من المؤكد أن العالم أصبح يسير بخطى حثيثة وسريعة نحو نهايته بفعل مغامراته وأحلام جنون العظمة والتغطرس لتحقيق الهيمنة والسيطرة على عالم بات مستقبل الحياة عليه قاب قوسين أو أدنى وتلك حقيقة بات علماء المناخ يحذرون منها.. كل وذلك بفعل الإنسان القانون الإلهى ألا وهو أن ما يزرعه الإنسان إياه يحصد إذ أصبح هناك قناعة لدى خبراء البيئة أنه بالرغم من تلك التحذيرات بل إن شئت الدقة فقل الصرخات وتلك المؤتمرات الدولية العديدة للمناخ التى تحذر وتنذر الدول بأن درجات الحرارة قد تجاوزت مستوى 1.5 درجة مئوية المستهدف بحلول 2030 بكثير .. بل إنها قد تجاوزت 2 درجة مئوية ولعل ذلك هو السبب وراء تلك الكوارث الطبيعية المتتالية التى تضرب دول العالم بداية من الارتفاع الكبير فى درجات الحرارة وحرائق الغابات والفيضانات والأعاصير وموجات الجفاف ونضوب الموارد المائية.. وقد كشفت إحدى الدراسات الحديثة التى أجريت حول «البصمة الكربونية» خلال الخمسة عشر شهرا الأولى من الحرب على غزة بأنها ستكون أكبر من انبعاثات «الاحتباس الحرارى» السنوية لمئة دولة على حدة مما يؤدى إلى تفاقم حالة الطوارئ المناخية العالمية بالإضافة إلى ذلك العدد الهائل من القتلى المدنيين.. فقد توصلت إحدى الدراسات الحديثة إلى أن التكلفة المناخية طويلة الأجل لتدمير غزة وإعادة إعمارها قد تتجاوز 31 مليون طن من مكافئ ثانى أكسيد الكربون وهو ما يعد أكثر من إجمالى غازات الاحتباس الحرارى السنوية لعام 2023 التى تبعث من «كوستاريكا» و«إيستونيا».. وقد وجدت الدراسة أن وقود مخابئ «حماس» وصواريخها قد أسفر عن 3 ألاف طن من مكافئ ثانى أكسيد الكربون أى بما يعادل0.2 ٪ فقط من إجمالى الانبعاثات الناتجة عن الصراع بينما تم توليد 50 ٪ منها من خلال توريد واستخدام الأسلحة والدبابات والذخائر الأخرى من قبل الجيش الإسرائيلى.. من بين النتائج التى توصلت إليها الدراسة هى أن حرق «الوقود الأحفورى» قد تسبب فى حدوث فوضى مناخية حيث أجبرت الظواهر المناخية المتطرفة المدمرة أعداداً كبيرة على الهجرة ..وتعد منطقة الخليج من بين أكثر المناطق عرضة للطقس المتطرف والكوارث المناخية بطيئة الظهور بما فى ذلك الجفاف والتصحر ودرجات الحرارة الشديدة وعدم انتظام هطول الأمطار بالإضافة إلى «التدهور البيئى» وانعدام الأمن الغذائى ونقص المياه.. ويعد ذلك البحث الذى نشرته «شركة أبحاث العلوم الاجتماعية» جزءًا من الحركة المتنامية لمحاسبة الدول والشركات على التكاليف البيئية والمناخية للحرب والاحتلال بما فى ذلك الأضرار طويلة المدى التى لحقت بالأرض ومصادر الغذاء والمياه بالإضافة إلى عمليات رفع الركام وإعادة الإعمار.. من بين تلك الدراسات حول التكلفة المناخية طويلة المدى للتدمير العسكرى فى «غزة» والتبادلات العسكرية الأخيرة مع كل من اليمن وإيران ولبنان بما يعادل شحن 2.6 مليار هاتف ذكى أو تشغيل 84 محطة طاقة تعمل بالغاز لمدة عام أى بما يعادل 557،359 طن من «مكافئ ثانى أكسيد الكربون».. وقد صرحت «أستريد بوتنس» مقررة الأمم المتحدة المعنية بحق الإنسان فى بيئة نظيفة وصحية ومستدامة بأن هذا البحث المحدث يثبت الحاجة الملحة لوقف تلك الفظائع المتصاعدة والتأكد من امتثال إسرائيل وجميع الدول للقانون الدولى بما فى ذلك قرارات المحكمة الجنائية الدولية ومحكمة العدل الدولية.. واستطردت «بوتنس» قائلة سواء اتفقت الدول على وصفها «بالإبادة الجماعية» أم لا فإن ما نواجهه يؤثر بشدة على جميع أشكال الحياة فى «غزة» كما يهدد حقوق الإنسان فى المنطقة ويقلقه على الصعيد العالمى تفاقم التغير المناخى.