من المؤكد بعد تلك الأحداث العاصفة التى وقعت فى المنطقة ومازالت تدور رحاها حتى الآن بداية من «طوفان الأقصى» الذى يرى البعض أنه السبب وراء ارتفاع وتيرة الأحداث فى «غزة» وتلك الإبادة الجماعية الممنهجة والتجويع بل أن الحقيقة خلاف ذلك تماماً فهو كان بمثابة حجر كبير أوقف وعطل الخطى نحو نهاية العالم.. تلك حقيقة ربما قد يغفلها العالم لأن ذلك اليوم الذى قامت فيه «حماس» بعملية «طوفان الأقصى» إنما كان لمنع هدم «المسجد الأقصى» و«بناء الهيكل الثالث» وتلك حقيقة موثقة ولعل تلك الزيارات بل والتعديات المتعددة من جانب بن غفير تؤكد ذلك ولعل ترامب كان يعلم ذلك جيداً بل وأسهم فيه خلال ولايته الأولى بالاعتراف «بالقدس» عاصمة لإسرائيل وكان أول من قام بنقل السفارة الأمريكية إلى القدس.. بعد ضرب المفاعلات النووية الإيرانية بدأ الحديث الآن وبقوة عن بدء ميلاد شرق أوسط جديد بالفعل والذى تقف مصر الآن بمثابة غصة فى حلقوهم.. تلك الحقيقة نجدها فى مقال «شوكى فريدمان» المدير العام لمعهد سياسات الشعب اليهودى بعنوان «شرق أوسط جديد ينشأ» صرح قائلاً فى ظل تلك الجهود التى يبذلها البيت الأبيض والتى ترمى إلى سرعة التوصل إلى وقف إطلاق نار دائم فى غزة وعودة الرهائن إذ بعد توقف الصراع بين إيران وإسرائيل أصبح هناك أمل فى منطقة قد أصبح التشاؤم هو الوضع السائد فيها.. واستطرد «فريدمان» قائلاً على الرغم من تلك الخسائر الفادحة التى خلفتها الصراعات الأخيرة فإنه بات يلوح فى الأفق مشهد جيوسياسى جديد فى منطقة الشرق الأوسط وهو مشهد يحمل فى طياته وعداً بالتحول الدائم وهو الأمر الذى لابد وأن نأخذه على محمل التفاؤل الحذر أو ربما سابق لأوانه إلا أنه من الصعب تجاهل تلك العلامات والدلالات التى يحملها.. ويؤكد «فريدمان» على أن المواجهة بين إيران وإسرائيل تمثل من نواح عديدة إلى جانب الحرب التى بدأت فى السابع من أكتوبر «طوفان الأقصى» بما لا يدع مجالاً للشك على أن هناك تحولاً جذرياً فى منطقة الشرق الأوسط يحدث على الأرض.. يرى الكثير من المراقبين أن هناك فرصة سانحة بالفعل لإعادة التنظيم على المدى الطويل فى منطقة الشرق الأوسط بداية من إضعاف «إيران» وهو الأمر الذى من شأنه أن يوفر مساحة أوسع للتطبيع .. من بين النتائج الأخرى لذلك السيناريو هو أن تصبح إسرائيل فى موضع لم تتخيله من قبل ألا وهو تحقيق الاندماج الكامل فى المنطقة ليس فقط على المستوى الدبلوماسى بل وأيضاً على المستوى الاقتصادى بل ومن الممكن أن تمتد شراكات التجارة والبنية التحتية والإبداع من جبال أفغانستان وحتى شواطئ «تل أبيب».. فى تلك المقال التى يعود تاريخ نشرها إلى ديسمبر 1999 للباحث أدم جار فينجل «بعنوان الشرق الأوسط الكبير فى 2025» والذى يتوقع أن يكون ذلك مصدر جذب للثروة الجديدة والنمط الاقتصادى الجديد الذى يصاحبه آثار سياسية إيجابية هامة بالنسبة لجميع الدول تقريباً.. ويؤكد فينجل على أن الأسلحة النووية كانت ومازالت قيد التطوير فى العديد من الدول إلا أنه يجب أن نتوقع استخدام هذه الأسلحة فى الصراعات الإقليمية على مدار الخمسة وعشرين عاماً القادمة ضد الأمريكيين فى الخارج وربما الداخل أيضاً.. وهو ما حدث بالفعل مع توجيه الضربة العسكرية الأمريكية للمفاعلات النووية الإيرانية وهو ما دعا روسيا إلى التحذير من أن العالم قد أصبح على بعد ملليمترات من كارثة نووية.