لجأت العديد من الدول التي تواجه تحديات بيئية ومناخية قاسية إلى حلول مستدامة من قلب الطبيعة، ويأتي في مقدمتها زراعة أشجار «المانجروف» كنظام بيئي متكامل قادر على مواجهة آثار تغيّر المناخ والتصحر. وتُعدّ هذه الأشجار الملحية من النعم الربانية التي تنتشر على سواحل دول عدة، من بينها مصر، والسعودية، والسودان، حيث تُسهم في تحلية المياه المالحة، وتخزين الكربون، وحماية السواحل من التآكل.

وأكد الدكتور عاطف محمد كامل أحمد – سفير النوايا الحسنة، ومؤسس كلية الطب البيطري بجامعة عين شمس، وعضو اللجنة العلمية لإتفاقية «سايتس»، وخبير الحياة البرية ببرنامج الأمم المتحدة للتنمية – أن أشجار المانجروف تعد من الركائز البيئية الهامة، نظرًا لدورها الفعال في دعم التنوع البيولوجي، وتوفير بيئة خصبة لتكاثر الأسماك والطيور والقشريات، إلى جانب أهميتها الاقتصادية في دعم الصناعات والحرف البيئية والسياحة.
وأوضح أن المانجروف ينمو في المياه المالحة بطول السواحل الاستوائية وشبه الاستوائية، ويشكل حاجزًا طبيعيًا ضد الأعاصير والتآكل الساحلي، كما يُعدّ من أكثر الأنظمة البيئية كفاءة في امتصاص وتخزين ثاني أكسيد الكربون، ما يجعله أداة طبيعية قوية في مكافحة تغيّر المناخ.

وأشار إلى أن مصر تمتلك مساحات من المانجروف في محميات «رأس محمد» و«نبق» على سواحل البحر الأحمر، موضحًا أن الحكومة المصرية تنفذ حاليًا مشروعات لإعادة استزراع تلك الأشجار واستعادة النظام البيئي المتدهور، بالتوازي مع حملات التوعية المجتمعية حول أهميتها، وتشجيع السياحة البيئية.
وأضاف أن فوائد المانجروف لا تقتصر على البيئة فقط، بل تمتد إلى دعم الاقتصاد المحلي من خلال مصايد الأسماك، وصناعة الأخشاب والعسل، وتوفير فرص عمل للمجتمعات الساحلية.
ولفت الدكتور عاطف إلى أن التوسع العمراني والتلوث البحري من أخطر التهديدات التي تواجه غابات المانجروف، داعيًا إلى تكثيف جهود الحماية عبر تنظيم الصيد، والحد من التلوث، وزيادة الرقعة الخضراء بالاستزراع، وتشجيع السياحة المستدامة.