يظن البعض أن التخصصات العلمية تمنع الشباب من الاهتمام بالقضايا الاجتماعية أو المجتمعية بحيث ينشغلون بالمعادلات والأرقام ..لكن بعض الشباب المتحمس يستطيع الجمع بين تخصصه العلمى والرسالة المجتمعية والإنسانية وهذا ما فعلته سلسبيل حسن النجار فى مشروع تخرجها فى قسم الهندسة المعمارية والتصميم البيئى بالأكاديمية العربية للعلوم والتكنولوجيا دفعة ٥٢٠٢ وهو مأوى أو بيت للناجيات من العنف الأسري
Domestic violence shelter
بداية الفكرة موقف بسيط صداه كبير بداخل المهندسة الشابة : كانت تستمع لبرنامج أسامة منير وإحدى المتصلات حكت عن تعرضها للعنف فى بيتها وقالت بعجز:
«أنا نفسى أمشي… بس ماعنديش مكان أروحه.»
ظلت الكلمة على بال «سلسبيل» تتردد داخلها وتسأل نفسها: كيف تعانى السيدات حتى يومنا فى بيوتهن ولا يستطعن ترك العنف والمهانة بسبب عدم وجود مأوى أو بديل يرحب بهن ؟؟
حتى توصلت لفكرة مشروع التخرج.سقف إنقاذ للضحايا أو «مأوى للناجيات من العنف الأسري» مساحة آمنة تستقبل السيدات والأطفال ممن فقدوا الشعور بالأمان فى بيوتهن. ليكون أكثر من مجرد مكان مؤقت، بل مركز انطلاق لبداية جديدة لرحلة تعافى نفسية، جسدية، واجتماعية.
المأوى يستقبل السيدة فى لحظة فقدان، فى وقت لا تعرف اين تذهب حيث لا تجد مكانا بديلا ، ونبدأ معها رحلة من خمس مراحل، تنتقل فيها من الاستقبال، للدعم النفسي، للتعليم والتفاعل المجتمعي، وصولا للاستقلال والتمكين.
التصميم عبارة عن pixels أو وحدات: كل وحدة تعطى الناجية مساحة خاصة صغيرة تستطيع التحكم فيها، كأنها تستعيد جزءا من حياتها المفقودة، وكل وحدة فى التصميم تؤكد لها: هذه مساحتك الآمنة.
اختارت مصممة المكان أن تجعل التمكين ليس فقط داخليا… وإنما يحترم النسيج العمرانى الخارجي… باستخدام الألوان الترابية الطبيعية – مثل الطوب الأحمر والأخشاب كعناصر بيئية تندمج مع السياق وتؤكد قوة المكان واحتواءه للإنسان.
مؤكدة أن اختيار الألوان والخامات ليس فقط قرارا معماريا، لكنه أيضا رسالة نفسية: إن المكان ليس غريبا عنك، وأنتِ لست دخيلة عليه.. هو امتدادك الطبيعى حيث الانتماء والراحة من أول لحظة.»
حرصت أن يقدم التصميم التمكين بمعناه الواسع من خلال برامج تعليمية حقيقية مثل ورش الخياطة، والفخار، وصناعة الإكسسوارات، الناجية تتعلم حرفة، تحصل منها على دخل، وتخرج من حالة الاعتماد إلى الاستقلال.
صمــمته سلسبيل كمجتمع مكتفٍ ذاتيًا (self-sufficient community)، يحتوى على كل الخدمات التى تحتاجها الناجية فى رحلتها، كى لا تضطر للتعامل مع المجتمع الخارجى قبل أن تكون جاهزة نفسيا : فهناك حضانة تهتم بأطفالها، وعيادات للدعم النفسى والجسدي، ومساحات خضراء، ومكتبة، ومناطق تفاعل اجتماعى آمنة.
وترى أنها تصنع بيئة مغلقة لكن داعمة، تساعد على التقاط الأنفاس بعد تجربة العنف المريرة لتتعافى الضحية بدون ضغط أو تهديد خارجي.
والآن بعد أن قدمت مشروعها ..تتمنى أن يتحقق على أرض الواقع ويكون كما صممته أكثر من مجرد مبني…مساحة عدل، وبداية جديدة..