60 عاماً تمر على رحيل واحد من أشهر وأبرز عمالقة الفن فى تاريخ الفن المصرى المسرحى والسينمائي، بل هو أشهر من قدم شخصية «الأب» فى السينما المصرية، فنان يحمل فى طياته كل معانى «الأبوة»، فهو الرجل الطيب والأب الحنون، المحب لأبنائه وأطفاله وأسرته، كما أضفى وجهه البشوش وبراءته، ودفء صوته وأداءه الصادق، ودموع عينيه وتهدج صوته عند البكاء بأنه أب حقيقي، وأن أدائه فى السينما مجسد لشخصية الأب هو حقيقة وليس أداء تمثيلياً، لذا استحق عن جدارة لقب «الأب الروحى للسينما المصرية»، حتى أن الرئيس الراحل جمال عبدالناصر أثناء تكريمه فى عيد العلم عام 1962 وتسليمه وسام العلوم والفنون من الطبقة الأولي، أثنى عليه وأبلغه شدة تأثره بدور الفلاح البسيط الفقير فى فيلم «رد قلبي»، وهمس له قائلا:ً «لقد أبكيتني، عندما كنت مشلولا لا تستطيع التحدث، وفجأة نطقت ورددت تحيا مصر.. تحيا الثورة، فاغرورقت عينى بالدموع.
هذا هو الفنان القدير حسين رياض أشهر من قدم شخصية الأب فى السينما المصرية، ولا يوجد فنان يصل أداءه لمستوى أداء حسين رياض فى تجسيد شخصية «الأب» الحنون، وبالرغم أنه حاول ان يتمرد على تلك الشخصية التى لعبها فى وقت مبكر، إلا أنه لم يتمكن فقد طغت عليه شخصية الوالد الحنون الطيب المسالم الذى يحب الخير لأسرته وأولاده، فكانت أدوار الشر قليلة، وإذ سرعان ما يعود لدوره المحبب عند الجمهور، وعند نجوم ونجمات السينما الذين يصبحون فى حالة سعادة عندما يدركون أن من يلعب دور «الأب» أمامهم هو الفنان الكبير حسين رياض، لأنهم كانوا يشعرون بأنه أبً حقيقى لهم، فهوا حقاً أحد أعظم آباء السينما المصرية، والذى ترك بصمة لا تمحى من تاريخ الفن المصري!!
نعم الفنان حسين رياض هو من أهم نجوم السينما الكلاسيكية، وعملاق فى التمثيل، وهو «أب السينما المصرية ووالدها الروحي» بلا منافس والتى قدمها بكل إنسيابية وحب، وقد كان يقدم أدواره بإتقان خاصة دور الأب الحنون المتسامح فخلد اسمه فى تاريخ السينما المصرية والعربية حتى أصبح فارسا من فرسانها الكبار، بل كانت شخصية «الأب» التى كان يلعبها فى السينما المصرية لا تختلف عن شخصيته فى البيت، هى نفس الشخصية بحذافيرها وبكل تفاصيلها، فلم يختلف دور الأب فى السينما عن شخصيته فى المنزل، حتى أن جمهور الشاشة شعروا بأن ذلك الرجل هو والدهم بالفعل، وعندما رحل بكاه بشدة جمهور الشاشة ونجومها!!
الميلاد بالحلمية الجديدة
ولد حسين محمود شفيق رياض فى 13 يناير عام 1897 فى حى الحلمية الجديدة بالقاهرة المجاور لحى عابدين والسيدة زينب، وهو سليل أسرة تركية ترجع أصولها لحكام جزيرة «كريت» باليونان، وكانت أمه سوريّة الأصل، ووالده مصرياً يعمل بتجارة الجلود، بل إنه أول من أدخل صناعة دباغة الجلود فى مصر، عندما شيد أول مصنع لدباغة الجلود فى منطقة مصر القديمة بجوار سور مجرى العيون، مما يشير بأن الأسرة كانت ميسورة الحال، فكان الأب يصطحب أطفاله الثلاثة حسين ومصطفى ومحمد فؤاد إلى مسرح سلامة حجازى ليشاهدوا المسرحيات الدرامية، ولم يعلم الأب أنه يضع بذرة حب التمثيل فى قلوب أبنائه، فشغف الابن الأكبر حسين، والأصغر محمد فؤاد الذى عرف فيما بعد باسم فؤاد شفيق بفنون المسرح فى سن مبكرة.
بدأ حسين رياض ممارسة هوايته فى التمثيل أثناء دراسته فى مرحلة الثانوية، فانضم إلى فريق الهواة بالمدرسة، وفى مطلع شبابه قرر أن ينضم لإحدى الفرق المسرحية، فوقع اختياره على فرقة عبدالرحمن رشدى لتشهد بداية الانطلاقة للأخوين كهواه عام 1916 حتى أنه لم يكمل دراسته وقرر أن يتفرغ للفن، واكتفى بحصوله على شهادة الابتدائية وشهادة الكفاءة المعادلة لشهادة الثانوية العامة الآن، ولم يكمل دراسته بالكلية الحربية التى رغب والده أن يتخرج فيها ضابطاً، فقد سيطر عليه حبه لهواية التمثيل، وقرر عدم العودة لمنزله حتى لا يواجه والده، وأسرع يؤجر غرفة فوق سطح أحد منازل السيدة زينب ليعيش فيها مع صديقه الفنان حسن فايق، ثم انضم مع شقيقه إلى معهد التمثيل العربى لمعرفة كل ما يتعلق بالفن المسرحي، وهو معهد خاص كان يديره الممثل عبدالعزيز حمدي، وهناك التقيا بأحمد علام وبشارة واكيم.
فريق هواة التمثيل
اتفق حسين رياض مع الفنان يوسف وهبى على تكوين فرقة مسرحية أطلقو عليها اسم «فريق هواة التمثيل المسرحي»، وانضم معهما كل من عباس فارس وأحمد علام وحسن فايق، وكان أستاذ التمثيل ومعلمهم إسماعيل وهبى شقيق الفنان يوسف وهبي، ثم قرر حسين رياض أن يخوض المجال المسرحى كمحترف بعدما استمع لنصيحة الفنان عزيز عيد الذى كان مقتنعاً بأدائه وبأن طريق النجاح مفتوحاً أمامه، وكانت مسرحيته الأولى بعنوان «خللى بالك من إميلي» عام 1916 على مسرح جورج أبيض وهو فى عمر الـ 19 عاماً، ولعبت بطولة العرض حينذاك الفنانة روزاليوسف، والتى تحولت فيما بعد إلى صحفية وإعلامية كبيرة وأسست وأصدرت مجلة «روزاليوسف» الشهيرة.
ولأن العرض به أسماء معروفة لدى جمهور المسرح وأن الإقبال سيتضاعف، خشى حسين أن تتعرف أسرته عليه فقام بتغيير اسمه من حسين محمد شفيق إلى حسين رياض، خوفاً من أن تعرف أسرته أنه يعمل «مشخصاتي»، وهى المهنة التى كانت ترفضها الأسر المصرية الكبيرة والعريقة، كما أبدل شقيقه محمد فؤاد أيضاً اسمه إلى فؤاد شفيق، سيراً على مسيرة شقيقه، حتى أنه لم يعرف أحد بأنهم أشقاء إلا بعد سنوات عديدة، والطريف أن حسين رياض لعب فى إحدى مسرحيات الفرقة دور الأب، وهو لم يبلغ سن العشرين عاماً.
وتوالت مشاركات حسين رياض فى المسرح، متنقلاً بين الفرق المسرحية من بينها فرقة رمسيس عندما افتتحها يوسف وهبى عام 1923، وفرقة فاطمة رشدي، ومروراً بفرق نجيب الريحانى وعلى الكسار ومنيرة المهدية، ولعب بطولات عديدة منها «أحدب نوتردام» أمام الفنان يوسف وهبى الذى أصبح من أقرب أصدقائه، كما لعب مع شقيقه فؤاد شفيق بطولة أوبريت «العشرة الطيبة» مع الفرقة المصرية للتمثيل والموسيقى عام 1934، والتى قام بتلحينها فنان الشعب سيد درويش وكتب أشعارها بديع خيري، ووصلت عروضه المســــرحية على مـــدى مســيرته الفنيــة ما يقرب من 150 مسرحية أشهرها: تاجر البندقية، أنطونيو وكليوباترا، شهرزاد، مصرع كليوباترا، الأرملة الطروب، لويس الحادى عشر، القضاء والقدر، مضحك الخليفة، عاصفة على بيت عطيل، وبالرغم أنه قدم دور الفتى الأول بالمسرح، إلا أن ذلك العشق لم يدم، فسرعان ما جذبته أضواء السينما!!
السينما الصامتة
قدم حسين رياض مشواراً طويلاً فى السينما المصرية، وكانت بدايته فى السينما مبكرة، مع بدء عروض الأفلام صامتة، فشارك عام 1931 فى الفيلم الصامت «صاحب السعادة كشكش بك» بطولة الفنان نجيب الريحانى بجانب محمد كمال المصرى «شرفنطح» واستفان روستى الذى أخرج الفيلم، وهو نفس الفيلم الذى أعيد عرضه مرة أخرى عام 1934 بعد إدخال تقنية الصوت وبعنوان جديد «حوادث كشكش بيه»، والطريف أن لجنة مراقبة الأفلام السينمائية كانت قد منعت عرض الفيلم لفترة وجيزة، بسبب أن هناك مشاهد تمس بكرامة العمد فى قرى مصر والذين كانت لهم سطوة وصوت عال فى ذلك الزمن، وإن كان تم إجازة الفيلم وعرضه بعد أن حذفت منه بعض المشاهد.
الأمير قندهار
وفى العام التالى 1935 اختاره يوسف وهبى لمشاركته فى أول أفلامه السينمائية الناطقة «الدفاع» ومعهم أمينة رزق وبشارة واكيم وسراج منير، والذى يعد أول أفلام يوسف وهبى فى السينما كممثل ومخرج ومنتج، وقصة الفيلم تعود لمسرحية «الدفاع» التى سبق أن قدمها يوسف وهبى على المسرح من تأليفه، فقام بتحويل العرض المسرحى الناجح إلى فيلم سينمائي، وشاركه فى كتابة السيناريو نيازى مصطفى الذى عاد للوطن بعد أن درس السينما فى ألمانيا.
وفى سنة 1937 بلغ حسين رياض سن الـ 40 عاماً، فشارك فى خامس أفلامه الفيلم الكوميدى الشهير «سلامة فى خير» فى شخصية الأمير قندهار أمام نجم الكوميديا نجيب الريحاني، وهو الفيلم الذى أعاد الريحانى للسينما بعدما قرر اعتزالها والاهتمام بأعماله المسرحية وعدم العودة للسينما بسبب فشل فيلمه الأول «صاحب السعادة كشكش بيه»، كما أن الفيلم يعتبر أول أفلام المخرج نيازى مصطفى فى السينما الروائية الطويلة كمخرج، وقد سبق للريحانى أن قدم قصة ذلك الفيلم فى عرض مسرحى بعنوان «قسمتي».
وفى نفس العام لعب حسين رياض بطولة فيلم «ليلى بنت الصحراء» أمام الفنانة بهيجة حافظ وراقية إبراهيم وزكى رستم، والذى تعرض لإيقاف عرضه بسبب احتجاج الحكومة الإيرانية على أحداث يظهر فيها كسرى الفرس وهو يحاول اغتصاب فتاة عربية، وهو ما رفضه أبناء إيران بأن يظهر كسرى بتلك الهيئة الهمجية، ومما ساهم فى قبول الاحتجاج أن العلاقات الثنائية بين ملكى مصر وإيران كانت على خير ما يرام، وإن كان بعد 7 سنوات عرض الفيلم فى دور العرض بعنوان جديد «ليلى البدوية»، وتم إبراز ظلم الحاكم كسرى وبتعذيبه للفتاة العربية التى قاومته، وينتهى الفيلم بهجوم ابن العم على قصر كسرى وقتله وإنقاذ حبيبته ابنة عمه، وتم وضع تلك النهاية الجديدة بعدما وصلت العلاقات المصرية – الإيرانية إلى أسوأ حالاتها بعد طلاق شقيقة الملك فاروق من شاه إيران!!
لاشين
ويبدو أن الفنان حسين رياض موعود مع الأفلام الممنوع عرضها، فقد كان فيلمه التالى «لاشين» عام 1938 قد منع عرضه وقتها، لأن الرقابة رأت أنه يحمل فى ثناياه إسقاطاً سياسياً يدين الذات الملكية ويعادى نظام الحكم فى مصر وأنه يقصد شخصية الملك فاروق، حتى أن البعض اعتبر الفيلم هو أول من تنبأ بثورة 23 يوليوقبل قيامها بـ 14 عاماً، ولتمجيد الثورة أعيد عرض الفيلم بعد خروج الملك فاروق من مصر وإسقاط الملكية.
ومع مطلع حقبة الأربعينيات زادت مشاركات حسين رياض فى السينما المصرية، فقد كان أداؤه مقنعاً لجمهور الشاشة الفضية، وأصبح الإقبال على تواجده فى الأعمال السينمائية من قبل المنتجين والمخرجين يزداد ويتسع، لدرجة أنه قرر أن يركز فى عمله بالسينما على حساب المسرح، وتنوعت أدواره ما بين الموظف المطحون والباشا والعمدة، والأمير والسلطان والقاضى والخديو، والبيه والمحامى والطبيب والمهندس والصيدلى والموسيقار والشيخ والأفندي، وكلها أدوار تتخللها الطيبة والسماحة والدفاع عن الحق، بل كان ظهوره على الشاشة إضافة اطمئنان للأسرة أن نهاية الفيلم ستكون سعيدة بانتصار العدالة!!
وصلت أفلام حسين رياض إلى أكثر من 150 فيلماً على مدى نصف قرن، وإن كانت هناك مصادر أخرى تؤكد أن أفلامه ضعف ذلك العدد، وهو ما ينطبق ايضاً على المسرح الذى تخطى الـ 120 مسرحية بينما هناك البعض يؤكد أنها تخطت المائتى عرض مسرحي، وتعتبر حقبة الخمسينات هى أكبر فترة زمنية لحسين رياض على الشاشة ووصلت إلى 82 فيلماً من أهمها: بابا أمين – أمير الانتقام – رد قلبى – لحن الوفاء – أنا حرة – شارع الحب – حياة أو موت – صراع فى الميناء – موعد مع الحياة – حب فى الظلام، وشهد عام 1959 أكبر مشاركة لحسين رياض فى السينما وصلت إلى دستة أفلام أشهرهم: أم رتيبة – أنا حرة – بين الأطلال – شمس لا تغيب.
فى فترة الستينيات شارك حسين رياض فى أكثر من 40 فيلماً على مدى خمس سنوات، ولم تكتمل المسيرة لرحيله عام 1965، ومن أهم أفلامه فى تلك الفترة: المراهقات – واسلاماه – الناصرصلاح الدين – فى بيتنا رجل – وألمظ وعبده الحامولي، وفى العام الذى شهد رحيله شارك فى بطولة 7 أفلام منها ثلاثة أفلام عرضت قبل رحيله هما الحرام لفاتن حمامة والذى عرض أيضاً فى مهرجان «كان» السينمائي، ولم يظهر فيه حسين رياض حيث كان مشاركاً بصوته لأنه كان «الراوي» لحدوتة الفيلم، والآخر فيلم «تنابلة السلطان» لكمال الشناوى وهو الفيلم الوحيد الذى أخرجه الشناوي، والثالث فيلم «أغلى من حياتي» لشادية.
الرحيل فى ليلة الزفاف
كانت أمنية حسين رياض أن يموت على خشبة المسرح، وهو يؤدى دوره، وإن كانت الوفاة جاءت قريبة من ذلك، ففى أثناء وقوف حسين رياض أمام الكاميرا لتصوير دوره فى فيلم «ليلة الزفاف» أصيب بأزمة قلبية مفاجئة وسقط أرضاً، ولم يفق ليتمكن من استكمال باقى المشهد، وبعد أيام قليلة يغادر الحياة فى 17 يوليو 1965، عن عمر 68 عاماً، ويمر على رحيله هذا الشهر 60 عاماً، ولأنه توفى بدون أن يستكمل باقى مشاهده، اضطر المخرج بركات لحذف مشاهده الأخيرة واكتفى بالإشارة إليه مع أبطال الفيلم سعاد حسنى وأحمد مظهر، ليصبح الحاضر الغائب، وعرض الفيلم فى مايو من العام التالى 1966، كما عرض بعد عام من رحيله أيضاً فيلم «خدنى معاك» لأحمد رمزى وسميرة أحمد، وعرض بعد شهور قليلة من رحيله – فى نفس العام – فيلما «المماليك» لعمر الشريف، و»الخائنة» لنادية لطفي.
الطريف أن قبل رحيله طلب من أسرته عندما يموت لا يدفن جثمانه إلا بعد 24 ساعة من موته، خوفاً لأن يكون مغمى عليه وليس متوفي، ويعود السبب إلى أنه كان متأثراً بأحد الأدوار التى لعبها فى المسرح، عن شخص دفن وهو حى لم يمت، ويفيق وهو فى مقبرته، فكان تأثره بتلك الشخصية، وكان معروفاً عنه تأثره بالشخصيات التى يجسدها فى أعماله، فكانت تلك الوصية نتاج إندماجه العميق مع الشخصيات التى يقدمها فى أعماله، فقد كان يعيشها بكل تفاصيلها حتى بعد الانتهاء من التصوير!!
نعم كان حسين رياض يعيش الشخصية التى يقدمها ويتوحد معها، فعلى سبيل المثال فعندما جسد شخصية رجل يعانى من الشلل فى فيلم «الأسطى حسن»، تأثر بالشخصية تأثراً شديداً حتى أنه أصيب بشلل مؤقت فى قدمه وذراعه، حتى أنه احتاج للخضوع لجلسات علاج طبيعي، كما كان رجلاً معطاءً وكريماً، ولم يتأخر عن فتاة تعيش فى طنطا أرسلت له رسالة تطلب منه المساعدة فى شراء غرفة سفرة لجهازها فى فرحها، كما كانت له عبارات ما زالت عالقة فى وجداننا نرددها فى بعض المواقف مثل «إنت اللى حتغنى يا منعم» مخاطباً عبدالحليم حافظ من فيلم شارع الحب، و»إنتى فين يا جهاد» مخاطباً الفنانة لبنى عبدالعزيز فى فيلم «وا إسلاماه»!!
تكريمات وجوائز
كرمه الرئيس جمال عبد الناصر بوسام الفنون عام 1962، كما حصل فى مهرجان الإسكندرية السينمائى الدولى السادس عشر على درع الريادة تكريمًا له فى ذكرى ميلاده المائة، وتسلمته ابنته فاطمة حسين رياض والتى تسلمت أيضاً درعاً مماثلاً من مهرجان أوسكار السينما المصرية منذ 22 عاماً والذى أقيم حفله بفندق بيراميدز، كما فاز بجائزة وزارة الشئون الاجتماعية لأحسن ممثل عام 1952 عن دوره بفيلم «ليلة غرام» بطولة مريم فخرالدين وجمال عباس فارس، وكان الفنان يوسف وهبى من أشد المعجبين بأدائه وأدواره بعدما شاهده على المسرح، حتى أنه عند تكوينه لفرقته المسرحية كان حسين رياض أول من انضم للفرقة، وقال عنه: من المستطاع أن تسند أى دور لحسين رياض وأنت مغمض العينين لأنه يستطيع أداء أى دور بتمكن واقتدار، فقد كان معروفاً عنه قدرته الفائقة على تجسيد الشخصيات.
كان حسين رياض يحرص فى سنواته الأخيرة بحقبتى الخمسينيات والستينيات على عقد صالون ثقافى أدبى شعرى بمنزله، وكان يحضره دائماً الشاعر إبراهيم ناجي، والموسيقار عبده صالح، والفنانة زوزو حمدى الحكيم والفنانة زينب صدقي، كما كانت تسلية حسين رياض بعد إنتهائه من عمله الجلوس بمقاهى شارع عمادالدين ليلعب مع أصدقائه لعبتى الطاولة والدومينو، وواظب فى التردد على تلك المقاهى طوال فترة الأربعينيات حتى رحيله، وكان له من الأبناء ثلاثة ولد وابنتان.
عمل حسين رياض مع أكثر من مائة مخرج على مدار حياته الفنية التى امتدت لنصف قرن من العطاء، بينهم (54) مخرجا سينمائيا، و(36) مخرجا مسرحيا، و(11) مخرجا تليفزيونيا، وكان حسين رياض من الفنانين الذين يكن لهم الجمهور كل احترام، لأن كان هدفه الفن ولايسعى للنجومية فكان بسيطاً ومحبوباً لدى زملائه وجمهوره، فقد كان سلوكه فى حياته أبلغ دليل على أنه لم يتغير بعدما أصبح نجماً فى أعماله، ولم يتعال على الأدوار التى تسند إليه، كما لم يتعال على توجيهات مخرجى أعماله، ولم يتعال أيضاً على جمهوره عندما يلتقى به خارج الاستديوهات والمسرح ، وكان أول أجر له فى السينما 50 جنيهاً فى أول أفلامه «ليلى بنت الصحراء»، وازداد أجره حتى وصل إلى ألف جنيه فى أواخر أفلامه «أغلى من عينيه» و»ليلة الزفاف»، رافضاً رفع أجره حتى لا ينصرف عنه المنتجون، بينما كان أجره فى المسرح القومى 80 جنيهاً.
مسلسلات إذاعية وتليفزيونية
اشترك حسين رياض فى عدد قليل من المسلسلات الإذاعية والتليفزيونية حيث كانت الأعمال السينمائية تلاحقه، ومن المسلسلات الإذاعية المهمة مسلسل «فى سبيل الحرية» والتى قام بتأليفها الرئيس الراحل جمال عبدالناصر حيث كتبها عندما كان عمره 16 عاماً وطالباً بالمرحلة الثانوية العامة عام 1934، وشاركه فى البطولة ماجدة ومحسن سرحان، وأحمد زكى بدور صغير فى أول عمل إذاعى له، كما شارك فى مسلسل «فى بيتنا رجل» المأخوذ عن رواية للكاتب إحسان عبدالقدوس، وهى نفس الرواية التى تحولت فيلم فى العام التالى بطولة عمر الشريف وزبيدة ثروت، بينما فى المسلسل الإذاعى لعب البطولة شكرى سرحان ومريم فخر الدين، والطريف أن حسين رياض لعب شخصية الأب فى المسلسل والفيلم، وأيضاً الفنانة زهرة العلا لعبت دور ابنته فى المسلسل والفيلم.
وفى الشاشة الصغيرة كان الشرف للفنان حسين رياض الاشتراك فى بطولة المسلسل الشهير «هارب من الأيام» والذى يعد أول مسلسل مصرى وعربى أنتج عام 1962 بعد إفتتاح التليفزيون عام 1960، بل إن جميع من شارك فى المسلسل كانوا من أول من وقفوا أمام كاميرا التليفزيون، ولعب البطولة عبدالله غيث ومديحة سالم، وكان مرشحاً للبطولة الفنان فريد شوقي، والذى لعب نفس الدور عندما تحول المسلسل إلى فيلم سينمائي، أما آخر أعمال حسين رياض أمام الشاشة الصغيرة فكان مسلسل «خيال المآتة» مع عبدالله غيث أيضاً وسميحة أيوب، وقد اخرج المسلسلان مخرج روائع الدراما نور الدمرداش.
تم اختيار 13 فيلما شارك فيهم الفنان حسين رياض فى قائمة أفضل 100 فيلم فى ذاكرة السينما المصرية حسب استفتاء النقاد عام 1996 وهم بترتيب عرضهم: سلامة فى خير 1937، لاشين 1939، النائب العام 1946، أمير الانتقام 1950، حياة أو موت 1954، رد قلبى 1957، جميلة 1958، بين الأطلال 1959، أنا حرة 1959، المراهقات 1960، وا إسلاماه 1961، فى بيتنا رجل 1961، الناصر صلاح الدين 1963، كما أنتخب عام 1943 وكيلاً لنقابة ممثلى السينما والمسرح.