فى الـ 23 من يوليو عام 1952، استيقظ المصريون على بيان ثورى أُذيع من إذاعة القاهرة، أعلن فيه «الضباط الأحرار» بقيادة اللواء محمد نجيب، وبقيادة فعلية من البكباشى جمال عبد الناصر، الإطاحة بالنظام الملكى وإقامة نظام جمهورى جديد، وانتهاء حقبة طويلة من الحكم الملكى والاستعمار البريطانى غير المباشر.
لم تأت هذه الثورة من فراغ بل اندلعت نتيجة لمعاناة مصر من أزمات سياسية واقتصادية حادة. حيث سيطر الفساد على الحكم الملكى، خصوصًا فى عهد الملك فاروق، وتعمق الفارق الطبقى بين فئات الشعب. وكانت أكثر من 80 ٪ من الأراضى الزراعية مملوكة لأقل من 5٪ من السكان، بينما كان الفلاحون يعانون من الفقر والتهميش، بالإضافة إلى استمرار التواجد البريطانى فى مصر منذ عام 1882، رغم «الاستقلال الشكلى» الذى تم الإعلان عنه عام 1922، ورغم توقيع معاهدة 1936، ظل الجيش البريطانى يحتل قناة السويس مما أثار غضب الجبهة الوطنية.
ولذلك وضع الضباط الأحرار ستة أهداف رئيسية للثورة، كان أبرزها القضاء على النظام الاستعمارى والإقطاعى، القضاء على الاحتكار، والقضاء على سيطرة رأس المال على الحكم، وبناء جيش وطنى قوى، وإقامة حياة ديمقراطية سليمة.
وقد تجسدت هذه الأهداف عمليًا من خلال عدد من الإجراءات الجذرية، أبرزها قانون الإصلاح الزراعى فى سبتمبر 1952، الذى حدّ من ملكية الأراضى وتم توزّيعها على الفلاحين، فى خطوة للقضاء على الفوارق الطبقية وإعلاء مبدأ المساواة، وتم الإعلان رسميا فى يونيو 1953 عن إنهاء الحكم الملكى وتحويل مصر إلى جمهورية، وتولى اللواء محمد نجيب منصب أول رئيس للجمهورية الأولى.
لم تكن ثورة 23 يوليو حدثًا مصريًا فحسب، بل انها أطلقت شرارة التحرر الوطنى فى المنطقة والعالم العربى. وتبنّت الثورة خطابًا قومياً وحدويًا، وبرز عبد الناصر كقائد عربى مدافع عن قضايا الاستقلال والوحدة. وكان من أبرز إنجازاته تحقيق قدر كبير من العدالة الاجتماعية ثم تأميم قناة السويس عام 1956، والذى تبعه العدوان الثلاثى على مصر.
ثورة 23 يوليو 1952 تعد واحدة من أهم المحطات فى التاريخ الحديث لمصر والعالم العربى، لما خلفته من آثار سياسية واجتماعية واقتصادية. وهى تُعتبر إرثًا تاريخيًا عميقًا لا يزال تأثيره ملموسا حتى اليوم.
تمر علينا الذكرى الـ73 لثورة 23 يوليو، ولا يزال تأثيرها قائماً على المصريين، حيث إنها تعد نقطة تحول كبرى فى تاريخ مصر والعالم العربى، غيّرت ملامح الحكم والسيادة، وطرحت سؤالًا كبيرًا حول علاقة الدولة بالشعب، ومستقبل العدالة الاجتماعية فى المنطقة.