دعانى صديق لى بقرية دهتورة إلى زيارته.. فقلت فى نفسى.. إنها فرصة لإعادة الذكريات ومشاهدة منطقة عزيزة ورائعة تستحق ليس الزيارة وإنما السكن بجوارها.. فالمنطقة تقع على أحد فرعى النيل «رشيد» وبها «الخمسين عيناً» وتحيطها المياه والحدائق والزراعات والبساتيتن من كل جانب.. لذا كانت محط أنظار الزوار الذين يأتون إليها من كل حدب وصوب ليس فى شم النسيم فقط كما كنت وغيرى نعتاد وإنما فى الأعياد والرحلات المدرسية والمناسبات السعيدة كحالات الزفاف لالتقاط الصور بجوار القناطر وحتى فى الأيام العادية حيث الراحة النفسية ولحظات التأمل والصفاء والنقاء وقل ما شئت.. ولكن بمجرد أن حطت قدماى القرية كانت صدمتى كبيرة فماذا شاهدت.. وما الأسباب؟
شاهدت بقناطر دهتورة أو زفتى أو ما نحب أن نطلق عليها بالعامية «الخمسين عيناً» لأنها تضم 50 فتحة لتمرير المياه منها لبقية الترع المترفعة منها لاستخدامها فى رى مئات الآلاف من الأفدنة بالقرى ومنها قريتى الوادعة فى أحضان الريف والتى كنت أتمنى أن تكون فى هذا المكان العبقرى مثل دهتورة حيث اتساع النيل بشكل كبير لذا تم اختيار هذا المكان لإقامة القناطر عليه مثلما حدث بالنسبة للقناطر الخيرية بالقليوبية.. المهم شاهدت القاذورات بكل أنواعها منتشرة فى كل مكان تقريبًا وبالتالى الروائح الكريهة والحشرات والذباب والزواحف خاصة فى الصيف، كما شاهدت توقف الحركة فوق جسم القناطر ووضع حواجز قبل وبعد جسم القناطر والذى شوه للأسف شكل القناطر أو الخمسين عيناً وعندما سألت قالوا لمنع مرور سيارات النقل الثقيل حفاظًا على القناطر من التصدع لا قدر الله بعدما تسببت تلك السيارات على الرصف وأحدثت خلخلة فى البلاط أو الأسفلت نتج عنها وجود مئات الحفر التى قضت على جمالية المكان وروعته وقدسيته.
صراحة حزنت على ما آل إليه حال «الخمسين عيناً» الذى لم أزرها تقريبًا منذ إقامتى الدائمة فى القاهرة لتلقى العلم فى الجامعة وبعدها للعمل كصحفى فى جريدة «الجمهورية»، أصابتنى الدهشة لأن الصورة الذهنية الجميلة عن عبقرية هذا المكان تبددت وتبدلت من بانوراما جميلة إلى شبه عشوائية لمكان كان كما سبق القول قبلة الزوار تمامًا مثل القناطر الخيرية التى مازالت تستقبل عشرات الآلاف خاصة فى شم النسيم وأنا واحد منهم إلى وقت قريب وتعتبر مصدراً من مصادر السياحة وزيادة الدخل القومى وباب رزق لكثير من الباعة.
الحقيقة.. قناطر زفتى أو دهتورة أو «الخمسون عيناً» تحتاج إلى عناية لأنها من الآثار المعمارية الفريدة فى مصر تم إنشاؤها فى عهد الخديو عباس حلمى الثانى حيث وضع حجر الأساس مارس 1903 لتوفير المياه للوصول إلى مليون فدان تقريبًا من خلال تغذية فرع دمياط، وكانت لفترة زمنية طويلة تتميز بطابعها الجميل والفريد وكانت تضم استراحات المشيدة على الطراز الأوروبى.
علمت أنه سيتم تنفيذ خطة لتجميل وتطوير الحدائق المجاورة تنفيذًا لرغبة الأهالى لإعادة الروح إليها من الجانبين الأول من ناحية محافظة الدقهلية عند قرية كفر سرنجا والثانية من ناحية محافظة الغربية عند قرية دهتورة، حيث يتخذ الأهالى من القناطر والمنطقة المحيطة بها مكانًا للتنزه فى حدائقها والاستمتاع بصيد الأسماك وركوب القوارب النيلية.
أتمنى من المسئولين سرعة إنجاز خطة التطوير لتنشيط السياحة وإعادة القناطر إلى ما كانت عليه فى السابق وهى مسألة لا تحتاج إلى الكثير من التكاليف فى ظل اهتمام الدولة ورؤية 2030 وفى ظل الجمهورية الجديدة وبناء الإنسان، وممكن دعوة القطاع الخاص للمشاركة فى عمليات التطوير، والتفكير فى إزالة البوابات فوق جسم القناطر المعيقة للحركة البصرية ووضع كمائن فى مدخلى القناطر لتنظيم حركة مرور السيارات مع إبقاء منع النقل الثقيل من المرور الذى كانت سببًا فى عمل بوابات المرور، أعتقد أن الاهتمام بـ»الخمسين عيناً» واجب وطنى وسياحى واستثمارى لأنه سيعود بالفائدة على الجميع.
.. وأخيرًا:
> قناطر زفتى لا تقل أهمية وشهرة عن القناطر الخيرية.
> الاهتمام بطوابى البحيرة وحصونها.. خطوة لتنشيط السياحة والحفاظ على المنشآت الخيرية.
> افتتاح معرض ديارنا للحرف اليدوية والتراثية بالساحل الشمالى.. يشجع أصحاب تلك الحرف على تسويق وبيع منتجاتهم وزيادة دخولهم.
> اقتربت انتخابات مجلس الشيوخ.. نتمنى نوابًا قادرين على خدمة دوائرهم ووطنهم.
> إسرائيل تخطط لابتلاع 40 ٪ من مساحة قطاع غزة.. ربنا يستر!
> مَنْ وراء حرائق اللاذقية بسوريا.. مجرد سؤال؟!
> 136 ألف مخالفة مرورية فى يوم.. شكرًا للداخلية.
> ظهرت نتيجة الدبلومات الفنية.. عقبال الثانوية العامة وتكون بنسبة كبيرة.