ستبقى مصر، مهما حاولوا النيل منها ثابتة راسخة مواقفها واضحة، لا تهتز لأكاذيب، ولا تنال منها أراجيف لأنها تعرف جيداً مكانتها ودورها، مثلما تعرف جيدا أعداءها، وترى من لا يريدون لها أن تبقى – أو يسعوا لإضعافها.
القصة ببساطة أن مصر لا تتحرك بإذن أحد، ولا تنصاع لقرار من هنا أو هناك صوتها من رأسها، وقرارها مستقل ومواقفها عن عقيدة، وهذا لا يرضى من يظنون أنهم يديرون الكون، ويدبرون الأمور كيفما يشاءون، وان قالوا فعل الجميع وان أمروا التزم الكافة.
مصر ليست هكذا، ولن تكون ليست تابعة بل صاحبة موقف وقرار ولهذا فهى عقبة ليست سهلة، وحائط صد منيع، بل وحجر عثرة تتحطم عليه كثير من المؤامرات اقرأوا التاريخ جيدا بعيده وقريبه، وستعرفون أن مصر ليست مجرد دولة في عالم كبير، وليست مجرد جملة عارضة، بل حكاية يطول شرحها بقدر ما يمتد تاريخها وحضارتها عبر الزمان، تعرضت لمحن، وخاضت معارك وانهزمت وانتصرت، احتلت وتحررت، لكنها أبدا لم تنكسر يوماً، ما سقطت فى مرة إلا وقامت أقوى وأشد بأسا ولقنت من نال منها درسا قاسيا ظل خالداً في التاريخ من الهكسوس إلى التتار والصليبيين ومن بعدهم الفرنسيون ثم الإنجليز ومروراً بإسرائيل، وصولا إلى الإرهاب الأسود، فكانت مصر هى المحطة التي تنهار عندها القوي، وتسقط أمامها الجيوش المعتدية، وتستسلم تحت أقدامها الجماعات المأجورة.
أعداء مصر قارئون للتاريخ جيداً، ويعرفون أن مصر وهى دولة سلام، لا تعتدى ولا تبحث عن صراع، لكنها إن كتب عليها الصراع كانت أهلاً له وأكثر وان فرض عليها القتال خاضته من أجل الانتصار ولهذا فهم دائما يحاولون ابتكار ما لديهم من أساليب لمحاربتها، ويراهنون دائماً على اسقاطها بحروب الجيل الرابع والخامس إرهاب، وفتن وشائعات وتحريض وحصار اقتصادي، لكنها رغم كل ذلك بقيت صامدة، لانها مصر وأهلها فى رباط إلى يوم الدين وقيادتها من قلب شعبها.
في القضية الفلسطينية تتلخص الحكاية وتتضحالصورة وتظهر المؤامرة المطلوب ان تنتهى القضية تماما، وتصبح الأرض الفلسطينية إسرائيلية، وكل القوى الدولية توافقت على ذلك وتراضت بأن يكون اتجاه الفلسطينيين إلى سيناء أو الأردن.

ظنوا أن الفكرة قابلة للتنفيذ، وأن مصر التي تمر بظروف اقتصادية صعبة ستكون مجبرة على الاستجابة لمطلب ترحيل الفلسطينيين إلى سيناء، فالأزمة ضخمة والاغراءات التي عرضت على القاهرة لا ترفض !! وامعانا في الضغط على مصر زاد الحصار الاقتصادى عليها حتى تزداد معاناتها ولا تجد بديلا عن القبول بما يفرض عليها حتى لا تغرق.. هكذا ظنوا وسلطوا إعلامهم وعملاءهم من أجل ان يمارسوا الضغط على الدولة ويحرضوا الشعب على قيادته لكن كان الرد المنطقى من مصر.. تجوع الحرة ولا تتنازل عن مبادئها أو تفرط فى شرف كلمتها أو تتهاون في ثوابتها أو تتخلى عن شبر من أرضها وكرامتها. كان الرد واضحاً وحاسماً وقاطعا قيادة وشعباً لا تهجير.. لا تصفية للقضية، ولا تهاون في أي محاولة للمساس بأرض سيناء أو حتى مجرد الاقتراب منها. هذه هي لب الأزمة.. مصر كسرت القاعدة، لم تنصاع لأحد بل وضعت الجميع أمام موقف لا يقبل التأويل.. القيادة قالت لا … والشعب رددها بوضوح.. لا .. الكل يد واحدة متماسكة متعاضدة. فشل المخطط الذى كان قاب قوسين من التنفيذ.
فكان القرار أن تعاقب مصر.. أن يزداد التضييق عليها، أن تتحرك كل الخلايا النائمة من العملاء والطابور الخامس، أن تؤجج الفتن وأن تنطلق حملات التشويه والتحريض وللأسف أن بيننا من باعوا أنفسهم مبكراً وقبلوا أن يكونوا أدوات كالعرائس الماريونيت ويلقنهم الممولون من خلف ستار.
مصريون يهاجمون دولتهم ويحرضون عليها، مصريون يطالبون بنشر الفوضى في بلدهم يرددون الرواية الإسرائيلية ويكذبون رواية بلدهم.
في الوقت نفسه تجرى عمليات إعادة من جديد للجماعة الإرهابية بحركاتها وميليشياتها المسلحة لتعيد العنف والإرهاب حتى تعود الفوضى ويختفى الاستقرار من مصر.
تفتح كل الملفات، وتشتعل الحملات المغرضة فمصر التي تقف ضد مخططات تصفية القضية الفلسطينية تصبح في هذه الحملات المشبوهة شريكا في حصار غزة، مصر التي قدمت أكثر من 80% من المساعدات لأهالي القطاع وفتحت معبرها وسخرت مستشفياتها وكل امكانياتها لصالح أبناء غزة تصبح في هذه الحملات المأجورة متهمة بالمشاركة في تجويع أبناء غزة.
مصر التي لا تتوقف عن جهودها لإنقاذ غزة وأهلها، تتحرك سياسياً ودبلوماسيا وتضغط من أجل وقف الحرب الوحشية تتحول عند هؤلاء المأجورين إلى خائنة للقضية.. أكاذيب في أكاذيب. وللأسف من يروجها يحملون الجنسية المصرية التى لا يستحقونها، يشاركون فى الضغط على بلدهم. من أجل أن تتنازل وتفرط في أرضها وتقبل ببيع القضية الفلسطينية.
هذا هو الوضع بالكامل.. الصورة كما هي في الواقع، بلد شريف يتعرض لحرب قذرة.. بلد يدافع عن حقوق الفلسطينيين فيتعرض لهجوم مسموم من أبنائه وبعض أبناء القضية الفلسطينية أنفسهم ولأن الحرب الآن سلاحها الأقوى هو الإعلام والسوشيال ميديا فقد خططت الحملات ودبرت الأكاذيب ونسجت حكايات الافتراء ضد مصر وانطلقت في وقت واحد.
لكن رغم كل هذا ظلت مصر ثابتة صلبة بإرادة الله ثم وعى شعبها وإدراكه للحقيقة، وهي أن المستهدف بلدهم وأرضهم.
المصريون بطبعهم لا يقبلون ما يمس كرامتهم ووطنهم مستعدون للتضحية والغذاء في سبيل ذرة تراب واحدة من أرض مصر.
وهذا ما يحدث الآن.. مصر تتصدى للمخطط تتحمل الصعاب، وتواجه التحدى بكل مخاطره أعلن الشعب أنه خلف قيادته السياسية الوطنية، رفضا للمخطط، وحماية للأمن القومى المصري.. أعلنها صراحة في كل مناسبة.
الشعب بوعيه يعرف الخائنين والمتآمرين، ولا يستمع إليهم بل يلفظهم، يدافع مع دولته عن القضية الفلسطينية التي يشهد التاريخ انه على مدى 76 عاماً كانت مصر ومازالت هي المدافع الأول عنها فعلاً وفي سبيلها قدمت أكثر من 120 ألف شهيد وفى سبيلها أيضاً ضحت بمزايا كثيرة، ورفضت مصالح عديدة كانت ستحصل عليها لو أغمضت عينيها عن مخططات إسرائيل للاستحواذ على كل فلسطين.
إنها مصر الشريفة دائماً.. مصر المواقف الواضحة.. التي لا تتاجر بل تعمل بحق.