القيمة الحقيقية لا تُمنح من الآخرين، بل تُبنى داخل النفس. تبدأ حين يقرر الإنسان أن يُواجه نفسه بصدق، أن يعترف بعيوبه، ويسعى لتصحيحها، كثيرون يعيشون عمرهم كله يُرضون من حولهم، لكن القليل فقط هم من يفهمون أن التغيير الحقيقى يبدأ من الداخل، من إعادة ترتيب الأولويات، وتقدير الذات كما تستحق . من يُطوّر ذاته، يُضيف إلى شخصيته عمقًا لا تراه العيون، لكنه يُشعر به كل من يتعامل معه. هو الذى يسعى للمعرفة لأنه يعرف أنها نور، ويحرص على التعلم لأنه يدرك أن التوقف عن النمو هو بداية التراجع. هو من يفهم أن الحياة لا تكافئ الأكثر ضجيجًا، بل الأكثر إصرارًا وصبرًا . فن القيادة يعنى أن تُدير أفكارك، وأن تتحكم فى ردود أفعالك، وأن تختار طريقك بعقلٍ وقلب. من طوّر ذاته، قاد حياته، لأنه ببساطة امتلك البوصلة الحقيقية التى لا تضل. القيمة تبدأ من الداخل… من نظرتك لنفســك، من احترامــك لوقتــك، من إصــرارك عــلى ألا تبقى كما أنت تبدأ حين تدرك أن الحياة لا تنتظر أحدًا، وأن كل لحظة تمر هى فرصة إما أن تنمو فيها أو تتراجع خطوة. فاختر أن تنمو، أن تتعلّم، أن تضىء لنفسك طريقًا حتى لو لم يره أحد.. تذكّر دائمًا أنك أنت رأس مالك، أنت مشروعك الأول، وأنت الاستثمار الأغلى. فاجعل من نفسك قصة تستحق أن تُروى، لا مجرد اسم يُنسى . كثير من الناس يظنون أن قيمتهم ترتبط بما يمتلكونه من مال أو وظيفة مرموقة، مظهر لامع، لكن الحقيقة الأعمق أن القيمة الحقيقية لا تُقاس بما فى الخارج، بل بما فى الداخل. تلك القيم التى لا تُشترى، ولا تُرى بالعين، لكنها تُحَسّ فى كل تصرف، وتُسمع فى كل كلمة، وتظهر فى كل موقف. كل إنسان بداخله كنز، لكنه لا يلمع إلا بالاجتهاد والتطوير المستمر. فكل لحظة تقضيها فى تعلّم شىء جديد، أو تحسين مهارة، أو علاج ضعف داخلى، هى لحظة تبنى بها قيمة حقيقية فى نفسك. القوة ليست فى الصوت العالى، ولا فى السيطرة، بل فى التحكم فى النفس وقت الغضب، وفى الثبات وقت الشدائد. والنجاح الحقيقى لا يعنى فقط الوصول، بل يعنى أن تكــون الشــخص الـذى يســــتحق الوصــول .. لا تُهمل أفكارك، ولا تقلل من أحلامك، ولا تقارن قيمتك بأحد. أنت كيان فريد، لك بصمتك الخاصة، لكن هذه البصمة لن تظهر إلا إذا آمنت بنفسك، وعملت عليها تطوير الذات ليس شعارًا يُردد، بل مسارٌ واعٍ، ومسئولية شخصية لا تسقط بالتقادم. أن تنظر إلى نفسك نظرة ناقدة بنّاءة، أن ترى النقص دون خجل، وأن تعمل على ترميم ما تهدم، وصقل ما غاب بريقه. الإنسان الذى يسعى إلى تطوير ذاته لا يُرضى له أن يعيش على هامش الحياة، بل يصنع لنفسه مكانًا يليق بوعيه وجهده . هو من يقرأ ليعرف، ويتعلّم ليتغيّر، ويُجاهد ليكون فى كل يوم نسخة أرقى من الأمس. لا ينتظر الفرص، بل يخلقها؛ يرى فى كل عثرة درسًا، وفى كل تأخر ترتيبًا، وفى كل ألم سببًا للنهوض . القيادة هنا لا تعنى السيطرة على الآخرين، بل القدرة على إدارة الذات. أن تعرف متى تتقدم، ومتى تتريّث، ومتى تُراجع قراراتك دون أن تُهدر كرامتك أو تُنكِر ذاتك. الإنسان ليس كائنًا ثابتًا، بل روحٌ تتشكل، وعقلٌ ينمو، ونفسٌ تسعى نحو الأفضل.
ليس المقصود أن يغيّر الإنسان شخصيته، بل أن يُعيد اكتشافها. أن يُزيل الغبار المتراكم على جوهره، ويُضىء النور فى زوايا نفسه التى طالها الإهمال. لا يُنكر ضعفه، بل يعمــل على تقويتــه. لا ينتظـر التقدير من الآخرين، بل يبدأ أولا باحترام نفسه وتقديرها.
الذين يقودون حياتهم هم أولئك الذين أدركوا أن كل تطور، مهما بدا صغيرًا، يُحدث فرقًا. والحقيقة المؤكدة ان فى رحلة الإنسان نحو النضج، لا يكون الانتصار الحقيقى فى الوصول إلى القمة، بل فى أن يعرف طريقه، ويثبت عليه، ويقاوم ما يُضعفه فالقوة التى تُبنى فى الأعماق، هى التى تمنحه الثبات وقت العاصفة، والبصيرة وسط الضباب، والهدوء فى وجه الفوضى . حين ينشغل الإنسان بإصلاح نفسه، وتنمية وعيه، وتطوير قدراته، يصبح أكثر وعيًا بقيمته، وأكثر قدرة على اتخاذ قرارات ترسم له طريقًا نقيًّا، واضحًا، نابعًا من إرادته لا من ضغوط العالم من حوله. هذه الرحلة لا تحتاج إلى ضجيج، بل إلى صدق مع النفس، وإرادة لا تنكسر، وشجاعة فى مواجهة ما يجب تغييره . ما يملكه الإنسان فى داخله من وعى، وطموح، وصبر، هو زاده الحقيقى فى الحياة. من يعمل على نفسه بإخلاص، يزرع فى قلبه نورًا لا يخفت، ويضع فى طريقه خطوات لا تضل. ومن يختار أن يبدأ من داخله، يملك المفتاح الذى يفتح له أبوابًا لم يكن يظنها ممكنة.
حفظ الله مصر وحما شعبها العظيم وقائدها الحكيم