تحليل: ماهر فرغلى
لم يعلن الإخوان عبر تاريخهم أى ارتباط بين الجماعة وبين أى عمليات اغتيال وعنف، بما فيها حادث اغتيال النقراشي، لكنهم أعلنوا على موقعهم الرئيسى البيان التأسيسى لحركة العقاب الثوري، وبيان تأسيس كتائب حلوان، وكلاهما النواة الحقيقية لحركة حسم الإرهابية، التى تم الإعلان عن تأسيسها عام 2016، فى أتون صراع بدأ يتشكل ما بين اللجنة الإدارية، التى كانت تقودها الجماعة بقيادة الإرهابي محمد كمال، وقيادة الجماعة الإرهابية نفسها وعلى رأسها إبراهيم منير ومحمود عزت ومحمود حسين، والذين اختلفوا حول درجة العنف، وليس حول المواجهة بشكل عام مع الدولة المصرية.
تم حسم الصراع لصالح محمود عزت، وقتل محمد كمال على يد الشرطة المصرية خلال تبادل لإطلاق النار في محاولة للقبض عليه، لكن الحركة كانت موجودة إلى عام 2019، حتى وقعت عملية معهد الأورام، التى أثرت على شعبية الحركة ودفعت إبراهيم منير لإجبار قادة الحركة خارج مصر بإيقاف عملياتهم مؤقتاً.
فى الفترة ما بين عملية معهد الأورام 2019 وحتى عام 2025 جرت محاولات لإعادة الحركة الإرهابية، وكان منها إصدار فيديو بعنوان (الكمين القاتل) حول عملية الواحات على يد تنظيم القاعدة للإرهابى هشام عشماوى، والذى كان يشير إلى التعاون بين التنظيمين، ثم إنشاء (طلائع حسم) التى أصدرت الفيديو الأخير خلال هذا الشهر.
ينفى الإخوان ارتباط حسم بهم، إلا أن الهيكلية والأشخاص المنتمين للحركة كلهم من جماعة الإخوان الإرهابية، مثل: يحيى موسي، وعلاء على السماحي، ورضا هلال، زعيم الحركة الآن.
أما أهداف الحركة وأيديولوجيتها فهى قطبية بامتياز، حيث صدرت للحركة مجموعة من الإصدارات منها: فيديو قاتلوهم 2017 – أزيز الرصاص 2018 – الكمين القاتل 2019 – سبيل المؤمنين 2025، كما صدرت لها مجموعة إصدارات مكتوبة منها: فقه المقاومة الشعبية – رؤيتنا – عقيدتنا الجهادية -أبجديات الحرك المسلح، وكل الإصدارات السابقة يوجد بها النفس الإخواني، وتعبر عن فكر الإخوان الإرهابية، وتمدح فى قادتها المجرمين حسن البنا وسيد قطب، ومحمد كمال.
منذ عام 2019 ارتضى قادة الإخوان الإرهابية أن يؤسسوا فى هدوء لمؤسسات جديدة فى الخارج، ومنها كوريا الجنوبية والفلبين والبوسنة والسنغال وجنوب إفريقيا، كما أطلقوا عدة مشاريع أهمها ما يسمى بـ «المقاومة الإيجابية والفعل الثورى المبدع»، وهو مصطلح من إنتاج القائم بأعمال المرشد محمد كمال قبل مقتله، منتهزين بذلك الإخفاقات التنظيمية، التى تعانى منها الجماعة بشكل عام، وبدءًا من عام 2018 أسس ما يطلق عليهم الكماليون، الذين سيصبح اسمهم (تيار التغيير -الإخوان)، ومنذ عام 2022 بدأت مؤسسة ميدان، المعبر عن تيار التغيير، وجناحه العسكرى (حسم) الظهور إعلاميا، لعدة أسباب منها: أولاً، استغلال أحداث قطاع غزة الدموية والمستمرة لخلق بؤرة للحراك الجماهيري، وثانياً الإلهام الحركى الذى قدمه نجاح هيئة تحرير الشام فى الوصول لحكم دمشق. وللأسباب السابقة بدأنا نشهد نشوء بعض المؤسسات المعنية بشكل كبير بتجهيز شباب الإرهابية فكرياً، تحت إدعاء (العمل الثوري)، وفى يوم 24 / 1 / 2022 استضافت مدينة إسطنبول، مؤتمراً تحت عنوان «شباب التغيير، عقد من النضال وخطوة للمستقبل»، شارك فيه عدد من قيادات حركة «حسم الإرهابية»، وعبّر المتحدث الرسمى لحسم عن مسألة الظهور والاختفاء بأنها سياسية وحسب ما يقتضيه الظرف، وأن هناك صناعة توازن نكايات لا إمكانات، وذلك فى مجلة (كلمة حق) الناطقة باسم الجبهة السلفية، المتحالفة مع تيار التغيير.. قدم تيار التغيير منذ شهرين ونصف سابقين على الإصدار الأخير (سبيل المؤمنين) ما يسمي: ملامح المشروع الإسلامي، وورقات بعنوان (الوثيقة الفكرية)، الذى ورد فيه عدة أهداف منها: العمل لتشكيل كتلة صلبة تساعد فى عمل حراك مسلح وإشعال شرارة تشجع الناس على الاندفاع إلى الشوارع.
رغم كل الخطط السابقة والتي كانوا يتوهمون أنهم قادرون علي تحقيق أهدافهم الإرهابية من خلالها نجحت الداخلية المصرية فى القضاء على طموحات حسم، والوصول للعناصر التى تم تكليفها بأعمال إرهابية في ضربة دمرت المخطط.
فى بولاق الدكرور..
حكاية جماعة إرهابية تعطشت للدماء
تصرف الأمن المصرى يؤكد مهنية الاستعداد وعبقرية اليقظة
تقرير: ماهر عباس
الجبن والخسة صفة لصيقة بجماعة الإخوان الإرهابية وأعضائها ومن يسير فى تيارهم الضال ومن يقرأ تاريخهم الأسود منذ تأسيس الجماعة فى عشرينيات القرن الماضى على يد مرشدهم الضال الأول حسن البنا يكتشف أن ملفاتهم تمتلىء بالكذب والخداع وأصبح الكذب عندهم عادة وعبادة وهذا ما تثبته تناقضاتهم ومواقفهم فهم يقودهم ناموس الخيانة وقاموسهم تجاه الأوطان لا يعرف إلا ذلك.. ومن يقلِّب فى صفحات تاريخ الإخوان سيجد أنهم مهما حاولوا تطهير أنفسهم تفضحهم أفعالهم وتكشفهم للشعب.
أقول هذا بعد بيان وزارة الداخلية الأحد الماضى الذى جاء كاشفاً وواضحاً وفاضحاً لهم وللمرتزقة السائرين فى فلكهم.. فالعملية الناجحة لوزارة الداخلية التى شهدها حى بولاق الدكرور ذلك الحى الشعبى الشهير تعكس حالة الخناق الشديد التى تتعرض لها الجماعة الإرهابية وضيق أفقهم وأن استقرار مصر وما تشهده من تنمية يزعجهم لأنهم دعاة خراب للأوطان بحسب إستراتيجية «تنظيمهم الدولي».
.. وبالنظر إلى عملية بولاق الدكرور الخاص بـ «حسم» الإرهابية التى يعود تشكيلها بعد 3 سنوات من فض اعتصام رابعة المسلح وهروبهم إلى الخارج بهدف أن يكون لهم ذراع مسلح مستوعب للقضية الحديثة فى تواصل مع أعوانهم فى الداخل وليس مهماً أن يكون قائد التنظيم الإرهابى مقيماً فى المنطقة الجغرافية التى ينفذون منها جرائمهم.. والهدف النهائى لهم هو نشر الفوضى والعنف ويدربون عناصرهم على ذلك وأمام نجاح الداخلية فى كشف أوراق الإرهابيين عقب المواجهات المتتابعة منذ 2013 إلى اليوم هرب عناصرهم التى تمدهم بالمعلومات والمال فى الخارج معتمدين على التواصل الاجتماعى والمنصات الإلكترونية.
.. فمن كان يسكن فى شارع صديق المنشاوى بالحى الشعبى الشهير بولاق الدكرور لم يكن يتخيل أن عمارة 7 أدوار وبها أكثر من 70 شقة فى حى مكدس بالبشر سيقطن بها الإرهابيون وهم المعروف عنهم أنهم يقيمون فى المدن الجديدة.. واختباؤهم فى الدور السادس بالعقار وسط هذه المنطقة يدعونا إلى الإشادة برجال الأمن الذى كشف الخلية الإرهابية ويقظتها ويؤكد أن المواطن عليه كشف هؤلاء الخطرين على الوطن والمواطن.
الواضح أن سيناريو الجماعة الإرهابية وذراعها المسلح هو إعادة مشاهد الفوضى وسط توتر فى المنطقة وهذا ما كشفه الأمن المصري.. الذى أحبط كل مخططاتهم السابقة فى محاولة زعزعة الأمن والاستقرار فى الوطن ضمن إستراتيجية الداخلية للحفاظ على مقدرات الدولة.
فقد ظن هؤلاء الدولة تعيش استرخاء أمنياً وسط حالة الاستقرار التى تعيشها الدولة لكن العيون الساهرة تتبعهم برياً وجوياً وبحرياً حتى لو اظهروا خاصة «حسم الإرهابية» أنهم فى حالة سكون..
فكرة «حسم» ميليشيات جديدة لخدمة أهداف الجماعة الإرهابية وخيوط الإرهاب واحدة اختباء بعد تدريب وإعداد وخرائط ثم تفجير هذا لمسناه فى سيناء على مدى سنوات طوال ونجحت الشرطة المصرية فى تطهيرها من أفعالهم الدنيئة ومع نجاح العملية الشاملة التى دفنت الإرهاب فى رمالها وفضح شعبنا العظيم خياناتهم من واقع الأرقام بعد سقوطهم فى 30 يونيو خاضت مصر مواجهة ضروس مع الجماعة الإرهابية وتعد المواجهة الأكبر فى تاريخ مواجهاتهم منذ عام 28 حتى 2013 والتى شهدت 3 مواجهات الأولى بدأت مع نشأة التنظيم واغتيالهم لعدد من القيادات بينهم النقراشى وعلى ماهر رؤساء الوزراء فى الأربعينيات ومحاولة اغتيال الرئيس عبدالناصر فى حادث المنشية بالإسكندرية وجاءت الموجة الثانية باغتيال الرئيس محمد أنور السادات فى ٦ أكتوبر 1981.
الموجة الثالثة الأعنف
الموجة الثالثة فى المواجهة المستمرة حالياً هى الأعنف بحجم ضحاياها حتى الآن حيث شهدت عمليات إرهابية وضحايا من الجيش والشرطة وأبناء الوطن فى كثير من المواقع وضرب الكنائس والمساجد وبعد نجاح أجهزة الأمن فى كشف الرجل الأول فى التنظيم محمود عزت بعد 7 سنوات من التخفى وراء الجدران ومع القبض عليه حصلت الأجهزة الأمنية على المعلومات الدقيقة عن الجماعة وخططها واقتصادها ولعلنا نتذكر أحداث مهمة خلال هذه الفترة نتوقف لتذكير المواطنين بأعمالهم الدنيئة عند حدثين مهمين الأول يوم 7 يوليو قبل نحو 8 سنوات فى ملحمة كمين البرث.. الذى استشهد فيه البطل أحمد المنسى وهى من المعارك الأشرس فى المواجهات مع الجماعة الإرهابية التكفيرية والحادث الثانى كان أيضاً على أرض سيناء فى نوفمبر من نفس العام حادث مسجد الروضة الذى بلغ عدد ضحاياه 350 شهيداً وغيرها من العمليات الإرهابية التى ارتكبوها فى مصر فى كل المحافظات ومنها ضرب الكنيسة البطرسية بالقاهرة وكنيستى طنطا وحلوان واستطاعت أجهزتنا الأمنية القضاء على عناصرهم المؤثرة وكشف خلاياهم استباقياً مما كشف خططهم قبل القيام بها.. ومن خلال المواجهة نجحت مصر فى إحكام حصار خلاياهم النائمة والمؤلفة قلوبهم مع الجماعة الإرهابية بتجفيف التمويل ومنابعه وتراجعت عملياتهم الأمر الذى دفع دولاً عديدة للجوء إلى مصر للتعاون معها فى مواجهة الإرهاب
ويكفى التأكيد بحسب خبراء الاقتصاد بأن خسائر الإرهاب فى العشر سنوات الأخيرة تصل إلى أكثر من 70 مليار دولار ـ بحسب قراءة بحثية للمركز المصرى للفكر والدراسات الإستراتيجية.
وعلى مدى السنوات السابقة اتخذت الدولة العديد من الإجراءات التى شملت المواجهة الأمنية والفكرية والإعلامية بهدف توعية المواطن إلى خطورة هذه الآفة وتأثيرها على الوطن ومقدراته ووحدته الوطنية والذى أصبح يهدد الأمن القومى المصرى خاصة إذا علمنا ومن واقع الدراسة البحثية للمركز المصرى الفكرى للدراسات أن تكلفة الإرهاب تعود على المستويين السياسى والاجتماعي.
خريطة تخريبية
والمتابع لخريطة وإستراتيجية أهداف الجماعات الإرهابية يجد انها تتلخص فى إضعاف قدرة الجيوش الوطنية وزعزعة استقرارها والتأثير الاقتصادى على مقدراتها ومواردها ومنشآتها الحيوية والتأثير على موارد النقد الأجنبى والاستثمار والتجارة الخارجية وبث الإشاعات الكاذبة والعمل على تهريب رؤوس الأموال من الدول ويبحثون هنا عن الملف الأهم فى الاقتصاد وهو السياحة لما لها من تأثير على الاقتصاد الوطنى كرافد مهم من مكوناته وأيضاً التأثير على التوظيف للشباب بشل السياحة وكذلك التأثير على البنية التحتية السياحية من الفنادق وغيرها.. من إهدار للموارد البشرية للدول ومما لاشك فيه أن الاستثمارات الأجنبية تتأثر بالأحداث الإرهابية ويكفى هنا أن نذكر أن خسائر قطاع السياحة فى مصر من عام 2001 إلى 2018 بحسب دراسات إستراتيجية فى هذا الخصوص بلغت أكثر من 207 مليارات دولار مع تراجع معدلات النمو.
الوصول إلى الريف
ولا نذيع سراً أنهم فشلوا فى المدينة فلجأوا إلى القرى لنشر الإشاعات وترويج الأكاذيب ظناً أن الأطراف بعيدة عن المركز ـ العاصمة ـ فالإشاعة تسير بسرعة لكن أيضاً مثل هذه الأفعال التى يستخدمون فيها أحياناً منشورات فى الريف يكشفها المواطن وتفشل.
كما فشلوا فى خداع المواطنين بالخدمات الاجتماعية ومراكز علاجية والدولة الآن من خلال التحالف الوطنى للجمعيات الأهلية سد هذه الثغرات.
إن ما حدث فى الدور السادس ببولاق الدكرور بشارع محمد صديق المنشاوى يؤكد أن الدولة ضيَّقت عليهم الخناق تماماً وأن الداخلية بكل أجهزتها يقظة وسدت منافذ هؤلاء ومن واقع ما تم العثور عليه من كروت مواصلات تدل على البلدان التى يتحركون منها وأن جناح «حسم» كان يظن أنه بعيد عن عيون الأمن فوجد نفسه فى العمارة رقم 7 فى مدينة الشباب كل شيء تحت السيطرة ومرصود منذ سكنهم فى عقار بجوار شركة سياحية ومركز للغسيل الكلوى كما يخفون عنهم العيون وهذا يستلزم من المواطن أن يكون حريصاً على كل من يستأجر مسكناً أن يلتزم بإبلاغ الحى بمن ثم التأجير له لأن هذه الخلايا تنفذ من خلال «حُسن النية» الغالب على أبناء الشعب المصري.. وتم اختيارهم لمنطقة بولاق الدكرور ليس للمداراة فقط وإخفاء نشاطهم لكن أيضاً هى منطقة تتماشى مع المهندسين ويقطنها عرب وأجانب جاءوا إلى مصر كملاذ نتيجة للأزمات فى دولهم.
نجاح أمنى
وعلينا كمواطنين أن نتسلح بالوعى من أجل الحفاظ على الوطن والتأكيد أن الجماعة الإرهابية تعيش ودينها الإرهاب وزعزعة الاستقرار فى دولة رفعت شعار «يد تبنى ويد تحمى الوطن» وعقول يقظة تدافع عن مقدرات الوطن.
