تتجه الأوضاع فى منطقة السويداء نحو الهدوء الحذر بعد الاتفاق على وقت اطلاق النار بوساطة أمريكية بعد أحداث كان لإسرائيل دور فيها بداية من الاعلان عن حماية الطائفة الدرزية مرورا بالعدوان على دمشق والقصر الرئاسى بخلاف الإعلان عن منح قــوات الأمن السورية مهلة تتجاوز 48 ساعة لإصلاح العلاقات بين البدو والدروز مع السماح لعدد محدود من القوات السورية بدخول مدينة السويداء وتقديم المساعدات من خلال الصليب الأحمر السورى ومنع اعضاء الحكومة السورية المؤقتة من دخول السويداء ووجد هذا دعماً من القوى الإقليمية الفاعلة فى الملف السورى وكشف المستور من أطماع.
مسألة إخضاع سوريا وفرض الوصاية عليها جاء فيما كتبه المدير العام الأسبق للشئون السياسية والامنية بوزارة الخارجية الفرنسية – جيرار أرنو – حين أكد على أن رسالة إسرائيل واضحة فهى ترفض عودة الجيش السورى للجنوب وتطالب بمنطقة منزوعة السلاح تحت سيطرة المليشيات الدرزية لم يواجه هذا بأى معارضة دولية.
أزمة السويداء تثبت أن إسرائيل لا تسعى لإعادة توحيد سوريا بل أضعافها أو حتى تقسيمها لدويلات ست عرقية دينية إثنية مما يساعد على استمرار الفوضى التى نشأت بعد سقوط نظام الأسد الابن ولذا يسعى الكيان لتعزيز نفوذه فى سوريا وخاصة الجنوب السورى.
يؤكد مراقبون للشأن السورى أن ما حدث من اشتباكات بين الدروز وعشائر البدو لا يعود لعداوات أو خلافات بل لعب الواقع السياسى المعقد الذى تعيشه سوريا الشرع دوراً فى إبراز ما تحت الرماد من خلافات لأنه فى نظرهم لم يقوم بالوفاء بأى وعود قطعها على نفسه اعتمادا منه على أن استقرار حكمه الجديد يعتمد على إرضاء الخارج وخاصة أمريكا وإسرائيل غافلا عن استياء الدروز والأكراد والعلويين والمسيحيين وقطاع من السنة الذين يرون أن المسار السياسى الراهن لا يمثلهم ولا يوفر لهم الأمن ولذا لجأوا لتحقيق الأمن الذاتى بتكوين مليشياتهم الخاصة استمرارهم فى حمل السلاح وهذا ما استغلته إسرائيل ولعبت على تكريسه لاستمرار التوتر من اجل الوصول الى غايتها المتمثلة فى التقسيم رغم عدم الترحيب الامريكى الظاهرى لفكرة التقسيم لدويلات والحديث الأمريكى المعلن عن سوريا الموحدة وجيش واحد وعدم دعمها للانفصال بعد التجارب الفيدرالية فى العديد من الدول والتى ثبت عدم جدواها.
رغم هذا إلا أن هناك من يطالب بالتقسيم لضمان الحماية الجماعية للفئات الدينية والإثنية مما يعنى ان تصبح هناك ست دول تحمل المسمى السورى.
تبقى أحداث السويداء ما هى إلا صراعا مكتوما بين إسرائيل من ناحية وتركيا من ناحية أخرى فإسرائيل تسعى لاستمرار الفوضى لتحقيق ما يعرف بممر داوود وفرض شروطها فى اى مفاوضات مقبلة .. أما تركيا تريد استقرار سوريا ومنع إسرائيل من التدخل فى رسم المرحلة الانتقالية لأن استقرار سوريا يعنى توفير أحد أهم عناصر الأمن القومى التركى اضافة الى ان يكون لها الكلمة العليا فى سوريا الموحدة صاحبة الموقع الإستراتيجى المهم لأى مشروعات دولية فى مجال الطاقة والاقتصاد.