غنى عن الكلام أن نؤكد أن الحرب على العرب والمسلمين ما زالت قائمة ومستمرة على كل جبهاتها السياسية والاقتصادية والعسكرية فضلًا عن الثقافية والإعلامية فما زالت معركة الإبادة فى غزة قائمة بحماية أمريكية غربية دون توقف وما زالت العمليات فى سوريا من قبل العدو قائمة برعاية أمريكية تسعى إلى التقسيم فضلا عن السعى لاحتلال المزيد من الأرض السورية وإقامة صراع لبنانى سورى بالدعوة إلى ضم طرابلس اللبنانية إلى سوريا مع احتفاظ إسرائيل بالجولان كما تقول تسريبات ما يطلق عليه المحادثات الإسرائيلية الأمريكية السورية.
وما دامت الحرب قائمة ومستمرة فعلى أولئك الذين يدركون أنهم مستهدفون لحرب عسكرية إضافة إلى ما يشن عليهم من حروب اقتصادية وثقافية وإعلامية وقلاقل داخلية – عليهم أن يستعدوا.
والاستعداد لابد أن يتضمن – بالإضافة للقدرة العسكرية – التحصين من محاولات الاختراق التى تحقق للعدو نصرًا سريعاً.. وعليه أتصور أن أول ما يمكن الاستعداد به مهما كان صعبا هو التخلى عن الاعتماد على استيراد كل ما يتعلق بالالكترونيات التى أصبحت آلية فعالة وواسعة فى التجسس سواء فى ذاتها من خلال اختراقها فتتحول إلى مذياع وشاشة تليفزيون لدى العدو الذى اخترقها والموبايلات والسيارات الكهربائية أو أن تعد خصيصا لذلك فى المصانع التى صنعت بها كما شاهدنا فى الحرب على لبنان وكذلك إيران من خلال جهاز (البيجر) الذى صنع خصيصًا لينفجرفى قادة حزب الله فى اللحظة المناسبة وكذلك الموبايلات فقد قالت منظمة «سيمكس» المعنية بتعزيز الحقوق الرقمية أن شركة سامسونج للهواتــف المحمولة قامت بتثبيـــت تطبــيق «آبكــلاود» على هواتفــها من طـــراز A و M وهو غير قابل للحذف والذى طورته شركة إسرائيلية لجمع المعلومات عن المستخدمين بمنطقة شمال إفريقيا وغرب أسيا وهو تطبيق يأتى مثبتا مع الأجهزة.
وبالتالى فعلى الدول الجادة فى مواجهة أية اختراقات لها أن تقوم هى بنفسها بصناعة ما تحتاجه من هذه الأجهزة حتى تضمن ألا يحدث لها ما حدث فى لبنان وإيران من خسائر فادحة دون جهد حربى يذكر سوى تصدير أجهزة لإيران ولبنان أجهزة صنعت خصيصا للتجسس عليهما.
وإذا علمنا أن أحذية مفتشى هيئة الطاقة الذرية العاملين فى إيران كانت تحتوى على شرائح تنقل ما يصادفها أثناء البحث وهو ما أعلنه برلمانى إيرانى كبير وهو محمود نبويان نائب رئيس لجنة الأمن القومى والسياسة الخارجية فى البرلمان الإيرانى متسائلا : «لماذا نجد شرائح دقيقة فى المفتشين كلما دخل هؤلاء المفتشون منشآتنا النووية».
إذا علمنا ذلك تصبح مكافحة التجسس هدف الأهداف بل تصبح مراقبة المصانع المحلية التى ستقوم بصناعة ما كان يستورد من أجهزة ضرورة، فالجاسوس لا يكون من يراقب ويتعقب المعلومات ويصور فقط وإنما قد يكون الصانع الذى يصنع الجهاز ويستطيع أن يضع فيه ما يشاء دون الحاجة إلى طرف آخر أو اتصال أو نقل إلى آخرين وهنا يكون اكتشافه من الصعوبة بمكان.
وعليه فإن من الحكمة رفع شعار «الجهاد الصناعي» أو النضال الصناعى أو «الجهاد الاقتصادي» لأننا فى ذلك لا نقاوم التجسس ونسد منافذه فقط وإنما نوفر عملة صعبة وفرص عمل للخبرات وكذلك للشباب ونربى خبرات جديدة.
وأعتقد أن أى دولة عربية أو إسلامية تدعو شبابها العلماء وشبابها الباحثين عن عمل وكذلك رجال أعمالها بل فقراؤها إلى هذا الجهاد ستكون تلبية كل هؤلاء لهذا الجهاد مدهشة.