يتواصل العدوان الاسرائيلى على غزة، لليوم الـ 139، وسط إصرار الكيان الصهيونى على الاستمرار فى جرائمه ضد الإنسانية.. مجازر ومذابح للأطفال والمدنيين الابرياء وتدمير للمستشفيات، وحصار وحرب تجويع، ومنع دخول ووصول المساعدات الإنسانية، جرائم إبادة ثابتة بالأدلة والشهود والفيديو والأقمار الصناعية، ومع هذا يلجأ الاحتلال إلى ترويج الأكاذيب.. ورفض كل المساعى لوقف حرب الإبادة، حتى من الولايات المتحدة الداعمة للاحتلال.
139 يوماً ومصر تواجه تلك الحرب الإجرامية بكل الطرق والتحركات، وتخوض حروباً على أكثر من جبهة تسعى لوقف العدوان ومواجهة القصف والحصار على غزة، وتتواصل مع كل الأطراف الفاعلة إقليمياً ودولياً، لاستمرار دخول المساعدات الإنسانية وتفتح معبر رفح طوال 24 ساعة، وتواجه محاولات المنع والحصار من قبل الاحتلال.
وتتمسك مصر برؤية شاملة تشمل خارطة طريق تستهدف إنهاء الاحتلال وإحياء مسار السلام، من خلال عدة محاور، تبدأ بالتدفق الكامل والآمن، والسريع والمستدام، للمساعدات الإنسانية لأهل غزة، ثم التفاوض حول التهدئة ووقف إطلاق النار، ثم البدء العاجل فى مفاوضات إحياء عملية السلام، وصولاً لحل الدولتين وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس الشرقية.
كما تقدمت مصر بمذكرة لمحكمة العدل الدولية شملت التأكيد على عدم شرعية الاحتلال لأكثر من 7 عقود، وإدانة سياسات ضم الأراضى وهدم المنازل وطرد وترحيل وتهجير الفلسطينيين، والاضطهاد والتمييز العنصري، وتطالب المذكرة والمرافعة المصرية المحكمة بتأكيد مسئولية إسرائيل عن كل تلك الأفعال غير المشروعة دولياً، بما يحتم انسحاب إسرائيل بشكل فورى من الأراضى الفلسطينية المحتلة، وتعويض الشعب الفلسطينى عن الأضرار التى لحقت به، ومطالبة كل دول العالم والمجتمع الدولى بعدم الاعتراف بأى أثر قانونى للإجراءات.
خلال الــ 139 يوماً تلقت محكمة العدل الدولية إحاطات من 52 دولة – وهو رقم غير مسبوق – بالإضافة إلى الاتحاد الأفريقي، ومنظمة التعاون الإسلامي، وجامعة الدول العربية، وهو ما يمثل تطوراً مهماً فى مواجهة جرائم الاحتلال، السابقة والحالية.
أما الولايات المتحدة فلا تكتفى بمساندة الكيان الصهيونى بالمال والسلاح فقط، لكنها تساند إسرائيل دبلوماسياً فى جميع المحافل الدولية، فأمريكا التى تدعى الإنسانية وإعلاء قيم الديمقراطية وحماية حقوق الأقليات، ترى دائما أن فلسطين وشعبها ليس لهم حق العيش والسلام، واستعادة أراضيه المحتلة من قبل العصابة الصهيونية، فلا يوجد مشروع قانونى أو إنساني، قُدم إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، أو أى منظمة دولية أو إقليمية ضد «تل أبيب» إلا ووقفت ضده واشنطن التى قامت وأسست على جثث الأفارقة وغيرهم من الفقراء الذين أجبروا على العمل لصالح سكان البلاد الجديدة من الأغنياء.
وبالرغم من مرور ما يقرب من 5 شهور من حرب الإبادة الجماعية التى يقودها بنيامين نتنياهو، ضد الأهالى فى قطاع غزة، وفى اليوم الذى تواصل إسرائيل ارتكاب المجازر ضد العائلات فى قطاع غزة، والتى راح ضحيتها 103 شهداء و142 مصاباً الأمر الذى رفع حصيلة العدوان الإسرائيلى إلى ما يقرب من 30 ألف شهيد و70 ألف مصاب، استخدمت الولايات المتحدة الأمريكية حق النقض «الفيتو»، ضد مشروع قانون مقدم من الجزائر لمجلس الأمن الدولي، تدعو فيه إلى وقف إطلاق النار على القطاع، هذه ليست المرة الأولى لكنها المرة الثالثة التى تستخدم فيها واشنطن حق «الفيتو» فى مجلس الأمن ضد مشاريع قرارات بشأن الحرب الإسرائيلية على غزة، مما يعرقل المطالبة بوقف فورى لإطلاق النار لأسباب إنسانية.
إن حرب الابادة التى تشنها إسرائيل منذ 7 أكتوبر الماضي، أبعد ما تكون عما روجته سلطة الاحتلال بأنه «حقها فى الدفاع عن النفس» لأن ذلك يمثل عملية نصب واضحة، فالأصل أنها سلطة احتلال وجدت على تلك الأرض بسلسلة طويلة من المجازر منذ 75 عاماً، ولم تعترف يوما بأى من قرارات الشرعية الدولية، ولم تلتزم بأى مفاوضات سلام، فالقدس يجرى كل يوم خطوات فى تهويدها، ونقلت أمريكا سفارتها إليها مما يعنى اعترافاً باعتبارها عاصمة دولة الاحتلال، والاستيطان يتوسع ويأكل ما تبقى من أرض فلسطين، بل إن وزير الأمن القومى فى حكومة الاحتلال المتطرف بن غفير يطالب ببناء مستوطنات فى قلب قطاع غزة، واللاجئون لا حديث عن عودتهم، بل تم تهجير أهالى قطاع غزة تحت آلة القتل الصهيونية من شمالها إلى وسطها، ومن الوسط إلى رفح الفلسطينية، التى يتجمع بها الآن أكثر من مليون و300 ألف فلسطيني، فى ظروف إنسانية كارثية، بلا طعام وبلا دواء، والهدف هو تهجير نهائى وتصفية القضية الفلسطينية كلها، فإذا تم الخلاص من غزة وتهجير أهلها، فإن ذلك سيتكرر بالحرف فى الضفة الغربية، هكذا يتصور اليمين المتطرف فى سلطة الاحتلال، وهذه هى الخطة والرؤية التى تم طرحها منذ سنوات، وما يجرى الآن فى رفح الفلسطينية سيؤدى بكل تأكيد لجر المنطقة كلها لصراع إقليمى لن يستطيع أحد أن يوقفه، وهنا ندرك كيف أن الموقف المصرى الرافض بشكل قاطع لعملية تهجير أهل غزة إلى سيناء، يقف صامداً وحيداً، إلا من رحم ربي، فى وجه مشروع احتلال لا يعترف بالشرعية الدولية ولا يحترمها، ومن دون مصر وموقفها فى المعادلة الذى يدركه كل الأطراف لتحقق مشروع التهجير.