كتبت هذا المقال قبل فترة ليست بالقصيرة.. ومع مرور الوقت وتشابك الأحداث والأزمات التى تواجه المنطقة وتعدد المؤامرات التى تستهدف هذا البلد، رأيت إعادة نشره مرة أخري، من قبيل «وذكر فإن الذكرى تنفع المصريين».
يوما بعد يوم يتأكد للقاصى والدانى أن ضرب مصر وزعزعة استقرارها هدف ثمين، وغاية ملحة من قبل أهل الشر وأعوانهم فى الداخل والخارج.. ولم لا، فمصر استعادت دورها الإقليمى والدولي، وتسعى لاسترداد عافيتها الاقتصادية والسياحية، وباتت محط الأنظار، خاصة بعد نجاحها فى دحر الإرهاب.
مصر يا سادة، لا تتحدث بوجهين ولا تكيل بمكيالين، لذلك فهم غاضبون.. خائفون من انفتاحها على العالم، لاسيما فيما يتعلق بالتقارب مع روسيا والصين وغيرهما من بلدان العالم، لذلك لابد من استهداف مصر وضرب مشروعاتها الجديدة وأحلامها المشروعة فى حياة كريمة للمصريين.. مصر التى بدأت تعرف الطريق الاقتصادى الصحيح، لابد من وضع حجر عثرة فى طريقها بعد فشل مخطط الإرهاب وتخويف المصريين.. فلجأوا لبث الشائعات ومحاولة زرع الفتن بين المصريين سعياً إلى تسخين الأرض فى محاولة لإعادة سيناريو ما قبل يناير 2011.. كلها أغراض خبيثة مريضة هدفها ضرب اقتصاد مصر.. والسعى إلى تفتيتها وتقسيمها.. لكن، هيهات هيهات.. لن ينجحوا طالما أن هناك شعباً يدرك أبعاد المؤامرة، وجيشاً يحمى ولا يعتدي، يصون ولا يخون، وشعباً يسعى للسلام ويكره القتل والعنف والحرب.
يبقى السؤال الذى يطرح نفسه بقوة: لماذا يستهدفون مصر عبرالعصور؟!
الإجابة ببساطة، لأنهم اليوم يعتبرون مصر بمثابة الجائزة الكبرى وقديماً كانوا يطلقون عليها «رأس الأفعي»، فهى التى هزمت الحملة البحرية الصليبية الرومية سنة 565هـ بقيادة صلاح الدين.
ولأن مصر هى التى لدغت الغرب لدغة مميتة فى «حطين» بقيادة صلاح الدين، واستردت القدس وكل فلسطين من الغرب الصليبى وصدت بقيادته الحملة الثالثة.
وهى التى هزمت الحملة الصليبية الخامسة سنة 618هـ، وهزمت ملك فرنسا لويس التاسع فى حملته السابعة على مصر سنة 648هـ وأخذته أسيراً ذليلاً.
نعم، هم يتربصون بمصر.. فهى التى صدمت الغرب بالقضاء على دولة «أنطاكية» الصليبية بقيادة الظاهر بيبرس فى رمضان سنة 666هـ التى كانت من أغنى الدول الصليبية، ومصر هى التى قضت على دولة «طرابلس» الصليبية سنة 688هـ بقيادة السلطان المملوكى قلاوون، ولم يبق بيد الغرب الامملكة «عكا».
ولأن مصر لدغت الغرب لدغة ظل يتألم منها عدة قرون، وهى القضاء على مملكة «عكا» الصليبية سنة 690هـ بقيادة خليل بن قلاوون، وأزالت جذوره من الشام.
لأن مصر هى التى فتحت المملكة الصليبية فى «قبرص» بقيادة السلطان المملوكى برسباى سنة 829هـ، وأسرت ملكها جانوس وأحضرته إلى القاهرة حقيراً ذليلاً.
وأخيراً وليس آخراً، فإن مصر لقنتهم درساً قاسياً فى حرب العاشر من رمضان السادس من أكتوبر 73 وحطمت أسطورة الجيش الذى لا يقهر، وهى التى أحبطت مخطط الشرق الأوسط الكبير وأفشلت مؤامرة الربيع العربى التى أعقبت أحداث 25 يناير 2011 وحتى اندلاع ثورتنا العظيمة فى الثلاثين من يونيو 2013.
وها هى مصر تقف حائطاً صلباً وسداً منيعاً أمام مخطط تهجير الفلسطينيين من غزة إلى مصر والأردن أو حتى إلى دول أخري.. لذلك فالخوف منها مازال يطاردهم ومازالت مؤامراتهم مستمرة ومبتكرة، سواء بطرق مباشرة أو غير مباشرة، باستخدام الخونة والرعاع والإعلام المأجور الموجه من الخارج للتدمير الذاتي، كما حدث فى ثورات الربيع العبري.
نقولها بصراحة: انتبهوا جيدا لما يُنشر، واتحدوا مع مؤسسات الدولة.. ومع ذلك فنحن متفائلون، بل وواثقون فى قدرة المصريين بقيادتهم الواعية وجيشهم القوى وشرطتهم الأبية على الصمود والعبور بسفينة الوطن إلى بر الأمان، وليكن شعارنا جميعا كلمات النشيد الوطنى الرائع «اسلمى يا مصر»، الذى كتبه الأديب مصطفى صادق الرافعى أيام ثورة 1919، ولحنه الموسيقار صفر علي.