العبيدُ هُمُ الذين يهربون من الحرية.. فإذا طردهم سيد بحثوا عن سيدٍ آخر، لأن فى نفوسهم حاجة ملحة إلى العبودية.. لأن لهم حاسة سادسة أو سابعة.. حاسة الذل.. لابد لهم من إروائها، فإذا لم يستعبدهم أحد.. أحست نفوسهم بالظمأ إلى الاستعباد، وتراموا على الاعتاب يتمسحون بها، ولا ينتظرون حتى الاشارة من أصبع السيد ليخروا له ساجدين.. العبيد هم الذين إذا أُعتقوا وأُطلقوا.. حسدوا الارقاء الباقين فى الحظيرة.. لا الاحرار المُطلقى السراح… لأن الحرية تخيفهم، والكرامة تُثْقِلُ كواهلهم « هذه الكلمات التى كتبها إمام المتطرفين فى العصر الحديث «سيد قطب» فى مجلة الرسالة فى عام 1952، كانت موجهة للإخوان وتنظيمهم السرى وجماعتهم التى شيدها حسن البنا على قواعد السمع والطاعة وعدم الخروج على البيعة، كان قطب يرى أن فكرة سمع الانسان وطاعته لإنسان آخر دون إعمال العقل ودون تفكير هو نوع رخيص من العبودية الاختيارية.
>>>
فعسى الإخوانى الذى بايع وأقسم ليس من حقه أن يفكر مطلقا، فهناك من يقوم بالتفكير نيابة عنه، وهناك من يتصل بالله نيابة عنه، كل ما على الإخوانى هو السمع والطاعة دون تفكير، من هنا أرى أن أفضل من تحدث عن عبودية الإخوان هو سيد قطب وها نحن نرى الإخوان يرفضون الحرية ويحملون مظلات حينما تمطر السماء حرية انتظارا لتعليمات المرشد، وهم لا يعلمون أن مرشدهم يرشدهم الى جهنم والعياذ بالله.
>>>
بقى أن تعرف أن سيد قطب كان أحد رجال هيئة التحرير التى آمنت بفكر ومبادئ ثورة يوليو وكان أحد أهم رجال الرئيس عبدالناصر فى ذلك الوقت، لكن عدم تعيينه وزيرا للمعارف جعله يصاب بحالة من الجنون، حيث ذهب لعبدالناصر غاضبا وقال له أنت وعدتنى وانا بلغت أهلى فى اسيوط أنى ساكون وزيرا للمعارف، شرح له ناصر أن القرار لمجلس قيادة الثورة والذى اختار كمال الدين حسين وزيرا للمعارف وبأنه سيكون رئيسا للإذاعة المصرية « أى سيد قطب».
>>>
فرفض وخرج غاضبا وانضم للإخوان كرئيس لتحرير مجلة «الإخوان المسلمون» وهنا سأله عبدالناصر « هل أنت من الإخوان ؟ فأجابه « لم أكن فكنت، هذه القصة وهذا السرد بهدف الوصول إلى فلسفة السمع والطاعة التى تمثل البنية التحتية لتنظيم الاخوان وكافة التنظيمات الارهابية فى العالم، الأداة والوسيلة هو تغييب العقل وتعطيل كل محركات التفكير، التيار الرجعى يقف حجر عثرة أمام التقدم والحداثة بمحاولاته المستميتة لفرض وصايته على العقل الجمعى.
>>>
هذا التيار الذى اقصده لا يقتصر فقط على تيار الاسلام السياسى بل يمتد الى تيارات فكرية متخلفة تتخيل أنها محافظة وهى لا تؤمن الا بالجمود التام، وهذه ليست دعوة – معاذ الله – للتخلى عن الثوابت او النيل من قيم وتعاليم الدين الحق، فالدين يحض على التفكير والتدبر والحرية وكذلك الاختلاف النابع من العقل وليس النقل، وهنا أتذكر فيلسوف الادباء وأديب الفلاسفة زكى نجيب محمود وهو يصرخ فى البرية منذ عقود قائلا» مجتمع جديد أو الكارثة « فأبو العلاء المعرى كتب: إنّ أهل الأرض أحد رجليْن..فإما أنْ يكون الرجل ذا عقل فلا يكون له دين.. وإما أنْ يكون ذا دين فلا يكون له عقل « وانا اقول لا، فذو العقل السليم سيكون ذا دين سليم وذو الدين السليم سيكون ذا عقل سليم ولا تناقض بين العقل والدين، لكن ما يجرى الآن وأمام أعين الجميع هو حرب وهمية بين أصحاب العقل وأصحاب الدين حول فطرة الانسان!
>>>
الذى خُلق ليفكر ثم يصل الى الحقيقة وهنا يعبدالله حق عبادته بالاصلاح فى الارض من أجل سعادة الانسان وتقدمه وخروجه من دوائر التخلف الخبيثة، لا أجد جسرا يربط بين هذا وذاك فى ظل غياب العقل وشيوع الخرافات واختفاء الحكماء، أصرخ هنا بأعلى صوت وأقول « مجتمع جديد لجمهورية جديدة أو الكارثة.