أتوقف كثيراً أمام قانون الإيجار القديم رغم أننى واحدة من الذين سينتفعون من صدوره بعد سنوات عشنا فيها أصحاب الملك الذى لا يعود علينا إلا بالملاليم فى زمن لم يعد فيه للمليم وجود ، وبات من المنصف نسف هذه العلاقات الجائرة على حقوق أصحابها فى الاستمتاع بما يملكون ولكنى بلا شك أتعاطف مع هؤلاء الذين لا يمتلكون مأوى سوى هذه الوحدات المستأجرة ولم يدخروا للزمن ما يمكنهم من استبدالها بآخرى ولم يعد فى إمكانهم السعى من أجل تحقيق ذلك.
ولأصحاب الأملاك قصص وحكايات مع المستأجرين تحتاج لمجلدات لتسجيلها ورصدها ولا يخلو الكثير منها من غبن واضح وصريح للاستيلاء على الوحدات من أصحابها حتى أن فى بعض الوقائع فإن المستأجر الأصلى يتوفى ويأتى للوحدة من بعده أشخاص لا علاقة لهم بالمكان سوى بطاقة سجلت نفس العنوان واثنين من الشهود أقسموا على قول الزور ليظل الأمر حالة من النزاع لا تنتهى وسط مشهد فرض ضرورة تحرك الدولة لانتزاع حقوق هؤلاء الذين عاشوا فى معاناة لا تنتهى مع قانون جائر منح الحق لمن لا حق له وبات من الضرورة التدخل لتعديله.
وحتى تكتمل الصورة فلا يجب إغفال علاقة طيبة ربطت بين مجموعة من الملاك والمستأجرين حتى صاروا أهلاً وتناسوا هذا القانون العقيم بعد أن قرر المستأجر رفع القيمة الإيجارية مئات الأضعاف لتجد شقة قيمتها الإيجارية المسجلة فى العقود الستينية خمسة جنيهات قد ارتفعت لألف جنيـه فى عقد العشرة الطيبة.
وما يثير الغضب أن تجد شخصاً قد أكرمه الله واشترى لنفسه شقة بل فيلا فى كومبوند فاخر ومازال يحتفظ بشقة استأجرها والده فى الستينيات بعدة جنيهات وبعد وفاته تزوج الابن فيها ليحافظ على استمرار العلاقة الإيجارية ثم أكرمه الله بغيرها لكنه رفض تركها لابن صاحب العقار الذى لم يجد أمامه حلاً للزواج غير الإيجار الجديد ليتكبد دفع آلاف لا يتحملها راتبه شهرياً.
علاقة معقدة جاء القانون الجديد ليفك الاشتباك بين أطرفها خلال مدة بينية قد تكون كافية لتوفيق الأوضاع وتوفير البديل ومما لاشك فيه أن تطبيق القانون سيساهم فى زيادة المعروض من الوحدات السكنية بشكل يساهم فى خفض القيم الإيجارية بالقانون الجديد وهو أمر مطلوب فى ظل الإرتفاع المفاجئ فى الأسعار الذى سيطر على الكثير من المناطق السكنية التى يسكنها الأشقاء العرب.
الدولة تعهدت بتشكيل لجان أتمنى أن تنظر للأمور بشكل فردى ويكون هناك فحص لكل حالة على حدة لنكون فى النهاية أمام حل مرضى للجميع ويحقق حالة من العدالة وهذا ما ننشهده من القانون ليكون منصفاً للجميع.
فكرة اللجان المنصفة ليس بأمر جديد على الحكومة حيث سبق وطبقته عندما اتخذت قرار تطوير مثلث ماسبيرو ، وكانت غير مالكة للأرض ورغم ذلك حققت حلولاً مرضية لجميع الأطراف من خلال عدة خيارات ترجمتها رغبات قاطنى المنطقة فهناك من قرر الرحيل مقابل تعويض مالى حصل عليه وهناك من رفض الرحيل وقرر البقاء فكانت عودته بعد التطوير وآخرون وجدوا فى شقة بديلة حلاً أمناً فكان قرار الرحيل للأسمرات ومن كان قادراً على دخول هذا الملف الشائك والخروج منه بهذا التصور من المؤكد لديه أيضاً قدرة على فك علاقة معقدة تمتد لستينيات القرن الماضى.