كانت من اهم مباديء ثورة 23 يوليو التى نحتفل بها اليوم هى انشاء جيش وطنى قوي، ولان هذا كان مطلبا جماهيريا وليس فقط لابناء القوات المسلحة وذلك بهدف حماية الارض.
فقد ظلت هذه الارض تشارك المصريات فى ابنائهن وازواجهن حتى ان كل الامهات ارتضت بان تكون لابنائهن ام ثانية وكذلك لم تجد بديلا عن الرضا هؤلاء الخطيبات والزوجات عندما اكتشفن عشق خطابهن وازواجهن لهذه الأرض (!)
حدثتنى الكثيرات من الامهات عن رغبة ابنائهن فى احتضان سيناء لهم، بل وزاد الامر عجبا ان تحولت غيرة الخطيبات من عشق خطابهن لسيناء ان كان المهر لهن حفنة من تراب سيناء (محررة).
أتذكر ما قاله لى ابن قرية شنبارة البطل محمد المصرى رحمه الله عندما اراد ان يتم خطوبته قبل ذهابه لسيناء قبيل 1973 بأن طلبت منه خطيبته (شوية من رمل سيناء) ليكون هذا هو مهرها حتى توافق على تمام الزواج، لكنه عاد لها بسبع وعشرين دبابة ومدرعة إسرائيلية مدمرة وضرب الرقم القياسى عالميا فى تدمير الدبابات وانفرد البطل بهذا الرقم حتى الان، وكذلك طلبت الام الثكلى والدة الشهيد البطل محمود ناجى من زملاء الجبهة فى سيناء بعضا من رمال سيناء التى سالت عليها دماء وليدها عندما جاءته طلقة المجد فى موضع سجوده لله فخر ساجدا على تراب سيناء يسيل دمه الطاهر يخضب ارضها والاعجب ان هذه السيدة البطلة قد اهدتنى حفنة من تلك الرمال من سيناء المخضبة بدماء فلذة كبدها.
وكثيرات من اخوات الشهداء مثل رانيا اخت الشهيد نقيب محمد عبد الحميد رضوان،وسالى اخت الشهيد عقيد احمد حسين واخت الشهيد نقيب خالد دبابة واخت الشهيد رائد كريم فؤاد جميعهن قلن ذات المعنى كما قالت لى اخت البطل محمد هارون الذى لقبه اهل سيناء بأسد سيناء ان الشهيد كان يقول لامه:» … سيناء يا امى قد باعها الخونة بالبخس وعلينا استردادها بالغالى والثمين» وعندما سألته امه عن هذا الثمن الغالى والثمين مقابل استعادة سيناء، قال لها:»… هما الروح والدم يا امي».
وهذه ماما عفاف والدة الشهيد محمد انور تقول لرئيس الجمهورية فى عيد الشرطة:» الحقيقة ان ابناءنا الشهداء هم من كرمونا بأن نادانا المصريون: بامهات الشهداء، وتلك منزلة يعلم قدرها الله، حقا ابنى شرفنى بان اصبحت انا ام البطل» وتعود البطلة ام البطل لترجو من المصريين ألا يضيعوا دماء الشهداء هدراً، وذلك بان يحفظوا لمصر سيناء التى حفظها الله بدماء ابناء المصريين، فلا يحق لأحد ان يفرط فى حبة رمل مروية بأطهر دم، هو دم الابناء ومن قبلهم الاباء(!)
وكم من ابنه غاب عنها والدها فى سيناء وقت ميلادها او عند دروسها وامتحاناتها ومرضها وعلاجها بل وعندما تجهزت كخطيبة او تزينت كعروسة كانت سيناء الشريك الاكبر فى كل هذا وورثت الابنة عشق سيناء رغم كل هذا من والدها الذى ربما فى اغلب الاحوال والاحيان ظل هناك فى سيناء ولم يعد لابنته الا فى احلامها(!) تماما كما حكت مها ابنة الشهيد العميد احمد زكى ومثلها ابنة الشهيد العميد الجعفرى التى كانت تكتب له مساء كل يوم ليأتيها فى منامها.
وكم من امهات وآباء حكوا عن جهوزية بيت الزوجية وبدلة الزفاف بل وتحديد ميعاد الزواج ورغم كل هذا تسبق سيناء العشق الاكبر فى الزفاف على العرسان وتعرج بهم الى ربها وربهم فى حياة عند ربهم يرزقون ومنهم النقيب خالد والمجند احمد والمجند ابانوب والملازم اول احمد و… وما اكثر خطاب سيناء الذين عشقوها حتى الخلود واستحقوا ان يحيوا فى وجدان المصريين وذاكرتهم الى الابد، فتلك سيناء العشق والمهر وهذا ثمنها الروح والدم.
والعهد امام الله الا نفرط فى هذا الشرف ولا نخون هذا الدم … وحتى ينتزعوا منا الروح لن نترك سيناء.