بدأ استخدام الإنترنت على نطاق واسع فى العالم وانتشر بين الجهات الرسمية والحكومية والشركات والأفراد منذ العام 1981، ويعتبره كثير من العلماء أنه من أعظم الابتكارت العلمية الحديثة، ولا ينكر أحد أنه وفر الكثير من الجهد والوقت للإنسان، وأحدث ثورة ونقلة نوعية مبهرة فى جميع مناحى الحياة، من الاتصالات إلى الطب والاقتصاد والبيئة والأعمال، ولا يكاد يخلو مجال من الاستفادة منه.
وقد أصبحت الخدمات العالمية الحياتية والتعاملات والمعاملات تعتمد فى معظمها على الإنترنت، لكن ماذا يحدث إذا تعطلت هذه الخدمة لسبب أو لآخر لبعض الوقت.
وهذا السؤال ليس افتراضيا، ولكن الخدمة تتعرض لهذه المواقف، فقد تعطلت أجهزة الكمبيوتر وأنظمة التكنولوجيا فى معظم أنحاء العالم يوم 19يوليو 2024، ما أدى إلى توقف حركة الطيران بالمطارات وتوقف خدمات شركات كبرى، بسبب تحديث البرنامج من شركة للأمن السيبرانى بالولايات المتحدة، ما أدى إلى الفوضى، ويسلط الضوء على هشاشة الاقتصاد العالمى وخطورة اعتماده على أنظمة الكمبيوتر، وتعتبر تحديثات البرامج مهمة للحفاظ على أجهزة الكمبيوتر محمية من المتسللين، وللحصول على المعلومات الصحيحة والحماية من العبث، لكن تزعزعت الثقة المتأصلة فى الإنترنت، ويقول البعض إنها فى غير محلها.
ولم يكن ذلك العطل يشمل كل الأجهزة فى العالم، إنما فقط أجهزة الكمبيوتر التى تعمل بنظام التشغيل مايكروسوفت ويندوز، أحد البرامج الأكثر شهرة، ولم يكن ما أصبح عليه الملايين حول العالم فى ذاك اليوم إلا دليلاً على أن حياتنا تعتمد على شىء واحد؛ تكنولوجيا الإنترنت، ففى اللحظة التى تتوقف فيها الخدمة تتوقف كل الأعمال والخدمات الحياتية الضرورية والحساسة، فقد ضرب الخلل التقنى أربع قارات، وشمل كل القطاعات، ووصف خبراء ما حدث بأنه كارثة لم تحدث منذ بدء استخدام الإنترنت قبل حوالى 44 عاما، وجرس إنذار لجميع القطاعات والشركات ليكون لديها بدائل أمنة.
وقد أصابت حالة من الشلل وسائل الإعلام والمطارات وأسواق المال، والسكك الحديدية وشبكات تلفزيون، ووضعت بعض المتاجر لافتات «الدفع نقدا فقط «، وأدت هذه الفوضى الإلكترونية، إلى اضطرابات فى العيادات والمستشفيات والشبكات المالية،، وإلغاء إجراءات مهمة، والعودة إلى السجلات الورقية المخطوطة فى أنظمة الرعاية الصحية، وعانت المستشفيات من نيويورك إلى برلين ولندن وباريس، وواجه الأطباء صعوبة الوصول إلى الفحوصات ونتائج وتاريخ المرضى، وواجهت مقرات رئيسية لتداول النفط والغاز صعوبات فى تنفيذ المعاملات.
الواقع يؤكد أن العالم أصبح يعتمد فى تسيير كل شئون الحياة على «الإنترنت» لما فيه من ميزات لا تعد ولا تحصى، لكن مثل هذه الحوادث تدق ناقوس الخطر وتعيد البشر إلى التعامل التقليدى، ما يجعل من الضرورى جدا أن يبحث العلماء عن وسائل لتفادى كوارث أكبر قد تؤدى إلى خسائر غير مسبوقة تصل إلى تهديد حياة الكائنات على الكوكب، والأمر جد لا يحتمل التأجيل، خاصة مع وجود عوامل أخرى تهدد بحوادث مشابهة، مثل العواصف والتوهجات الشمسية، أو الهاكرز.
وفى هذا الإطار لا يمكن استبعاد الحروب الإلكترونية، التى يجيّش لها الكثير من الدول الجيوش الروبوتية، والتى تعمل بالتقنيات المتقدمة والتى لا تعرف الرحمة ولا الإنسانية فى المواجهة، تنفذ الأوامر بغض النظر عن نتائجها المدمرة.
لا مفر من التعامل مع التكنولوجيا، بعدما أصبح الإنترنت ركنا أساسا فى حياتنا، والتواصل والتعليم والعمل، جعلت المهام الصعبة فى المتناول بيسر وسهولة خاصة المعلومات، وإذا كان لكل حصان كبوة فإن كبوات التقنيات الحديثة مؤلمة، ولا بد من اتخاذ الاحتياطات الواجبة لكل المواقف والاحتمالات.