من الطبيعي في زمن الاستهداف ألا يترك المتربصون العلاقة بين مصر والسعودية دون أن يحاولوا إفسادها بالفتنة واستخدام كل أساليب الوقيعة من الأكاذيب والشائعات وافتعال الأزمات.
الجميع يعلم مستوى العلاقة بين البلدين والتي تصل إلى الأخوة القائمة على روابط وطيدة وثوابت لا يمكن أن تهتز مهما كان حجم التحديات، لكن هؤلاء المتربصين يصرون على استهداف هذه العلاقة بشكل مستمر دون توقف لانهم يدركون حجم تأثير ومكانة مصر والسعودية في الإقليم وأنهما مصدر الاستقرار وأن أي تراجع في التنسيق والتكامل بين البلدين يعنى بالضرورة إضعافًا للموقف العربي ويسهل تنفيذ مخططاتهم الخبيثة لتفتيت الدول العربية، لكن المؤكد أن كل هذه المحاولات لیست فقط بانسة بل فاشلة.. ولن تنجح الأسباب عديدة:
- أولها: أن القاهرة والرياض تجمعهما روابط عصية على مثل هذه المحاولات فهى روابط تاريخية استقرت وقويت جيلا بعد جيل حتى أصبحت أسسا راسخة يؤمن بها كل أبناء البلدين الشقيقين ويرفضون التفريط فيها بل يدافعون عنها بكل قوة.
- ثانيها: أن قيادتي البلدين واعيتان تمامًا لأهمية استمرار العلاقة القوية والتشاور والتنسيق الكامل لأن هذا لصالح الشعبين، بل وللأمة العربية بكاملها، وهذا ما يؤكد عليه دائما الرئيس عبد الفتاح السيسي الذي يؤمن بأهمية العلاقة التاريخية وأنها كلما كانت ثابتة ومستقرة كانت الأمة قادرة على مجابهة الخطر وكافة التحديث.
- الثالثة: أنه منذ تولى الرئيس عبد الفتاح السيسى وعلاقته بالملك سلمان وولى العهد الأمير محمد بن سلمان على أفضل ما يكون بل هناك حرص مشترك على تعزيز التشاور والتنسيق ودعم كل ما يطور العلاقة التي أصبحت استراتيجية في كافة المجالات وبما يترجم الإرادة السياسية المتبادلة.
- الرابعة: إن هذه العلاقة الخاصة التي ليست وليدة اليوم بل تكونت وتأكدت على مدى قرون تعرضت لاختبارات ومحن كثيرة ومحاولات استهداف عديدة ومخططات فتنة ووقيعة لم تتوقف لكن كل هذا فشل وتحطم على «صخرة الرباط المصرى – السعودي المقدس»، وربما تكون السنوات العشر الماضية هي الأكثر في محاولات الوقيعة بين البلدين الأسباب عديدة منها أن هناك بالفعل مخططًا لإعادة ترسيم المنطقة العربية ورعاة هذا المخطط يعلمون أنه لن ينجح طالما ظلت مصر والسعودية على تنسيق وتشاور مستمر كما أن ظهور «السوشيال ميديا» ساهم في تنويع أساليب الاستهداف واستمرارها بالإضافة إلى الجماعة الإرهابية التي لا تريد أن تبقى هذه العلاقة على قوتها لتجد لنفسها ثغرة تنفذ منها مرة أخرى، ولكن رغم كل هذا ظلت علاقة البلدين بخصوصيتها ومتانتها حجر عثرة ضخمًا أمام هذه المحاولات والحروب اللعينة وظلت قيادتا البلدين ومازالتا قادرتين على إفساد أي محاولات من هذا النوع وبنفس القدر يظل شعبا البلدين بوعيهما قادرين على حماية العلاقة من كل محاولات الفئة مهما كانت قوية.
- الخامسة: أن قيادتي وشعبي البلدين يدركون جيدًا أن هذه المرحلة تحديد تتطلب بل وتفرض حالة من التماسك وقوة الترابط لأن التحديات صعبة والمخاطر كثيرة ولا سبيل لمواجهتها إلا بوحدة القرار والتماسك العربي وفي المقدمة العلاقات «المصرية- السعودية» هذا ما يؤكد عليه دائما الزعيمان عبد الفتاح السيسي وولى العهد السعودي محمد بن سلمان أكثر من مرة.
- السادسة: أن التجارب أثبتت بما لا يدع مجالًا للشك أنه طالما كان هناك تنسيق وتكامل مصري سعودي كان هناك نجاح عربي ليس فقط في قضايا الإقليم بل القضايا والمشهد الدولي.. فالبلدان قادران على لم الشمل العربي وتوحيد المواقف وتوجيه رسالة عربية واحدة يسمعها العالم.
- السابعة: أن الفترة الأخيرة ومع تعاظم الخطر الذي يهدد الأمن القومي العربي وجدنا الزيارات المتبادلة بين البلدين والاتصالات التي لا تنقطع بما يعنى أن العلاقات على افضل ما يكون، وأن التنسيق لم يتوقف. بل يتم على أعلى مستوى وهو ما يعشب صناع الفتنة والمتربصين بالدول العربية.
- الثامنة: ارتباطا بهذا فإن هناك إيمانًا لدى البلدين، قيادة وشعبًا بأن الأمن القومى واحد والمصير واحد ولا مجال أبدًا للعمل الفردى بل لابد من التماسك وأن تكون مصر والسعودية دائما يدا واحدة في الرؤية والقرار بخصوص كل ما يمس الأمن القومي للبلدين والأمة العربية، سواء في سوريا أو لبنان أو اليمن أو ليبيا أو بالطبع القضية الفلسطينية.
- التاسعة: أن ما تشهده العلاقات الاقتصادية من تنام مستمر سواء على المستوى الصناعي أو الاستثماري والمشروعات بات المشتركة والتبادل التجاري المتزايد يترجم مستوى العلاقات السياسية الرفيعة لأنه إذا لم تكن العلاقات السياسية وعملية التنسيق الاستراتيجي جيدة فلن يحدث التقارب والتعاون الاقتصادي بهذا الشكل اللافت.
لكل هذا لم يكن غريبًا أن يؤكد وزير الخارجية د. بدر عبد العاطي مع نظيره السعودي الأمير فيصل بن فرحان على الرفض الكامل لأي محاولات يائسة للمساس بالعلاقات بين البلدين عبر بعض المنصات الالكترونية غير المسئولة أو التشكيك في صلاية تلك العلاقة.
فما قاله وزير الخارجية ليس رأيًا شخصيًا، بل قناعة تامة لدى الدولتين وإيمان راسخ بأن ما بين «القاهرة والرياض» غير قابل للنقاش.
لكن يبقى أمر مهم.. فعلينا جميعا خاصة النخبة والمفكرين والمثقفين في البلدين أن تؤكد على نفس الرسالة من خلال أفعال تترجم هذا، ولقاءات لا تتوقف.. فرسالتنا لابد أن تكون واحدة وثابتة.. نحن تاريخ واحد ومصير مشترك، ويجب ألا نمل من التذكير بالخطر الذي يتهددنا جميعًا.. وأننا مستهدفون في علاقاتنا وعلينا أن نكون دائمًا في يقظة لنحمي بلادنا من هذه المخططات التي تستهدف أمننا القومى ووحدتنا واستقرارنا.