يوجد بعض القلوب نابضة بالرحمة، لا تهدأ إلا إذا أدخلت السعادة على قلب إنسان، نتصادف بهم كثيرًا فى زحام رحلة الحياة وضجيجها، ومن بين هذه القلوب، تلمع سيرة إنسان نبيل اسمه الدكتور عماد الدين عبدالباعث، الذى قرر أن يجعل من تخصصه فى الأجهزة التعويضية وسيلة لزرع الأمل فى النفوس المتعبة، خالصًا لوجه الله.
بدأت الحكاية مع قدوم شهر رمضان الماضي، عندما تواصل الدكتور عماد مع صفحة «الجمهورية معاك»، ليعرض مبادرة إنسانية من القلب، وهى «أى مواطن يحتاج إلى سماعة طبية لتحسين السمع، فأنا على استعداد لمساعدته مجانًا»، من هذه الكلمات انطلقت رحلة خير رائعة امتدت طوال الشهور الماضية ليمنح الحياة صوتًا جديدًا.
شكاوى واستغاثات كثيرة وصلت إلى الصفحة من أسر تعانى من ضعف السمع لدى أحد أفرادها، أطفال، طلاب، وكبار سن، لا تقوى أسرهم على تكاليف السماعات الباهظة، لم يتردد الدكتور عماد، بل طلب جمع الحالات، مشترطًا فقط وجود مقياس سمع حديث لضمان دقة اختيار السماعة المناسبة.
كان واحدًا من هذه الحالات محمد حسام، طفل من مدينة السلام، فى الصف الثالث الإعدادي، عندما وصل إلينا خطابه، كان محمّلاً برجاء يملأه الحياء، «أتمنى ان أسمع جيدًا مثل زملائي»، لم تنتظر صفحة «الجمهورية معاك» طويلاً، وتم إبلاغ الدكتور عماد بالحالة، وعلى الفور، تكفل الدكتور شخصيًا بإجراء مقياس السمع الحديث له، كهدية منه، ثم تابع كل الخطوات بنفسه، «أخذ بصمات الأذن، وتجهيز المقاسات، والقيام بعدة بروفات حتى تسلم الطفل السماعة المناسبة».
كانت لحظة تسليم السماعة لمحمد ووالدته لحظة لا تُنسي، دموع الفرح فى عينى الأم، وابتسامة الأمل فى وجه الطفل، كانت كافية لتدرك أن ما يفعله الدكتور عماد رسالة إنسانية خالصة.
اللافت أن الدكتور عماد لا يكتفى بتقديم المساعدة عن بُعد، بل يأتى إلى مقر الجريدة بنفسه، يحمل ملفاته، ويقابل الحالات وجهًا لوجه للتأكد من كل التفاصيل، ويعيد بصمة الأذن أكثر من مرة إن لزم الأمر، ثم يصحبها بنفسه إلى معمل الشركة التى يعمل بها لمتابعة التصنيع والتسليم.
لأنه لا يمشى هذا الطريق وحده، تقف إلى جانبه زوجته الفاضلة، بروح طيبة وداعمة، تُشجّعه وتُسانده وتُشاركه قناعته، وأن ما يبذلانه معًا هو زكاة علمها وتخصصها، وواجباً تجاه الإنسانية.
هو نموذج مُشرف لإنسان لا يملّ من الخير، ولا يكلّ من فعله، ويمنحه فى صمت ورضا، فتحية من القلب إلى هذا الطبيب الإنسان، الذى يعيد السمع والبسمة لأُسر كاملة، وتحية لكل يد تُحسن، ولكل قلب يُنصت لآهات الناس، ففى ظل أعباء الحياة نحتاج أكثر لمن يُعيد للناس صوت الحياة.