يشهد نظام التعليم فى مصر نقلة نوعية مع تطبيق نظام البكالوريا الجديد، الذى يمثل تطورًا جوهريًا فى شكل التعليم الثانوي.
اكد الخبراء ان النظام الجديد لا يقتصر فقط على تغيير المسمي، بل يقدم تجربة تعليمية أكثر مرونة وعدالة، تقلل من الضغوط النفسية على الطلاب، وتفتح أمامهم آفاقًا أوسع للتخصص والتقييم المستمر من خلال مسارات تعليمية متعددة وآليات تقييم تراكمية، يسعى النظام إلى بناء جيل قادر على مواجهة تحديات المستقبل بثقة ووعي.
أكد د. عاصم حجازي، أستاذ علم النفس التربوى بجامعة القاهرة وخبير الشؤون التعليمية، أن نظام البكالوريا المصرى الجديد لا يُعد مجرد تغيير شكلي، بل يمثل إضافة نوعية ومرنة للنظام التعليمي، تسهم فى تنويع فرص التعلم والتقويم، وتُخفف من الضغوط النفسية التى كانت تلازم طلاب الثانوية العامة لعقود.
أوضح د. حجازى أن النظام الجديد يأتى كأحد المسارات الحديثة التى تنضم إلى منظومة التعليم المصرى جنبًا إلى جنب مع المدارس الدولية ومدارس المتفوقين والخاصة، ويُقدم للطالب تجربة أكثر انفتاحًا ومرونة، سواء فى المقررات الدراسية أو فى آليات التقييم.
وأشار إلى أن من أبرز ملامح البكالوريا الجديدة هو إتاحة أربعة مسارات تعليمية متنوعة، يستطيع الطالب الانتقال بينها بما يتناسب مع ميوله وقدراته، موضحًا أن الطالب يختار مادة من اثنتين فى كل مسار خلال الصف الثانى الثانوي، ما يمنحه حرية التخطيط المبكر لمساره الجامعى والمهني.
يسهم هذا التنوع بشكل كبير فى تقليل التوتر والضغط النفسى المرتبط بالاختيار الأحادى الذى كان يفرضه النظام التقليدي، ويُشجع الطلاب على اتخاذ قرارات تعليمية مدروسة بعيدًا عن الإكراه أو المجازفة.
وفيما يتعلق بآلية التقييم، شدد د. حجازى على أن جوهر التغيير فى نظام البكالوريا لا يكمن فقط فى المقررات أو المسارات، بل فى تحرير الطالب من قبضة -الامتحان الواحد المصيري-، الذى كان سببًا رئيسيًا فى تفشى ظواهر مثل الغش الجماعى والدروس الخصوصية، والضغط النفسى الحاد.
وقال إن النظام الجديد يعتمد على تعدد فرص التقييم والتحسين، مما يجعل الطالب أكثر توازنًا واستقرارًا من الناحية النفسية، ويُساعده على استيعاب المعرفة بشكل أعمق، وليس فقط من أجل اجتياز اختبار.
نقلة نوعيه
أكدد. حسن شحاتة، أستاذ المناهج وطرق التدريس بجامعة عين شمس، أن نظام البكالوريا التعليمى الجديد الذى تتبناه وزارة التربية والتعليم يعد نقلة نوعية حقيقية فى مسار تطوير التعليم المصري، موضحًا أن هذا النظام يهدف إلى إعداد جيل جديد من الشباب المصرى يمتلك مهارات التفكير والتحليل والتفسير، ويجيد استخدام التكنولوجيا الحديثة فى سياق عالمى تنافسي.
وأوضح د. شـــحاتة فى تصـــريحات خاصـــة لـ«الجمهورية»، أن القانون الجديد لا يستهدف مجرد تغيير شكلى فى نظام التعليم، بل يسعى إلى بناء إنسان مصرى جديد يتسم بالإبداع والانتماء، ويملك القدرة على المشاركة والتفاعل مع الآخر، مشيرًا إلى أن التركيز على القيم الوطنية من خلال تدريس مواد اللغة العربية والتاريخ والدين كمواد أساسية فى جميع المراحل، يُعَد خطوة محورية فى تحقيق هذا الهدف.
اوضح أن قانون التعليم الجديد ليس مجرد ورقة تنظيمية، بل رؤية استراتيجية تبنتها الدولة المصرية الحديثة، بناء على توجيهات السيد الرئيس عبدالفتاح السيسي، لصياغة تعليم يليق بجمهورية جديدة، قوامها الإنسان الواعى والمبدع والمشارك.
ويقول الدكتور رضا مسعد استاذ المناهج وطرق التدريس ورئيس قطاع التعليم الاسبق نظام البكالوريا حلقة من حلقات بحثنا فى مصر عن نظام مطور للثانوية العامة التى تعد حلقة محورية ضاغطة على الاسر المصرية لارتباطها بانتقال الطالب من التعليم العام للجامعة مما تسببه من رعب مادى ومعنوى وكل الوزراء من عام 2000 وهم يبحثوا عن نظام جديد للثانوية العامة لتلاشى عيوبه وكانت البكالوريا هى اخر حلقات للبحث عن نظام تطوير الثانوية والبكالوريا هى اسم الثانوية لدول كثيرة خارج مصر ومصر منذ عام 1952 كان اسم البكالوريا يطلق على الثانوية وفى عام 1979ظهر لسم الثانوية العامة المستحدث فهى ليست شهادة جديدة على مصر وهى منتشرة فى كل دول العالم الاوربية.
أثار د. تامر شوقي، أستاذ علم النفس التربوى بجامعة عين شمس، نقاشًا علميًا موسعًا حول نظام البكالوريا المصرى الجديد، مؤكدًا فى تصريحات خاصة لـ-الجمهورية- أن النظام يمثل خطوة طموحة نحو تعليم أكثر مرونة وعدالة، لكنه فى الوقت نفسه يستلزم تعديلات ضرورية فى منظومة التقييم والامتحانات لضمان تحقيق أهدافه التعليمية والإنسانية.
أكد د. شوقى أن من أهم مميزات نظام البكالوريا هو أنه لا يجعل مستقبل الطالب رهينًا بامتحان واحد، بل يتيح فرصًا للتحسين قد تصل إلى مرتين – الأولى مجانية والثانية برسوم بسيطة – وهو ما يمنح الطالب استقرارًا نفسيًا أكبر ويقلل من حدة القلق والضغط العصبي، مقارنة بنظام الثانوية العامة الذى يُحسم فيه المصير التعليمى فى عام واحد فقط.
وأضاف أن التعدد فى المسارات داخل البكالوريا، وإمكانية تغيير التخصص بسهولة دون إعادة المناهج، كما أوضح نائب الوزير الدكتور أيمن البصال، يعد تطورًا كبيرًا لم يكن متاحًا سابقًا إلا فى الأنظمة الدولية باهظة التكاليف. وأكد أن هذا التوجه يفتح الباب أمام الطلاب لاكتشاف ذواتهم وتعديل مساراتهم التعليمية دون خسارة زمنية أو أكاديمية.