الإنسان دائمًا هو الذى يصنع الفارق فى كل زمان ومكان.. والفرق بين مكان.. ومكان.. هو الإنسان.. والذى يميز الدول المتحضرة والمتقدمة والمنظمة.. هو الإنسان.. حتى عندما ظهر الحاسب الآلي.. قالوا إنه سوف يستغنى عن الإنسان.. وتناسوا أن الذى صنعه ودققه وغذاه بالمعلومات وسرعة النتائج ووضع برامجه هو الإنسان.. وعندما تطورت صناعة الإلكترونيات والبرمجة واتساع التخزين والسرعة ووصلنا إلى الذكاء الاصطناعي.. قالوا وداعا للإنسان وملايين الوظائف.. وتناسوا أن المبدع والمبتكر والمتحكم أيضًا هو الإنسان.. وان كل المخاطر التى يمكن أن تحدث من استخدامات الذكاء الاصطناعي.. سيكون أيضًا سببها الإنسان.
.. والذى يجعلك منبهرًا مدهوشًا عندما تزور دولة أوروبية.. هو سلوك ونظام وانضباط وأمانة الإنسان.. فهو الذى صاغ التعليمات والقوانين الضابطة لكل شيء.. وهو الذى ينفذها ويحافظ على نظام ونظافة وطنه.. ويحرص على صورة بلاده الحضارية.
>>>
ولأن الإنسان هو الذى يصنع الفارق.. فلا يلوم الإنسان إلا نفسه وليسأل نفسه بوضوح.. لماذا وصل الآخرون إلى القمر.. بينما مازال يتعثر هو فى قطع الحصي.. ولماذا امتلك الآخرون النووى والذرى والمسيرات الشبحية بينما يمسك هو الدرع والسيف.. ويقف فى زمن غير الزمن.. ومعايير غير المعايير.. ومقومات غير المقومات.. والفرق.. شيء واحد.. وهو العلم والعمل.. ثم العمل.. هم نفذوا بدقة متناهية.. قول الله تعالي: «وقل اعملوا».. وعندما قال تعالي: «وأعدوا لهم ما استطعتم».. هم عملوا.. وأعدوا.. وغيرهم لم يعمل ولم يعد.. فكانت لهم الغلبة والتقدم والتحضر والقوة والهيمنة..
>>>
واليوم بعد أكثر من مائة عام وعشرة.. كأن التاريخ يعيد نفسه.. بصورة جديدة.. ووجوه أكثر شراسة وعدوانية.. فعندما رأيت الرئيس الأمريكى دونالد ترامب.. يلتقى فى البيت الأبيض رئيس الوزراء الإسرائيلى اليمينى المتشدد بنيامين نتنياهو.. استدعت الذاكرة اتفاق الفرنسى فرانسو جورج بيكو.. والبريطانى مارك سايكس للسيطرة على الشرق الأوسط وتقسيم المنطقة العربية فيما بينهم.. وقد نفذوا بدقة متناهية برنامج التقسيم الذى استمر حتى ثارت ثورات الاستقلال.. وطرد المستعمر.. ولم يمض نصف قرن من الزمان.. حتى عاد «سايكس – بيكو» فى صورة «ترامب – نتنياهو» وخريطة التوسع الإسرائيلى حاضرة.. ولم يعد أحد يخفى مطامعه فى المنطقة.. ولم يعد أن يتحرك سرًا أو من خلف الستار وصار اللعب ع المكشوف.. ولم تعد نوايا.. وإنما واقع ينفذ وبدقة والحديث عن الطوق الآمن حول إسرائيل، وأمنيات بن جوريو بالقضاء على وإسقاط ثلاث دول كبرى بالمنطقة منها العراق وسوريا.. قد نفذته الولايات المتحدة واللوبى الصهيونى المتمكن والمهيمن فى الإدارة الأمريكية.. دمر بوش الابن العراق.. بتقارير وهمية وأكاذيب عن امتلاك العراق أسلحة دمار شامل وبتقارير كاذبة مسيسة من الوكالة الدولية للطاقة وفريق البرادعى إياه الذى حاول إبان 25 يناير 2011 تدمير مصر لكن عناية الله أنقذت مصرنا الغالية بيقظة جيشها العظيم وشرطتها الوفية وشعبها الأصيل.. دمر الأمريكان العراق ثم سوريا.. ويحاصرون بكل السبل مصرنا الأبية العصية المحفوظة بعناية الله.
.. إن «ترامب – نتنياهو».. «سايكس – بيكو» العصر.. فاحذروا.. وتماسكو.. فالهلاك بعينه الارتماء فى الحضن الأمريكى والسقوط فى فخ القواعد الأمريكية والتطبيع مع الكيان.. فالتاريخ يؤكد أن هؤلاء لا عهد ولا أمان لهم.. وإن الدمار والضياع ذاته فى الاقتراب منهم.. والاستجابة لمطالبهم وخداعهم.