يقف العالم الآن أمام أقسى اختبار للضمير الإنسانى حول جرائم الحرب المروعة التى تحدث فى قطــاع غــزة منذ ما يقارب العامين من قتل أكثر من ستين ألفا من المدنيين وتدمير كامل للقطاع وفرض الحصار والتجويع على أكثر من مليونى إنسان سيسجلها التاريخ باعتبارها جرائم حرب متكاملة الأركان يرتكبها الاحتلال الإسرائيلى ضد أبناء الشعب الفلسطينى تحت غطاء غربى وصمت دولى منحاه الحرية الكاملة فى ارتكاب جرائمه، هذا الاختبار سقطت معه كل المعايير الإنسانية التى صاغها العالم طوال القرن العشرين لوقف الحروب والانتهاكات التى تــم ارتكــابها خــلال الحـــرب العالميــة وما تلاها، وتؤكد على ضرورة تدخل القوى الكبرى للحيلولة دون العودة إلى تكرار ارتكاب جرائم الحرب.
لكن القرن الحادى والعشرين لا يقبل أن تمر سنونه العجاف دون أن تسطر كتب التاريخ مآسى النازية وجرائم الإبادة من الاحتلال الإسرائيلى ضد أبناء الشعب الفلسطينى الذين باتت حياة مئات الآلاف منهم مهددة بالموت جوعا فى غزة تحت مرأى ومسمع من العالم كله بتجويعهم واستهداف مراكز الإيواء وتوزيع المساعدات، تدونها المستشفيات القليلة الباقية التى تعمل داخل القطاع حول سقوط العشرات يوميا موتا برصاص الجوع والمرض الذى هو أقسى وأصعب فتكا من رصاص البنادق وقذائف الصواريخ ودانات المدافع التى تتساقط على رءوس الأبرياء من الأطفال والنساء يوميًا فى شتى أرجاء القطاع.
مقررة الأمم المتحدة فران شيسكا للأراضى الفلسطينية فضحت الاحتلال الإسرائيلى وألقت الحقائق فى وجوه داعمى الاحتلال الإسرائيلى، عندما قالت إن ما يحدث فى غزة عبارة عن دولة تجوع الملايين وجنودهم يقتلون الأطفال من أجل المتعة فقط وهى حقيقة لم تكن فى احتياج لمسئول أممى ليقولها لأن المشاهد الواردة من قطاع غزة للأطفال والنساء تدمى القلوب.
صحيح أن ثمن الحرية والتحرر مكلفا وغاليا ولكن أن يشاهد العالم غزة تباد ويجوع أطفالها وتواجه الموت فى صمت، فهذا أسوأ ما يمكن أن يتحمله بشر فالجميع فى قطاع يقف على حافة الموت واللامبالاة وتبلد الحس أصبح مقياس الحياة والتحضر الذى يؤمن به الكيان الإسرائيلى وداعموه الذين يقفون فى مربع الشجب والتنديد بينما تنقل وسائل الإعلام مشاهد مروعة لأطفال نهشت أجسادهم أمراض سوء التغذية وباتوا مجرد هياكل عظمية تبحث عن أكفان تواريهم الثرى.
العالم يقف الآن على حافة الخطر وإن لم يتحرك العالم لوقف جرائم الاحتلال الإسرائيلى التى يرتكبهــا كل يـــوم خــلال ما يقارب العامين فإن ما صنعته الحضارات سيسقط ويتحول العالم لغابة من القتلة والسفاحين يمارسون جرائمهم دونما أن يوقفهم قانون ولا رادع من الإنسانية.