بمناسبة اعلان نتيجة شهادة الثانوية العامة لهذا العام مازال هناك عدد كبير من أولياء الأمور ينساق خلف وهم كليات القمة ربما بسبب التفاخر الاجتماعى واللهث وراء موروث قديم يظن البعض من خلاله ان هذه الكليات هى الوحيدة التى تحقق أحلامهم فى تأمين مستقبل أفضل، بالتالى تحقيق الوجاهة الاجتماعية، بينما الواقع الحالى يؤكد ان مصطلح كليات القمة وكليات القاع هو اكذوبة كبيرة وليس هناك علم قمة وعلم قاع بل القمة هى نحن من نصنعها بأنفسنا أينما تواجدنا والصانع الماهر قمة والفلاح الماهر قمة وكل شخص يبدع ويتالق فى تخصصه فهو قمة.
فى تصورى انه مع تطورات سوق العمل واحتياجاته فإن توجه الدولة لإنشاء والتوسع فى الكليات التكنولوجية والفنية يعد خطورة تصحيحية فى المجال التعليمى وضرورة اقتصادية ملحة لأنها تساهم فى خلق وظائف جديدة وفق برامج تعليمية مستحدثة فى اطار الاستغلال الأمثل للموارد البشرية والحد من البطالة وربط التعليم بسوق العمل والذى أصبح ضرورة ملحة، وإنشاء تلك الكليات يتلاءم مع استراتيجية الدولة2030 القادمة التى تقوم على الطاقة النظيفة والصناعة المتطورة وتساهم فى اعداد جيل جديد من الشباب قادرعلى استخدام الذكاء الاصطناعى، كما توفر أكثر من 20 مليار جنيه تكلفة تعليم بعض المصريين بالخارج بالإضافة الى تحويل مصر لدولة مصدرة للعمالة الماهرة.
وبطبيعة الحال فإن هذا الاهتمام يأتى نتيجة لما تمتلكه مصر من مورد بشرى كبير قد يتخطى فى السنوات القليلة القادمة نحو المليون خريج سنويًا من مختلف الكليات وما يتطلبه هذا العدد من وظائف قد تعجز الدولة عن توفير فرص عمل لهم جميعًا نتيجة تشبع سوق العمل بمعظم خريجى الكليات النظريةوعدم توافر الشروط الملائمة وفق متطلبات سوق العمل الحديث،ولتفادى وقوع مصر فى بوتقة البطالة وما ينتج عنها من مضار إجتماعية واقتصادية بالغة الخطورة الأمر الذى جعل من ملف التعليم وأهمية ربطه بشكل أو بآخر بآليات سوق العمل ضرورة حتمية وبعدًا إستراتيجيا واقتصاديًا مهماً لمصر نحو تأمين فرص عمل للأجيال القادمة تكفل لهم العيش الكريم،مع ضرورة اتخاذ كافة التدابير الكفيلة بتغيير ثقافة المجتمع المصرى حتى يزيد إقبال الاسر المصرية على الحاق ابنائها بالتعليم الفنى الذى أصبح له دور كبير فى توفير الكفاءات والعناصر الفنية لكل متطلبات واحتياجات سوق العمل.
الحقيقة ان الجمهورية الجديدة وهى تقف على اعتاب ثورة صناعية كبرى كان من الضرورى مواكبة التغيير والتحديث والتطوير فى مجال العلوم والبرامج الدراسية المقدمة عبر الجامعات بمختلف كلياتها كى يتلاءم هذا التغيير الشامل نحو الاستغلال الأمثل للموارد البشرية والذى يتطلب تأهيلها بما يتناسب مع متطلبات سوق العمل المستحدث،وسط تأكيدات من قبل المؤسسات الدولية تنذر باندثار معظم الوظائف التقليدية والتى لم يعد لها مكان وسط هذا التغيير الهائل فى المجتمع إضافة إلى خلق وظائف جديدة وفق برامج تعليمية مستحدثة.
كلمة فاصلة :
ببساطة.. الاستثمارفى التكنولوجيا هو الاستثمار المستقبلى الأمثل ولابد من مضاعفة العمل على هذا الاستثمار ولن يتسنى ذلك بغير الكوادر اللازمة لذلك تتجه الدولة حاليا للتوسع فى الكليات التكنولوجية والفنية حتى تصبح هناك نسبة وتناسب بين متطلبات سوق العمل وإعداد الخريجين مما يقلل من معدلات البطالة والفقر وبالتالى تتحسن مؤشراتنا المحلية والدولية مما ينعكس على معدلات النمو و الترتيب الاقتصادى على كافة الجوانب،مما يؤهل مصر الى تصديرمنتج جديد لم يكن فى قاموسها من قبل وهوالعمالة المدربة سواء على المستوى الإقليمى أو العالمى.