عقدوا النية على الايقاع بمحمد وأصحابه، فكانت حروب بدر وأحد والخندق جميعها بدأت من المشركين، أما قبائل الجزيرة العربية فلم يحاربهم الرسول إلا بعد أن بادروا بالعدوان كما حدث من قبل قبائل اليهود فهذا هو حق السيف كما استخدمه الإسلام فى أشد الأوقات حاجة إليه إن حق السيف مرادف لحق الحياة، وعندما أوجبه الإسلام فإنما أوجبه لأنه مضطر إليه أو مضطر إلى التخلى عن حقه فى الحياة وحقه فى حرية الدعوة والاعتقاد، فإن لم يكن درءاً للعدوان والافتئات على حق الحياة وحق الحرية فالإسلام دين السلام وليس كما يذهب الإخوان والداعشيون الى أن الإسلام دين حرب والغريب أنها حرب على المسلمين والجيوش الوطنية فى عقيدتهم المنحرفة فقط!!.
>>>>>>>
لعل خلاصة التجربة المحمدية هى أنه مثلما قضى النبى «صلى الله عليه وسلم»، على الشرك قضى على العصبية «وإن ظلت تطل برأسها أحياناً»، بسيرته وجهاده الحق أولاً وبإشاعة قيم المساواة والإخاء ثانياً، وليس كما يفعل الدواعش وإخوانهم اليوم فى بلادنا العربية المبتلاة بهم منذ 2011! وحتى يومنا هذا «2025».. حفظ الله مصر منهم ومن فهمهم الخاطى للاسلام والمقاومة!!