حق الطريق من الحقوق العامة التى لا يجوز التعدى عليها لا شرعًا ولا قانونًا، وقد عظم الإسلام من شأن الحق العام بصفة عامة وحق الطريق بصفة خاصة، حيث عد نبينا الكريم «صلى الله عليه وسلم» إماطة الأذى عن الطريق شعبة من شعب الإيمان، فقال «عليه الصلاة والسلام»: «الإِيمَانُ بِضْعٌ وَسَبْعُونَ أَوْ بِضْعٌ وَسِتُّونَ شُعْبَةً فَأَفْضَلُهَا قَوْلُ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ، وَأَدْنَاهَا إِمَاطَةُ الأَذَى عَنِ الطَّرِيقِ، وَالْحَيَاءُ شُعْبَةٌ مِنَ الإِيمَانِ»، وقال «صلى الله عليه وسلم»: «أَمِطِ الأَذَى عَنِ الطَّرِيقِ فَهُوَ لَكَ صَدَقَةٌ»، ونهى «صلى الله عليه وسلم» عن التبول أو التغوط فى الطريق لما فى ذلك من أذى للناس، وعد ذلك من الأمور المؤدية للعن صاحبها، فقال «صلى الله عليه وسلم»: «اتقوا اللاعنين، قالوا: وما اللاعنان يا رسول الله، فقال «صلى الله عليه وسلم»: الذى يتخلى فى طريق الناس أو فى ظلهم».
وقد حثنا «صلى الله عليه وسلم» على حسن مراعاة آداب الطريق، فقال «عليه الصلاة والسلام» يومًا لأصحابه «رضوان الله عليهم»: «إِيَّاكُمْ وَالْجُلُوسَ فِى الطُّرُقَاتِ، قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا لَنَا بُدٌّ مِنْ مَجَالِسِنَا نَتَحَدَّثُ فِيهَا، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ «صلى الله عليه وسلم»: فَإِذَا أَبَيْتُمْ إِلاَّ الْمَجْلِسَ فَأَعْطُوا الطَّرِيقَ حَقَّهُ، قَالُوا وَمَا حَقُّهُ؟ قَالَ: غَضُّ الْبَصَرِ وَكَفُّ الأَذَى وَرَدُّ السَّلاَمِ وَالأَمْرُ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْيُ عَنِ الْمُنْكَرِ».
وإن من أهم حقوق الطريق الالتزام بقواعد وتعليمات السير فيه، وعدم الاعتداء عليه أو تضييقه أو التعدى عليه بالبناء أو أى لون من ألوان الاستغلال غير القانونى أو إعاقة السير فيه، أو عمل بعض المطبات بعيدًا عن السلطة المختصة والجهات المسئولة عن الطريق، أو وضع لافتات أو إعلانات دون الحصول على الرخصة اللازمة لذلك.
وأرى أن أخطر المخالفات التى تقع على الطريق هى السير عكس الاتجاه، لما يتسبب فيه من حوادث قاتلة ويسببه من مخاطر جسيمة ، وحسنا غلظ المشرع عقوبة السير عكس الاتجاه إلى الحبس ، غير أننى أقترح تعميم هذه العقوبة على قائد أى مركبة يسير عكس الاتجاه أيا كان نوع هذه المركبة، سواء أكانت سيارة أم دراجة بخارية أو عادية أم توكتكا أم تروسيكلا، مع ضرورة وضع اللافتات الإرشادية المنظمة عند جميع مداخل الطرق حتى لا يكون هناك عذر لمخالف.
وإذا كان ديننا الحنيف قد علمنا أن نعطى الطريق حقه فما بالكم بمن يتجاوز فى حقه أو يعتدى عليه بأى لون من ألوان التجاوز والاعتداء، معطلاً باعتدائه عليه مصالح الناس وخاصة فى سهولة ويسر سيرهم وحركتهم عليه؟ أو كان هذا التجاوز بسيره عكس الاتجاه أو تجاوز السرعة المحددة، فيعرض حياته وحياة الآخرين للخطر ، فضلا عن ما قد يترتب على ذلك من قتل النفس التى حرم الله إلا بالحق أو إصابة إنسان بعاهة مستديمة تعوقه عن حركة الحياة، بسبب هذا التهور المقيت، مما يوقع المتجاوز فى إثم عظيم .
وإذا كان النبى «صلى الله عليه وسلم» قد جعل إماطة الأذى عن الطريق صدقة، وعد ذلك شعبة من شعب الإيمان، وسبيلا لدخول الجنة، فإن الاعتداء على حق الطريق أو المرافق العامة وفق مفهوم المخالفة عند الأصوليين يوقع صاحبه فى الإثم ويعرضه لسخط الله «عز وجل»، كونه معتديًّا على الحق العام أو النفع العام، بحيث يصير كل متضرر خصمًا له عند الله «عز وجل»، فيعرض نفسه لسخط الله وسخط الناس.