تعكس وتؤكد صفحات التاريخ عمق العلاقات المصرية – السعودية وانهما بالفعل جناحا الأمة العربية ولهما دورهما التاريخى الطويل كقطبين كبيرين فى الأمة العربية والنظام الإقليمى والإسلامى والدولي.. وعلى البلدين تقع المهمة الكبرى فى تحقيق التضامن العربى وترجمة طموحات المواطن العربى من المحيط الأطلسى إلى الخليج العربى.. وعلى مدى العقود الماضية حملت الدولتان على عاتقهما عبء لم الشمل العربى.. ولذا تتميز علاقات البلدين بالقوة والاستمرارية.. وازدادت هذه العلاقات رسوخا ومتانة فى عهد الرئيس عبدالفتاح السيسى وشقيقه خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز وولى عهده الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز رئيس مجلس الوزراء السعودى وشهدت الزيارات المتبادلة بين القيادتين ومسئولى البلدين ترسيخ وتقوية هذه العلاقات بالتشاور المستمر وتطابق وجهات النظر فى كافة القضايا التى تحيط بمنطقتنا وفى مقدمتها القضية الفلسطينية التى يعتبرها قائدا البلدين القضية العربية المركزية وجمعت اللغة الدبلوماسية الرصينة صيغ التعاون والتكامل بين الرئيس عبدالفتاح السيسى وشقيقه الملك سلمان بن عبدالعزيز وولى عهده الأمير محمد بن سلمان مما جعلها علاقة ثنائية بين دولتين كبيرتين ونموذجا للتعاون الثنائى المميز بين بلدين شقيقين بما يملكانه من مكانة ومقدرات سياسية واقتصادية وعسكرية كقوتين عربيتين وإقليميتين فاعلتين تلقيان التقدير والاحترام الاقليمى والاسلامى والدولي.
وقد انعكس التلاحم والتنسيق والتشاور بين البلدين على مواقف البلدين فى المحافل الدولية والحفاظ على الأمن القومى العربى الذى تعتبره القيادة المصرية جزءا لا يتجزأ من الأمن القومى المصرى والعمل المتواصل من أجل تحقيق مصالح أمتنا العربية والإسلامية.. وكما تتطابق علاقات البلدين التى شهدت تعزيزا وتطورا كبيرا فى المجالات السياسية والاقتصادية وغيرهما ولهما دورهما المحورى فى مكافحة التطرف والارهاب ومواجهة الفكر الضال حماية للمنطقة من هاوية الخطر كما يدعمان خطوات اجتثاث هذه الآفة الخطيرة التى تهدد دول المنطقة والعالم.. وفى ظل الأحداث الأخيرة فى منطقة الشرق الأوسط خاصة بعد عملية طوفان الأقصى فى 7 أكتوبر 2023 برز التنسيق المستمر والتشاور بين البلدين لوقف هذه الحرب غير المتوازنة وسعى قيادات البلدين الدائم لوقف نزيف الدم ونفاذ الغذاء والماء والطاقة لأهل غزة وتسهيل مد أبناء الشعب الفلسطينى بالمساعدات الإنسانية.
وكانت مواقف البلدين الداعمة للاستقرار فى سوريا وليبيا والسودان واحترام سيادة الدول صيغة مشتركة فى تعامل البلدين مع هذه القضايا وتبنى عملية سياسية شاملة فى حل المنازعات بين الدول وعدم التدخل فى قضاياها الداخلية.
مجمل القول من واقع اللقاءات والاتصالات بين القيادتين ولقاءات الوزراء المعنيين بتطوير العلاقة بين البلدين تؤكد القناعة لدى المسئولين فى الدولتين الكبيرتين بأهمية التعاون والتنسيق المكثف فى مواجهة التحديات والمخاطر المشتركة التى تفرزها ظروف المنطقة وإيمانهم ان الحلول السلمية هى أقرب طريق لبناء الاستقرار والتنمية فى دولهم.
ومن واقع لقاء وزير الخارجية د. بدر عبدالعاطى ونظيره الأمير فيصل بن فرحان وزير الخارجية السعودى فى العلمين الخميس الماضى وتأكيدهما ان العلاقات بين البلدين تاريخية ولا يمكن التشكيك فى صلابتها فى ظل الوشائج التاريخية التى تجمع القيادتين المصرية – السعودية والشعبين الكبيرين الشقيقين.. ويرى المواطن المصرى والسعودى ان انشاء مجلس التنسيق الأعلى المصرى – السعودى يستهدف الارتقاء بمستوى التعاون ويترجم تطلعات الشعبين الشقيقين فى مصر والسعودية.
حقا انهما جناحا الأمة العربية وقوة البلدين قوة للعرب وستظل هذه العلاقة برموز تاريخها ومحطاتها نموذجا لعلاقات قوية ومتينة ومستمرة.
يقول السفير د. يوسف أحمد الشرقاوى سفير مصر لدى اليمن سابقا «معتمدا ومقيما بالرياض» ان العلاقات المصرية – السعودية تاريخية وقوية عبر القرون خاصة منذ توقيع معاهدة الصداقة بين البلدين عام 1926 وهناك عوامل كثيرة تؤكد أهمية العلاقات المصرية – السعودية ترتبط بالروابط الثقافية والتجارية والاستراتيجية الى جانب ارتباط العلاقات المصرية – السعودية كل منهما بالأخرى بالأمن القومى العربى والمصرى .
أضاف السفير د. الشرقاوى ان العلاقات الثنائية بين البلدين متميزة دائما وتتسم بالقوة والاستمرارية وهذا يرجع للمكانة والقدرات الكبيرة التى تتمتع بها كل من مصر والسعودية حيث ان الدولتين هما قطبا العلاقات والتفاعلات فى النظام الاقليمى العربى والشرق الاوسط كما ان التشابه فى التوجهات بين السياستين المصرية والسعودية يؤدى إلى التقارب ازاء مواجهة التحديات الجسام التى تواجه الأمن القومى العربى والأمة العربية .
أشار إلى أن هناك اتفاقيات موقعة بين البلدين منذ تأسيس الدولة السعودية وترجمت ذلك فى الزيارات والاتصالات المتبادلة العديدة من جانب السيد الرئيس عبدالفتاح السيسى والملك سلمان وولى العهد الأمير محمد بن سلمان فالزيارات والاتصالات لا تنقطع بين مصر والسعودية على مختلف المستويات والملاحظ ان هناك تنسيقا يميز العلاقات الثنائية بين البلدين، كما لمست من خلال عملى سفيرا لمصر سابقا مقيما فى الرياض ومعتمدا لدى اليمن ان هناك تنسيقا كاملا وتشاورا دائما يحكم العلاقات بين مصر والسعودية فى مختلف المجالات وهناك احترام وتقدير عال للجالية المصرية فى شتى ربوع المملكة .
أوضح ان هناك أسسا مهمة تؤكد عليها السياسة الخارجية المصرية والسياسة الخارجية السعودية واتفاقا بين الجانبين فى هذا الاطار مفاده الرفض التام لكل التدخلات الاقليمية فى شئون الدول العربية أيا كان مصدرها نظرا لما تشكله من تهديد لوحدة أراضى الدول العربية واستقلالها وسيادتها ومن ثم نجد ان هناك توافقا بين مصر والسعودية لدعم المبادرات السياسية والحلول السلمية لكل أزمات المنطقة خاصة فى اليمن وسوريا ولبنان وليبيا والسودان والأراضى الفلسطينية المحتلة وفقا لقرارات مجلس الأمن الدولى وميثاق الأمم المتحدة وجامعة الدول العربية ومنظمة التعاون الإسلامي.
أكد الشرقاوى ان العلاقات المصرية – السعودية فى عهد الرئيس السيسى والملك سلمان وولى العهد الأمير محمد بن سلمان اتسمت بالتشاور والتنسيق المستمر فى اطار معالجة كافة قضايا المنطقة سواء خلال الاتصالات واللقاءات الثنائية أو فى الاجتماعات الدولية المتعددة الأطراف على المستوى الاقليمى والدولى حيث يتكامل البلدان باعتبارهما أكبر قوتين عربيتين وإقليميتين فاعلتين فى اطار النظام الاقليمى العربى والنظام الاقليمى الشرق أوسطي.
ويرى السفير د. يوسف الشرقاوى ان دور مصر والسعودية المشترك دائما يمثل عامل دعم وتوازن وتحقيق استقرار لدول المنطقة وتحقيق الأمن القومى العربى .
أعرب السفير الشرقاوى عن أمله فى استمرار التوافق والتشاور والتنسيق بين البلدين لمواجهة الأخطار المحدقة التى تحيط بسوريا ولبنان ووقف الابادة الجماعية التى يتعرض لها الشعب الفلسطينى والعمل المشترك من أجل إقامة الدولة الفلسطينية المستقلة على خطوط الرابع من يونيو 1967 وعاصمتها القدس الشرقية كما يؤكد ذلك دائما الرئيس السيسى والملك سلمان وولى العهد الامير محمد بن سلمان.
السفير أيمن مشرفة مساعد وزير الخارجية الأسبق، يؤكد إنه منذ الزيارة الرسمية الاولى للملك عبدالعزيز مؤسس الدولة السعودية لمصر عام 1946 اتسمت العلاقات المصرية السعودية بسمات خاصة وهى دورية اللقاءات والتوافق فى الرؤى فى القضايا المصيرية المهمة وعلى رأسها القضية الفلسطينية وقضايا التحرر العربى من الاستعمار مثل قضية الجزائر وغيرها، وعلى مر العصور كانت مصر والسعودية قاطرة العمل العربى المشترك.
وأضاف السفير مشرفة ان البلدين عضوان مؤسسان فى مؤسسات عربية وإسلامية فاعلة مثل الجامعة العربية عام 1945 ومنظمة التعاون الإسلامى فى عام 1969 وغيره من المؤسسات الاقتصادية والمصرفية الفاعلة التى أثرت العمل العربى المشترك.
وأشار إلى أنه وفى خلال حرب الخليج الاولى تجلى التضامن المصرى السعودى فى تحرير الكويت.
وأكد ان السعودية تأتى على رأس الدول العربية المستثمرة فى الاقتصاد المصرى فى قطاعات حيوية مثل قطاع السياحة والفنادق والخدمات.. والشريك العربى التجارى الاول وكذلك تحتضن السعودية اكبر جالية مصرية فى الخارج بتعداد يقارب المليون ونصف المليون يشاركون بسهم وافر فى الحياة اليومية فى المملكة.. فضلا عن العلاقات الثقافية المتميزة، خاصة خلال السنوات الأخيرة حيث وضح تمامًا التنسيق فى المواقف والحرص على التشاور المستمر لما فى هذا من مصلحة للأمة العربية لأن البلدين هما ركيزتا الاستقرار والأمن فى المنطقة.
