وأنا أتابع زيارة نتنياهو رئيس الوزراء الإسرائيلى إلى أمريكا الاسبوع الماضى .. قفز إلى ذهنى دور هنرى كيسنجر أشهر وزير خارجية فى التاريخ .. فى دعم إسرائيل بكل ما تملك أمريكا من قوة .. وايضا بكافة وسائل المراوغة والخداع .. كنت قد قرأت مذكراته التى أصدرها فى كتابه «سنوات البيت الأبيض».. كما تابعت بث تليفزيون الـ بى بى سى .. هذه الأيام لمذكرات كيسنجر بصوته .. وقد يكون كيسنجر هو الوحيد الذى احتفل بعيد ميلاده المائة .. وهو على قيد الحياة .. فهو من مواليد 27 مايو 1923 .. وتوفى فى 29 نوفمبر 2023، لم أتعجب من المساعدة العسكرية الفورية التى قدمها كيسنجر لإسرائيل فى حرب 1973.. فهو من أصل يهودى .. هرب من ألمانيا مع عائلته فى عام 1938 كلاجئ يهودى إلى أمريكا .. تم تجنيده فى الجيش الأمريكى فى الحرب العالمية الثانية .. التحق بجامعة هارفارد الأمريكية وتفوق وتم تعيينه أستاذاً بها.. ثم مستشاراً للأمن القومى الأمريكى عام 1969.. فوزير خارجيتها فى عام 1973 حتى 1977.. أطلق عليه رجل الرحلات المكوكية.. لتعدد سفرياته.. خاصة فى أيام حرب 73.. حيث سافر الى إسرائيل 16 مرة فى أقل من شهر.. أطلق عليه ثعلب أمريكا المراوغ .. فهو الذى أنهى حرب فيتنام.. لصالح امريكا.. بعد تفاوض استمر لمدة 4 سنوات.. العجيب اننى استمعت لكيسنجر وهو يحكى بصوته الحزين عن معاناته وأسرته من اضطهاد هتلر لهم.. ونجاتهم من محرقة الهولوكست.. ومع ذلك يدعم إسرائيل ويساندها فى قتل الأبرياء من الفلسطينين.. ومن عجائب القدر .. ان ما يفعله ترامب هذه الأيام مع إسرائيل .. هو نفسه الذى فعله كيسنجر.. وان زيارة نتنياهو الأخيرة لامريكا .. ذكرتنى بزيارة جولدامائير لامريكا عقب حرب اكتوبر.. حيث حصلت على الدعم الكامل سياسيا وعسكريا .. وهو نفس ما يريده نتنياهو من امريكا.. والغريب ان ترامب يجلس مع نتنياهو.. فى الوقت الذى تتعمد فيه إسرائيل تكثيف هجماتها ليل نهار على الفلسطينيين العزل.. وفى جانب آخر.. توجد مفاوضات بين حماس وإسرائيل .. لمجرد اضاعة الوقت فقط.. وتحقيق أكبر ابادة فى التاريخ للشعب الفلسطينى .. وترامب يكتفى بالفرجة .. وهو ما فعله كيسنجر منذ حوالى 52 سنة.. تصوروا كيسنجر فى عام 1976 اقترح السماح للاجئين الفلسطينيين بالاستقرار فى لبنان.. حتى يتم تسكين اليهود محلهم .. واليوم يجئ ترامب ليعيد ما طالب به كيسنجر منذ 52 عاماً.. معقول التاريخ يعيد نفسه .. بكل هذه الدقة والاتقان.. انظروا.. ماذا فعل افرايم أفرون سفير أمريكا فى إسرائيل .. وهو يستقبل كيسنجر يوم ٢٢ اكتوبر 1973.. كان كيسنجر قادما من موسكو الى القدس.. يقول افرايم .. قلت فى نفسى وطائرة كيسنجر تهبط على الأرض.. معقول.. يهودى من أصل ألمانى.. يمكن ان يؤدى هذا الدور فى السلام والحرب.. هذا لا يمكن يحدث إلا فى أمريكا نفسها!! وقد نجح كيسنجر فى إزاحة وزير خارجية أمريكا روجرز .. لمجرد أنه كان يسعى الى إجراء سلام حقيقى بين إسرائيل والعرب !! ويعترف كيسنجر بأنه فوجئ بقيام حرب أكتوبر .. وبأنه أخطأ فى فهم شخصية أنور السادات.. ومن عجائب مذكرات كيسنجر سواء المكتوبة أو المسموعة صوت وصورة.. أن الاخطبوط الصهيونى الملعون يسيطر على عقول القادة والرؤساء سواء فى أمريكا أو أوروبا.. وفى كثير من دول العالم .. ويكفى أن ندرك جيداً.. من خلال اعترافات كيسنجر فى مذكراته.. بأنه نجح فى فرض سيطرته الكاملة على سياسة البيت الأبيض .. وأنه أعدم كل فرص السلام.. وهو نفس الدور الذى يؤديه ترامب حاليا.. وهو ما يشكل خطورة لا مثيل لها على مصير الشعوب صاحبة الحق!! وكشف كيسنجر عن رغبة الكاتب الكبير محمد حسنين هيكل فى لقائه.. عن طريق الكاتب الكبير على حمدى الجمال.. صديق كيسنجر .. عندما تلقى دورة تدريبية فى هارفارد حيث كان كيسنجر أستاذاً بها.. ولكن هيكل تراجع عن هذه الفكرة .. أتوقف أمام زيارة جولدامائير لأمريكا فى ديسمبر 1971.. حيث التقت بنيكسون وتم اتفاق سرى على أنه لا تسوية شاملة على الإطلاق.. لكن تمييع الموقف.. فى مباحثات تمثيلية.. وهو ما يكرره ترامب قيصر البيت الأبيض الحالى .. أقول .. احذروا قيصر البيت الأبيض على مر التاريخ.