لم تكن محاضرة القنصل العام الصينى بالإسكندرية، السيد يانغ يى، ضمن فعاليات الدورة العشرين لمعرض الكتاب الدولى بمكتبة الإسكندرية، مجرد عرض دبلوماسى تقليدى، بل كانت أقرب إلى رؤية شاملة وصيغة جديدة لشراكة قديمة تعود إلى آلاف السنين بين حضارتين عريقتين: مصر والصين.
فى قاعة امتلأت بالحضور من مختلف الأجيال، استعرض القنصل الصينى ملامح من كتابه الجديد «تاريخ الصين والاستعراب الصينى حتى العصر الحديث»، الذى شاركته فى كتابته الدكتورة سحر سالم، أستاذة التاريخ والحضارة الإسلامية بكلية الآداب جامعة الإسكندرية. وأوضح أن علم التاريخ بات اليوم ينظر بجدية وحماس إلى العلاقات الصينية- المصرية، بوصفها نموذجًا لتلاقٍ حضارى لم يقم على الاستعمار أو النهب، بل على البناء وخدمة الإنسان وتنمية البشرية.
لم تكن العلاقات الصينية- المصرية مجرد صدفة بل نسيجًا من التبادل الحضارى والثقافى والتجارى المتواصل. وفى هذا الإطار، أكد القنصل أن انضمام مصر مؤخرًا إلى منظمة شانغهاى للتعاون يمثّل نقطة تحول إستراتيجية، ليس فقط فى علاقات البلدين، بل فى موازين القوى الإقليمية والدولية.
«مصر دولة كبرى فى العالم العربى والإفريقى والإسلامى، وانضمامها إلى عائلة شانغهاى وسّع من نطاق تأثير المنظمة إلى القارة الإفريقية لأول مرة، وعزّز من دورها فى تحقيق الأمن الجماعى والتعاون المتعدد فى الشرق الأوسط وأفريقيا»، قال يانغ يى، وسط تصفيق الحضور.
من اللافت أن الاسس التى تقوم عليها منظمة شانغهاي- التنمية المستدامة، التكامل الاقتصادى، الابتكار، الربط التكنولوجى، الطاقة النظيفة والاقتصاد الرقمي- تتوافق بدرجة كبيرة مع محاور رؤية مصر 2030.
ومن هنا، رأى يانغ يى أن انضمام مصر بصفة «شريك حوار» يعكس توافقًا قيمًا بين الطرفين، خصوصًا فى ظل ضعف الحوكمة العالمية واحتدام الاضطرابات الجيوسياسية. ودعا إلى تعزيز التضامن والتنسيق بين القاهرة وبكين لتقديم «حلول شانغهاى» لأزمات العالم، بما فيها قضايا الشرق الأوسط، التى تظل فى صميم الاهتمام المصرى.
و أشار إلى وجود منصات جاهزة للتعاون العملى بين البلدين، تشمل مجالات الزراعة والبيئة والتجارة على مستوى الحكومات المحلية، بما يمكّن من تحويل الأفكار إلى مشروعات ملموسة.
لقد عكست كلمات يانغ يى إدراكًا عميقًا لطبيعة التحولات الدولية، ورؤية مستقبلية لشراكة مصرية- صينية لا تقف عند حدود التجارة أو الطاقة، بل تمتد لتشمل مجالات متعددة تدل على عمق الصداقة بين البلدين.