- الطب الشرعي يسابق الزمن لكشف السر.. والنيابة تواصل التحقيق
- والد الضحايا يصارع الموت بالمستشفى.. والفزع يسيطر على الأهالي
في تطور جديد ومفاجئ لوفاة خمسة أطفال أشقاء من أسرة واحدة في ظروف غامضة، لفظت الطفلة السادسة “فرحة” (14 عامًا) أنفاسها الأخيرة داخل المستشفى، متأثرة بإصابتها بحالة إعياء شديد، لتلحق بباقي إخوتها الذين انتهت حياتهم تباعًا وبنفس الطريقة وخلال ساعات معدودة، دون أسباب واضحة. هزت هذه الكارثة الأسرية أرجاء محافظة المنيا، ويعيش أهلها في رعب وفزع بسبب الغموض الذي يحيط بهذه القصة المحيرة لكافة الأجهزة المعنية حتى الآن، بينما لا يزال والد الضحايا داخل العناية المركزة بالمستشفى في حالة سيئة ويحاول الأطباء إنقاذ حياته.
تفاصيل المأساة
دارت أحداث المأساة المروعة في قرية دلجا التابعة لمركز دير مواس بصعيد محافظة المنيا، عندما تلقت مديرية أمن المنيا إخطارًا من مستشفى ديرمواس المركزي بوصول ثلاثة أطفال أشقاء في حالة إعياء شديدة، وهم: محمد نصر محمد (11 عامًا)، ريم نصر محمد (10 أعوام)، وعمر نصر محمد (7 أعوام). توفي الأطفال تباعًا خلال ساعات قليلة في ظروف غامضة، بينما نُقل شقيقهم الرابع أحمد نصر محمد (5 أعوام) إلى العناية المركزة، لكنه فارق الحياة هو الآخر ليلحق بهم بعد حوالي 24 ساعة من رحيلهم، وسط صدمة وأحزان الجميع من الأهل والأقارب، وخرجت الجثامين في جنازة جماعية مهيبة.
الضحية الخامسة
بعد أيام قليلة وفي نفس الأسبوع، تدهورت حالة الطفلتين الشقيقتين “رحمة” و”فرحة” بمجرد خروجهما من مستشفى صدر المنيا استعدادًا للعرض على النيابة العامة وسماع أقوالهما في محاولة لحل اللغز. لكن سوء حالتهما أدى إلى إعادتهما إلى المستشفى مرة أخرى سريعًا بعد ظهور أعراض مرضية مشابهة، عبارة عن ارتفاع شديد في درجة الحرارة، وقيء متواصل مع إسهال حاد وتشنجات عصبية، واضطرابات في الوعي. ورغم الجهود الطبية، توفيت “رحمة” ليصبح عدد الضحايا خمسة أطفال من الأسرة، وبعدها توفيت الشقيقة السادسة والأخيرة بنفس الطريقة المريبة والغامضة للجميع وحتى الآن.
غموض الحادث
باشرت النيابة العامة بمركز ديرمواس التحقيقات بإشراف المحامي العام لنيابات جنوب المنيا، في محاولة لكشف ملابسات الواقعة وبيان وجود شبهة جنائية من عدمها. تم انتداب الطبيب الشرعي لتشريح جثمان الطفل الرابع، أحمد، وأخذ عينات منه لتحليلها في معامل وزارة الصحة، بينما نُقل جثمان “رحمة” إلى ثلاجة حفظ الموتى بمستشفى صدر المنيا للتشريح لتحديد أسباب الوفاة قبل التصريح بالدفن. ومن المتوقع صدور نتائج تحليل العينات المأخوذة من الطفلتين خلال ساعات قليلة.
استدعت النيابة فريقًا من الطب الشرعي لفحص الجثامين، والتي تبين خلوها من أية إصابات ظاهرة، بينما أرسلت وزارة الصحة لجنة وقائية إلى منزل الأسرة لفحص البيئة المحيطة، والتي تشمل عينات من المياه والطعام، للتحقق من وجود ملوثات أو سموم قد تكون وراء الحادث.
تقارير الصحة
أصدرت مديرية الصحة بالمنيا بيانًا رسميًا نفت فيه بشكل قاطع أن تكون الوفيات ناتجة عن التهاب سحائي، كما تردد في البداية، مؤكدة أن الأطفال كانوا يتلقون تطعيماتهم بانتظام، مما يقلل احتمالية الإصابة بهذا المرض. وأوضح البيان أن استجابة الأجسام للعدوى تختلف حسب العمر والمناعة، مما يجعل وفاة الأطفال في توقيت متقارب بسبب مرض معدٍ غير منطقي طبيًا. وأكدت الوزارة أن التشخيص المبدئي يرجح إصابة الأطفال بحالة إعياء حادة نتيجة عوامل غير معروفة، مشيرة إلى أن التحاليل ستحدد ما إذا كانت الأعراض ناتجة عن تسمم غذائي، كيميائي، أو مرض آخر.
رواية العم
روى علي محمد، عم الأطفال، تفاصيل ساعات الرعب التي عاشتها الأسرة، مشيرًا إلى أن الأطفال كانوا بصحة جيدة قبل تناول وجبة طعام أخيرة، أصيبوا بعدها جميعًا ومعهم الأب بحالة إعياء شديد. وأضاف أن حالة “رحمة” كانت صعبة للغاية، حيث استمرت تعاني من القيء وارتفاع الحرارة حتى وفاتها، ولم يُسمح له برؤيتها في ساعاتها الأخيرة بسبب منع الزيارات عنها بالمستشفى.
سيطرت حالة من الصدمة والفزع بين أهالي قرية دلجا، وطالب الأهالي أجهزة الدولة المختلفة بسرعة كشف أسباب الوفيات التي جعلتهم يعيشون في رعب دائم وأحزان لا تنتهي بسبب تلك الكارثة والمصيبة التي حلت بهم فجأة وبدون سابق إنذار.
ورغم نفي وزارة الصحة لفرضية الالتهاب السحائي، أثارت الواقعة شبهات حول احتمالية التسمم الغذائي أو الكيميائي، خصوصًا بعد تصريحات العم التي أشارت إلى تناول الأسرة وجبة طعام قبل ظهور الأعراض. أكدت مصادر طبية أن الأعراض الحادة، مثل التشنجات وفقدان الوعي، قد تكون مرتبطة بتعرض الأطفال لمادة سامة، سواء من الطعام أو البيئة المحيطة. ولا يزال التحقيق مستمرًا لبيان ما إذا كان الحادث مرضًا أم به شبهة جنائية.