رؤية مؤسسية واضحة تستند للعمل المشترك والتكامل الإقليمى
كنت أرغب فى استكمال سلسلة المقالات المعنية بوجود القوى الكبرى فى القارة الإفريقية تحت عنوان «يحدث فى إفريقيا «وكنت قد بدأتها بالوجود الصينى ثم الروسى، وكان يتبقى تناول الوجود الأمريكى فى القاره الافريقية، لكنّ نتائج مشاركة الرئيس فى أعمال الدورة السابعة لاجتماع القمة التنسيقى لمنتصف العام للاتحاد الأفريقى، وذلك بصفته رئيس الدورة الحالية للقدرة الإقليمية لإقليم شمال إفريقيا – الذى عقد الأسبوع الماضى فى غينيا الاستوائية كان كافيا لكى نتحدث عن الوجود المصرى هنا فى إفريقيا.
على مدار السنوات الأخيرة استطاع الرئيس السيسى ان ينسج بخيوط من حرير يصاحبها خطوات جادة وفاعلة معنية بالشأن المصرى – الأفريقى، وعلى مدار هذه السنوات أكد السيسى أن مصر حريصة على التفاعل مع دول القارة بعد حصولها على استقلالها ،وبدء بناء الدولة الوطنية لأبناء الشعب الأفريقى، صحيح أن مصر هى الدولة الوحيدة التى دعمت وساهمت فى حصول هذه الدول على استقلالها عن الدول الاستعمارية القديمة فى القرن الماضى، وأنها كانت تعمل ذلك ايماناً منها بحرية الشعوب فى الاستقلال الوطنى وفى نفس الوقت، فهذا التعاون مع دول القارة جزء من تحقيق الامن القومى الاستراتيجى للدولة المصرية «باعتبارها بوابه إفريقيا للعالم والعكس».
وبالتالى هذه المكانة تحتاج الى وجود تفاهمات وثقة وتعاون مع الدول الإفريقية ذات سيادة، ولها قرارها الوطنى الذى يحقق مصالح شعوبها، ولكن هناك رسالة واضحة تقدم بها الرئيس للتعامل مع القارة منذ توليه منصبه الرئاسى، واعتبار ما قام به السيسى خلال تلك السنوات بأن العلاقات المصرية الإفريقية تمر حاليًا، كما يشير المراقبون بأنها مرحلة «الإحياء الثانى»!!، وهو مصطلح يعكس استعادة الحضور المصرى داخل القارة بقيادة الدبلوماسية الرئاسية، والعلاقات الوثيقة بين الرئيس السيسى وزعماء القارة، يعكس دون شك الدور المصرى الجديد، مع دول القارة القائم على الاحترام المتبادل، وعدم التدخل فى الشئون الداخلية للدول، علاوة على حرصها الدائم على المشاركة فى كافة هموم القارة وتناولها فى المحافل الدولية والإقليمية المعنية بالتعاون مع دول القارة، وأن الرسالة الموجهة إلى إفريقيا لم تقتصر فقط على إقليم شمال القارة، بل شملت إفريقيا بعمومها، خصوصًا فى ما يتعلق بحل وتحليل الصراعات والانتقال إلى مرحلة جديدة فى مسار العلاقات الإفريقية.
أيضا طرح الرئيس رؤية شاملة تنطلق من إدراك حقيقى لطبيعة التحديات التى تواجه إفريقيا، سواء المرتبطة بالنزاعات المسلحة أو الإرهاب أو الجريمة المنظمة أو تداعيات تغير المناخ، مشيرًا إلى أن مصر دائمًا ما تتحرك فى هذا الملف برؤية مؤسسية واضحة تستند إلى العمل المشترك والتكامل الإقليمى.
ايضًا حديثه عن «القوة الإفريقية الجاهزة»، خاصة قدرة إقليم شمال إفريقيا التى تتولى مصر رئاستها هذا العام يعكس جدية الدولة المصرية فى المساهمة الفعلية بتعزيز منظومة السلم والأمن بالقارة، من خلال بناء قدرات متكاملة قادرة على الاستجابة السريعة للأزمات ودعم جهود الوقاية.
ومن اللافت للنظر تناول الرئيس فى كلمته جزءاً من أنشطة اللجنة حيث خطت خطوات إيجابية، والتى انعقدت فى القاهرة مطلع العام الجارى، خطة الأنشطة والبرامج، وقامت بمراجعة إجراءات عملها وتحديثها، لتتواكب مع نظيراتها بالاتحاد الأفريقى، وبما يحُقق استدامة مالية، وكفاءة فى التخطيط والإنفاق، ناهيك عن أن الاجتماع ناقش قضايا مهمة تخص القارة، على رأسها التكامل والاندماج القارى، تحرير التجارة البينية، مواجهة التحديات الإقليمية والدولية وتأثيرها على التنمية، وتعزيز السلم والأمن بالقارة.