ثورتا 23 يوليو 1952 و 30 يونيو 2013 حدثان متميزان ومهمان فى تاريخ مصر الحديث والمعاصر، ارتبطا برغبة الشعب فى التغيير ومواجهة تحديات سياسية واجتماعية واقتصادية وكان لشجاعة الجيش المصرى دور مهم فى نجاحهما وتحقيق أهدافهما.
فثورة 23 يوليو بدأت كحركة عسكرية بقيادة تنظيم الضباط الأحرار، والتف حولها أبناء الشعب بهدف إسقاط النظام الملكى وإقامة جمهورية، وتحويل نظام الحكم إلى جمهورية رئاسية لتحقيق الاستقلال الوطنى والعدالة الاجتماعية.
بينما بدأت ثورة 30 يونيو كمظاهرات شعبية واسعة تطالب برحيل الرئيس محمد مرسى وحكم جماعة الإخوان الإرهابية وانحاز إليها أبطال الجيش والشرطة لمواجهة حالة الاستقطاب السياسى والاحتقان الشعبى بسبب أداء الحكومة والسياسات التى اتبعتها.
من هذا المنطلق تعتبر ثورة 30 يونيو امتدادًا لثورة 23 يوليو فى سعى الشعب المصرى لتحقيق الديمقراطية والعدالة الاجتماعية والكرامة الوطنية، وكلتاهما تمثلان لحظات فارقة فى تاريخ مصر الحديث، حيث تعبران عن إرادة الشعب المصرى فى التغيير ومواجهة التحديات.
بناء الجمهورية الجديدة، قوامها وبنيانها من الحق والعدالة والمساوة، هو امتداد من ثورة 23 يوليو مرورًا بثورة 30 يونيو، التى قادها السيد الرئيس عبد الفتاح السيسى، لإنقاذ مصر من جماعة الإخوان الإرهابية، وبزوغ فجر جديد يتحقق فيه حلم كل مواطن مصرى فى حياة كريمة عادلة، وخير يعم كل أرجاء البلاد.
وستظل ثورة 23 يوليو 1952، من أهم الثورات التى قامت ضد الفقر والجهل، وإلغاء الملكية وإعلان الجمهورية وطرد الاحتلال البريطاني، فهى كما ذكرت فى البداية ثورة قام بها الضباط الأحرار فى الجيش المصري، وساندها جموع الشعب.
فإذا عدنا إلى الماضى ونظرنا للمستقبل نرى أنه لا فرق بين الثورات المصرية التى اندلعت من قلب الشارع المصرى لتقف أمام العنصرية والاضطهاد الذى كان يحدث بين الحكام، وهذا هو الرابط القوى بين ثورتى 23 يوليو و 30 يونيو، فكلتاهما تصدى للعنصرية، والطبقية، لتتم إقامة العدالة الإجتماعية بين كافة طوائف المجتمع، ونرى أن الجيش المصرى دائمًا كان يقف بجانب الشعب، ولم يخذله يومًا.
وذلك أيضًا ما حدث مع الرئيس الإخوانى المخلوع محمد مرسي، بعد عام وثلاثة أيام قضاها فى الحكم، ارتكب خلالها أخطاء فادحة أنهت العلاقة بينه وبين الشعب، فى غياب العدالة الاجتماعية وتقسيم الدولة بين مؤيد للشريعة فـهو مُحب للرئيس وعشيرته المخربين، وبين معارض للشريعة، فيطلقون عليه «علماني»، فكانوا يفسرون الديانة الإسلامية وفق مصالحهم الشخصية وأغراضهم الخبيثة.
على نفس المنوال اندلعت ثورة 23 يوليو المجيدة، للقضاء على الطبقية التى كان يستخدمها الملك فاروق، وكان زمام الحكم له ولـحاشيته فقط، حيث كانت العائلة المالكة والمقربون منها من البشوات والأجانب، يحصلون على كافة الامتيازات بينما كان الشعب المصرى يُنظر إليه بنظرة تقليل واستحقار، مع غياب العدالة الاجتماعية، مما جعل الشارع المصرى يغضب ويهيج على حكم الملك فاروق، فالنظام الطبقى لا يعرف أبدًا العدالة الاجتماعية، ولا يراعى مصالح الشعب، ومن ثم كان غياب العدالة الإجتماعية سببًا لقيام ثورة يوليو، وكانت مصر فى هذا الزمان تعد واحدة من أغنى دول العالم، وكانت تُقدم قروضًا للدول الأوروبية ولكن الثروات كانت توزع بشكل غير عادل.
فيما اشتعلت ثورة 30 يونيو عام 2013، لأن محمد مرسى كان مثل الملك فاروق، يمارس العنصرية مع أبناء الوطن وقسم المجتمع بين مؤيد للمشروع الإسلامى الذى كان يتمثل فى الرئيس وجماعة المخربين، دون أن يقدموا دليلاً واحدًا عن المشروع، وبين معارض يتم وصفه بـ»العلماني»، واتهامه بالخروج على الحاكم، وبدلا من أن يتجه الشعب للإنتاج والعمل، أصبح يتجه للعراك بين التأييد والمعارض وكانت البلاد على وشك الدخول فى حرب أهلية تهدد هويتها بل وبقاءها لولا تلاحم أبطال الجيش والشرطة وانحيازهم للملايين من أبناء الشعب الذين ملأوا الشوارع والميادين إبان ثورتنا العظيمة فى الثلاثين من يونيو معلنين رفضهم القاطع لحكم الجماعة الإرهابية ورئيسها الفاشل.