الاحتفال برموز وأساطير السينما العالمية جزء أصيل من ثقافة واهتمام الناقد والمخرج صلاح هاشم أحد طيور مصر المهاجرة فى باريس، والذى أصدر هذا الأسبوع أحدث كتبه بعنوان «شخصيات ومذاهب سينمائية»، ولعل الشكل المختلف للكتاب هو أول ما يلفت الانتباه إليه، فالغلاف يشبه لوحة الكلاكيت السوداء فى ستديوهات السينما وهى لوحة عرضية وليست طولية، ومن هنا جاء الشكل المختلف للكتاب.
يتحدث صلاح هاشم فى كتابه الجديد عن صيف باريس الهادئ عندما يرحل سكان المدينة إلى شواطئ الجنوب وتبقى المدينة الساحرة «مدينة النور» ملكاً لعشاق السينما الذين يذهبون للعروض الاستعادية للأفلام القديمة التى تزداد قيمتها مع مرور الزمن مثل أفلام المخرج الإيطالى فريدريكو فيللينى «روما» و»الطريق» و»أفاركورد إنى أتذكر» و»المقابلة»، كذلك تعرض دور السينما أفلام المخرج الفرنسى «جان رينوار» وأكثرها شهرة «غداء على العشب» و»بودى الذى نجا من الغرق».
ينقسم الكتاب إلى ثلاثة أجزاء.. القسم الأول بعنوان «فيلم ومخرج» والقسم الثانى «شخصيات ومذاهب» والقسم الثالث «تأملات فى سينما وعصر»، وكتب هاشم عن المخرج الفرنسى الراحل فرانسوا تروفو بمناسبة المعرض الذى أقامه السينماتيك الفرنسى عن حياة وأعمال «تروفو»، وقد اختارت إدارة المعرض عبارة صادقة للمخرج الراحل حيث يقول: «أصنع أفلامى لكى أحقق الأحلام التى راودتنى فى فترة المراهقة لكى أسعد نفسى وأسعد الآخرين أيضًا إذا كان ذلك ممكنًا»، وهو هنا يشير إلى أن صناعة الأفلام تمنح المبدعين الفرصة لصناعة السعادة أيضًا.
ويتحدث هاشم عن المخرج البريطانى الشهير ألفريد هتشكوك بعد مشاهدته للفيلم الذى يحمل اسمه من إخراج ساشا جيرفيه وبطولة النجم الكبير أنطونى هوبكنز والذى يقدم لمحات من السيرة الذاتية لملك أفلام الرعب خاصة الفترة التى أخرج فيها فيلم «سايكو» عام 1960 وتمرده على القيود التى أرادت هوليوود أن تحاصر بها إبداع هتشكوك، ويشير الفيلم بوضوح إلى أهمية الدور الذى قامت به السيدة «ألما» زوجة هتشكوك لأنها كانت تعمل مساعدة له فى العديد من أفلامه، وتتدخل للتدقيق فى سيناريوهاته وتعديلها وكتابتها من جديد إذا لزم الأمر، وقد قامت النجمة هيلين مايرن بدور زوجة هتشكوك فى الفيلم.
وفى مقال بعنوان «أندريه بازان وعقدة الفراعنة» يكتب صلاح هاشم عن سهرة «مصر ألف صورة وصورة» التى نظمها معهد العالم العربى فى باريس وعرض خلالها فيلم «كيلوباترا» إخراج جوزيف مانكوفيتش وبطولة النجمة اليزابيث تايلور ومدة عرضه تزيد على الأربع ساعات، ويتذكر هاشم مقالا للمخرج والناقد الفرنسى أندريه بازان عن علاقة السينما بالحضارة المصرية القديمة، وكيف أن المصرى القديم أراد تخليد الإنسان بتحنيط الجسد، وفنان السينما يريد أيضًا تخليد الحياة بإبقائها حية على الشاشة وتعيش فى الذاكرة للأبد.