من (الله معنا)
إلى ثروة الموسيقى والغناء
يذهب أحمد (عماد حمدي) لوداع عمه قبل سفره إلى فلسطين، وفى بيت العم يلتقى نادية (فاتن حمامة) ابنة العم التى تدعمه بينما يعامله العم الثرى عبد العزيز باشا (محمود المليجي) بسخرية لأنه يقلل من نفوذه (عايز الناس تفهم انى معنديش نفوذ يخليك ما تسافرش) لكن أحمد يرد عليه بأن الأغنياء هم الذين يذهبون للدفاع عن بلدهم، وهكذا يذهب الضابط أحمد الى فلسطين مع الجيش المصرى للدفاع عنها بعد هجوم اليهود والنكبة وإعلان قيام دولة إسرائيل عام 1948، لتبدأ أحداث فيلم (الله معنا) سيناريو وإخراج أحمد بدرخان عن قصة لإحسان عبدالقدوس، وهو الفيلم الأول الذى قدمته السينما المصرية عن حرب فلسطين وعرض عام 1955، بعد عامين من قيام ثورة يوليو 1952، والذى يتضمن أحداثاً تتعلق بقيام الثورة ومحاولة القبض على العملاء الذين اشتروا الأسلحة الفاسدة للجيش، وكان أولهم، وأهمهم عبدالعزيز باشا، وضمن وثائق الفيلم قصة للكاتب والناقد الكبير الراحل على أبوشادى ملخصها أن الفيلم تعرض للمنع الرقابى قبل عرضه بسبب تقديمه لشخصية اللواء محمد نجيب قائد ثورة يوليو، ولكن بسبب إعفائه من القيادة قبل عرض الفيلم، أوقفته الرقابة فتظلم صناعه لمجلس قيادة الثورة، وأجازه جمال عبدالناصر، بل وحضر العرض الأول له بسينما ريڤولى فى 14 نوڤمبر 1955، وهكذا بدأت السينما المصرية علاقتها بثورة يوليو ورجالها، وجاء بعده الفيلم الثانى الأكثر شهرة، وعرضا على شاشاتنا حتى الآن وهو (رد قلبي).
من (رد قلبي) إلى (الأيدى الناعمة)
عرض (رد قلبي) 1957، بعد أقل من عامين من الفيلم الأول، وأيضاً كانت قصته لكاتب روائى هو يوسف السباعى بينما كتبه للسينما وأخرجه عزالدين ذو الفقار وكلنا يتذكر قصة الريس عبد الواحد الجناينى الذى يعمل فى قصر أحد أمراء العائلة التى كانت مالكة والذى يصبح ابناه الاثنان ضباطين، ويقع ابنه على (شكرى سرحان) فى حب إنچى (مريم فخر الدين) التى كانت أميرة وهو ما يثير غضب أخيها علاء (أحمد مظهر) الشديد، وبعد الثورة، يرأس على لجنة مصادرة أملاك الباشا، وهو ما يدفع علاء لمحاولة قتله ولكنه يفشل، ويموت هو فى فيلم ملئ بالتفاصيل المدهشة عن الحياة الأسرية والصراعات الطبقية الصغيرة وحقوق الانسان فى الحب والعمل، أما فيلم (الأيدى الناعمة) فهو الفيلم الثالث فى علاقته بثورة يوليو، والذى عرض عام 1963، وأيضاً مأخوذ عن رواية للكاتب الكبير توفيق الحكيم، كتبها للسينما يوسف جوهر، وأخرجها محمود ذو الفقار، وشارك فى بطولته ثلاثة من نجوم فيلم (رد قلبي) هم مريم فخر الدين، وأحمد مظهر وصلاح ذو الفقار مع صباح وليلى طاهر وأحمد خميس ووداد حمدى وآخرون، وتدور أحداث الفيلم فى زمن ما بعد الثورة من خلال بطله الذى كان أميراً قبلها، ولكنه أصبح عاطلاً، لا يفعل شيئاً ولا يمتلك أى شيء إلا قصراً يعيش فيه بعد نزع أملاكه وابنتان يقاطعهما لعدم رضاه عن سلوكهما ومحاولاتهما الاندماج فى الحياة الجديدة بعد الثورة، ولكن الأحوال تتغير حين يتعرف على شاب حاصل على الدكتوراه ولكنه عاطل، وتتوثق علاقتهما ويقترح عليه تأجير القصر والاستفادة منه، وهو ما يدفعه لاستعادة علاقته بابنتيه ليبدأ مرحلة جديدة مختلفة من الحياة.
من (بور سعيد) الى (ناصر ٥٦)
فى ذاكرة السينما المصرية أفلام أخرى عديدة عن ثورة يوليو مثل (بورسعيد) الذى عرض عام 1957 من تأليف وإخراج عزالدين ذو الفقار والذى طلبه الرئيس عبدالناصر من فريد شوقى ويقدم انسحاب إنجلترا وفرنسا من مصر بعد العدوان الثلاثى والمقاومة الشعبية الكبيرة فى بورسعيد ومدن القناة، ومثل فيلم (الرجل الذى فقد ظله) عن رواية الكاتب فتحى غانم وسيناريو وحوار على الزرقانى وإخراج كمال الشيخ وعرض فى عام 1968 ومثل (غروب وشروق) تأليف رأفت الميهى وجمال حماد وإخراج كمال الشيخ، وأخيراً فيلم (ناصر 56) للكاتب محفوظ عبد الرحمن والمخرج محمد فاضل والممثل أحمد زكى فى واحد من أهم أدواره، والذى عرض عام 1996، وقدم قصة تأميم قناة السويس من خلال خطاب الرئيس عبدالناصر فى ميدان المنشية بالإسكندرية فى 26 يوليو عام 1956 بعد ان سحب البنك الدولى عرضه لتمويل مشروع بناء السد العالي، وعلاقة عبدالناصر بالحياة والناس وعائلته وكيف رآه الكثير من المواطنين انساناً قبل أن يكون رئيساً، وهو ما عبر عنه الفيلم ببراعة من خلال مشاهد عديدة وشخصيات مختلفة خاصة قصة المرأة التى قامت بدورها الفنانة الكبيرة أمينة رزق فى نهاية الفيلم، وغير الأفلام فلدى الفن المصرى ثروة فنية من المسرحيات والمسلسلات عن ثورة يوليو، أما الأناشيد والأغانى فهى ثروة مصرية أكبر، من اغنيات وأناشيد عبدالوهاب وأم كلثوم، إلى ظهور وتألق عبد الحليم حافظ الكبير إلى الحان الموجى وكمال الطويل وغيرهم من أساتذة النغم، الى صعود بليغ حمدي، وهو ما جعل أغانى وأناشيد ثورة يوليو فى المقدمة على مدى يتجاوز النصف قرن.