أضحى التلاعب بالعقول بغية هدم المجتمعات، وتفكيك لحمتها، وهتك نسيجها، وإحداث حالة من الصراعات المتتالية. وزعزعة الاستقرار، وتقويض مسارات النهضة أهدافًا خبيثة، تعمل عليها جماعات الظلام كى تحقق أجندات، ومخططات مرسومة لها، بدعم غير مسبوق، من جهات عديدة، لها مصالح جراء هذا الأمر بشكل مباشر، لذا بات تحصين المناعة الفكرية، لدى شبابنا الواعد على وجه الخصوص، يشكل أولى أولويات الدولة ومؤسساتها المعنية ببناء الإنسان كونه حائط الصد الذى تتكسر أمامه كافة الأفكار المغلوطة والمتطرفة على حد سواء.
مؤسسات بناء الإنسان معنية بتعزيز الفهم الصحيح بصورة مقصودة، تقوم على منهجية واضحة؛ حيث إدراك الفرد للمعارف الصحيحة، وما يرتبط بها من ممارسات قويمة تفرز اتجاهات إيجابية نحوهما، ومن ثم يصبح الإلمام بجوانب العقيدة، بمثابة حصن منيع، يقيه محاولات استقطاب الجماعات المتطرفة، التى تحاول أن تروج أفكارها المسمومة، عبر منابرها المشبوهة، وهنا نعى خطورة الفراغ المعرفى، أو ما نسميه بفقر المعرفة؛ إذ تشكل مصدر خطر لا يستهان به، بل يجب التأهب لمواجهته كى لا نفاجأ بانحرافات فكرية ممنهجة، نتجت عن لجوء كثير من الشباب لمنابر الفضاء المنفلت التى تتبناها جماعات الظلام.
نود أن تصبح الروابط بين أفراد الأسرة قوية، تقوم على التفاهم، من خلال لغة الحوار المستدام، والنقاش المرن، الذى يمكن كل فرد من أن يعرض ما لديه من مشكلات، أو تحديات أو منغصات أو وجهات نظر معينة بنيت جراء معرفة تحصل عليها من مصادر مختلفة ومن ثم يتضافر الجميع داخل الإطار الأسرى الحانى كى يتلقى الفرد النصح والمشورة، وصور الدعم والتعزيز ناهيك عن غرس قيم نبيلة، تعضد صحيح السلوك، وتغذية مرتدة تسهم فى تصويب السلوك غير المقبول، وهنا تتأكد المناعة الفكرية. التى تعد أحد النتاجات المثمرة للأسرة المتماسكة فعلى أثرها يشعر الجميع بالارتياح والألفة والطمأنينة، ولا ينتاب أحد الشك أو الريبة أو الخوف أو الوجل، أو الرهبة.
إدراك الإنسان منا لما يدور حوله فى الساحة العالمية، أضحى أمرا مهما حيث يساعده فى تشكيل الوعى الصحيح، تجاه التحديات والتهديدات التى تحدق بوطنه، وهنا نؤكد ضرورة المناعة الفكرية التى يكتسبها الفرد من خلال اهتمامه البالغ بأمن وطنه وأمانه، الذى يزداد بتضافره واصطفافه خلف قضاياه، وهذا بالطبع يقوم على قناعته الداخلية التى تتشكل جراء المعلومات والحقائق التى يتحصل عليها من مصادرها الرسمية الموثوقة، والتى تشرف عليها الدولة بصورة مباشرة، مما يؤكد ضرورة وأهمية وحتمية المكاشفة من كافة الجهات الرسمية لمؤسسات الوطن، حتى لا نسمح لأبواق جماعات الظلام أن تكرس الفكر المشوه ببث الشائعات المغرضة بين المجتمع لذا توقن بأن المناعة الفكرية المرتبطة بالجانب السياسى، تعد أداة من أدوات الاستقرار، ومقوما من مقومات تقوية النسيج الوطنى.