غزة تستغيث.. بكل الطرق، بصرخات أطفالها ونسائها وشيوخها.. بأرواح شهدائها ودماء مصابيها.. بحطام مبانيها.. ببيانات تشجب وتدين.. وبمطالب عجزت عن إنهاء معاناة شعب أعزل أصبح الموت رفيقه سواء برصاص إسرائيل أو بالتجويع القسرى الذى تفرضه عليه. ومع تفاقم المأساة وانهيار القطاع الطبى أمام هول حرب الإبادة ما كان بيد سائقى سيارات الإسعاف سوى إطلاق الصافرات بشكل موحد كنداء إستغاثة وتحذير من تفاقم المجاعة وتدهور الوضع الصحى علها تخترق آذان العالم الأصم.
كانت وزارة الصحة فى غزة قد أكدت أمس مجددا إن إسرائيل تستخدم التجويع سلاحا فى قطاع غزة والأطفال يموتون جوعا أمام عدسات الكاميرات، ووجهت نداء عاجلا مطالبة الجهات المعنية بالضغط على إسرائيل لإدخال المساعدات، مشيرة إلى أن ما يمارسه الاحتلال من منع إمدادات الدواء أدى لانهيار الوضع الصحى فى القطاع بالكامل.
وبحسب مصادر صحية فلسطينية فى غزة، استشهد أكثر من 900 شخص وأصيب 6 آلاف آخرين على الأقل من الباحثين عن لقمة العيش منذ بدء آلية توزيع المساعدات القاتلة. كما توفى 71 طفلا بسبب الجوع وسوء التغذية منذ بدء حرب الإبادة فى أكتوبر 2023.
وأمس سقط عدد جديد من ضحايا منتظرى المساعدات فى منطقة السودانية، شمال غرب مدينة غزة، بلغ 48 شهيدا و60 مصابا، جراء استمرار القوات الإسرائيلية باستهداف منتظرى المساعدات.
كما استشهد مواطنين آخرين جراء قصف قوات الاحتلال منتظرى المساعدات قرب مركز مساعدات الشاكوش شمال مدينة رفح الفلسطينية، جنوبى القطاع.
فى الوقت نفسه، استشهدت الطفلة رزان أبو زاهر البالغة 4 سنوات من العمر نتيجة مضاعفات سوء التغذية والجوع بمستشفى الأقصى بدير البلح، لتكون خامس حالة وفاة بسبب الجوع خلال 48 ساعة.
من جانبها، أعلنت وكالة الأونروا أمس أن السلطات الإسرائيلية تتعمد تجويع المدنيين فى قطاع غزة، من بينهم مليون طفل يعانون سوء التغذية ويواجهون خطر الموت.
أوضحت الوكالة فى بيان لها أنها تملك مخزونا كافيا من الغذاء لجميع سكان غزة لأكثر من ثلاثة أشهر، مخزنا فى مستودعات خارج القطاع، مطالبة برفع الحصار والسماح لها بإدخال الغذاء والأدوية، والسماح لها بأداء دورها فى مساعدة المحتاجين، خاصة الأطفال.
وعلى صعيد العمليات العسكرية، أعلن جيش الاحتلال أمس أنه يواصل توسيع عملياته فى مناطق متفرقة من قطاع غزة، مشيرا إلى تنفيذ ما وصفها بـ»هجمات مركّزة»، وتوجيه ضربات جوية لما زعم أنها «خلايا مسلحة كانت فى طريقها لاستهداف قواته.
كما أشار جيش الاحتلال إلى أن قواته فى محيط بيت حانون جنوبى شمال القطاع، نفذت هجمات مشتركة بين سلاح الجو ووحدة جفعاتي، تخللها ما قال إنه «اشتباك مباشر مع مسلحين»، إلى جانب تدمير أنفاق مزعومة.
قال الجيش الاسرائيلى إن سلاح الجو شن خلال الساعات الماضية أكثر من 75 غارة فى أنحاء متفرقة من قطاع غزة، استهدفت مواقع قال إنها «عسكرية»، من بينها مبانٍ وبُنى تحتية، على حد زعمه.
فى السياق، قالت مصادر فلسطينية إن جيش الاحتلال استهدف مدينة بيت حانون شمالى قطاع غزة بعشرات الغارات بشكل غير مسبوق، تعد أعنف موجات «الأحزمة النارية» منذ بداية الحرب فى قطاع غزة.
أضافت المصادر أن هذه التفجيرات أسفرت عن نسف كافة منازل المدينة وحولتها إلى ركام، مما أجبر الأهالى على النزوح قسرا.
أشارت المصادر إلى أن أصوات الانفجارات فى بيت حانون سُمعت فى مناطق قريبة من القدس المحتلة على بعد أكثر من 80 كيلو مترا.
أعلنت وزارة الصحة فى غزة، ان 130 شهيدًا، منهم شهيدان انتشال، و 495 مصابًا وصلوا لمستشفيات القطاع خلال الـ 24 ساعة الماضية.
من ناحية أخري، كشفت صحيفة «يديعوت احرنوت» الإسرائيلية أن اتفاق وقف إطلاق النار وصفقة تبادل الأسرى أصبح جاهزا وينتظر الاعلان عنه. وفقا لمصدر فلسطينى تحدث للصحيفة.
وصرّح المسئول الفلسطينى للصحيفة بوجود تقدم حقيقى نحو التوصل إلى اتفاق، وأضاف أن نقاط الخلاف قد تقلصت بشكل كبير، خاصة المتعلقة بانسحاب الجيش الإسرائيلى على بُعد بضعة كيلومترات على الحدود العازلة شرق قطاع غزة وهذا لم يعد يُشكّل عقبة كبيرة. وأضاف أن الجانبين يدركان أن مسألة الانسحاب لم تعد عائقًا رئيسيًا، وأن إسرائيل أوضحت أنه فى حال حدوث أى طارئ خلال وقف إطلاق النار، ستستأنف قواتها عملياتها فى قطاع غزة.
فيما يتعلق بنطاق المساعدات الإنسانية التى ستدخل قطاع غزة بموجب الاتفاق، أفاد المصدر الفلسطينى بأن «الضغط الأمريكى يؤثر على هذه النقطة أيضًا».