فقدت السينما المصرية المخرج سامح عبدالعزيز، الذى قدم 19 فيلماً فى العشرين عاماً الأخيرة.. منها أربعة أفلام سوف تبقى فى ذاكرة السينما لسنوات قادمة، من تأليف كاتب السيناريو المتميز أحمد عبدالله وإنتاج أحمد السبكى وهي: «كباريه 2008، الفرح 2009، الليلة الكبيرة 2015، ليلة العيد 2024» وهو آخر أفلام المخرج الراحل.
تجربة سامح عبدالعزيز، جاءت من قلب التيار الرئيسى للسينما الجماهيرية المصرية، وليست كما يعتقد البعض أنها مختلفة عن الإنتاج السائد.. والأفلام المتميزة التى أشرنا إليها، تستحق أن تحمل عنوان «رباعية محاكمة المجتمع»، من خلال تقديم عدد كبير من الشخصيات على الشاشة، وهى شخصيات تنتمى إلى الواقع الاجتماعي، الذى أفرز نماذج رديئة من البشر نتيجة للضغوط المادية التى عملت على حصار الرجال والنساء ولا يستطيعون كسر هذا الحصار إلا بالعمل فى مهن غير شريفة مثل شخصيات فيلم «كباريه» وهم 44 شخصية وهو أكبر عدد من الشخصيات فى فيلم واحد، ولكن المخرج سامح عبدالعزيز كان قادراً على تقديم كل هؤلاء على الشاشة فى إيقاع لا يسمح بتسرب الملل لجمهور المشاهدين، وذلك لأن المخرج الراحل تخرج فى قسم المونتاج بمعهد السينما، وهو فن ضبط الإيقاع على الشاشة.
كذلك تدور أهم أحداث «الرباعية» خلال ليلة واحدة مثل فيلم «الفرح» الذى كشف بكل صدق وجرأة ما يفعله الفقر فى البشر، لأن حاجة الإنسان هى التى تدفعه إلى طريق الانحراف والجريمة، مدفوعاً بغريزة حب البقاء والتمسك بالحياة.. وقد قدم الراحل فى ذلك الفيلم عدداً كبيراً من الشخصيات أيضا، وتكررت الفكرة فى فيلم «الليلة الكبيرة»، وإن كان المخرج الراحل قد أخذ خطوة فنية أبعد، عندما اتجه إلى تقديم الفلولكلور الشعبى خلال الاحتفال بالمولد، ومنح الفرصة لتقديم سلوك الطرق الصوفية وإدانة الأفكار الخاطئة المنتشرة، خاصة فى أوساط البيئات الفقيرة فى الأرياف.
يختتم سامح عبدالعزيز رباعية محاكمة المجتمع بفيلم «ليلة العيد»، وهو يختلف بعض الشيء عن أفلام باقى الرباعية بالتركيز على معاناة النساء فى مجتمع ذكورى يعاملهن بقسوة، خاصة فى الصعيد.. مثل استبعاد النساء من الميراث وزواج القاصرات وختان البنات وإهدار حق المرأة فى اختيار الزوج.
لقد قام سامح عبدالعزيز وأحمد عبدالله مع عدد كبير من الفنانين بإبداع الرباعية التى تحاكم المجتمع وتكشف كل التناقضات الاجتماعية بأسلوب فنى مقبول جماهيرياً، وإن كان النقاد قد اعتبروه ضعيفاً فنياً.. لكن المخرج الراحل سامح عبدالعزيز كان سعيداً بالنجاح الجماهيرى لأفلامه، ويرفض تغيير أسلوبه لإرضاء النقاد.. وسوف تبقى رباعية سامح عبدالعزيز وأحمد عبدالله فى ذاكرة السينما الجماهيرية.