الشعب عندما يشعر بالخطر يتحول إلى حائط صد لا يخترق
فى زمن الأزمات تظهر المعادن، وتتجلى الحقائق، ويعلو صوت الضمير الوطنى فوق كل ضجيج.. وحريق سنترال رمسيس لم يكن مجرد حادث عرضي، بل لحظة كشف جديدة، برهن فيها الشعب المصري، كعادته، على وعيه، ونبله، ووقوفه الثابت خلف دولته وقيادته السياسية، دون تردد أو مساومة.
النار التى التهمت أجزاء من البنية التحتية، لم تستطع أن تمس نسيج هذا الشعب.. على العكس، أخرجت منه أجمل ما فيه: الشهامة، الرجولة، المروءة، وحس المسئولية.
ما حدث فى رمسيس ليس الأول من نوعه، ولن يكون الأخير فى بلد كبير بحجم مصر، يواجه تحديات يومية داخلية وخارجية.
لكن المشهد الاستثنائى كان فى رد فعل الناس، فقبل أن تصل سيارات الإطفاء، كان المواطنون هناك، يحاولون السيطرة، ينقذون من يمكن إنقاذه، يقدمون المساعدة بأى طريقة، بلا خوف، ولا انتظار لتوجيه أو تعليمات.
فى لحظة، سقطت كل الفوارق الاجتماعية. لم يعد أحد يتحدث عن منصب أو مستوى أو تعليم.. الكل مصرى.. الكل فى موقعه جندى..الكل على قلب رجل واحد.
وسط الأزمات، قد يعلو صوت التشكيك، وقد يظهر من يقتاتون على الفتن.. لكن المصرى لا ينخدع.. وفى وقت الجد، يثبت أنه لا يتخلي، لا عن الدولة، ولا عن القيادة، ولا عن البلد.. يقف فى الصف الأول، ويحمل مع بلده الجرح والمحنة، لأنه يعرف أن مصيرنا واحد.
القيادة السياسية تعاملت مع الأزمة بسرعة، وكان هناك اهتمام واضح بحصر الخسائر، ومتابعة الموقف لحظة بلحظة.. لكن الأعظم من القرار السياسي، كان السند الشعبي، فلا توجد دولة تنهض بقرارات فقط، بل تنهض بناس تعرف يعنى إيه وطن.
ما فعله المصريون فى رمسيس، وما يفعلونه دائمًا فى كل موقف، هو امتداد لعقيدة شعبية راسخة:»فى المحن… نقف، وفى الأزمات… نتلاحم».
التاريخ يشهد، من أيام السويس لعبور أكتوبر، ومن ثورة يونيو إلى جائحة كورونا، أن هذا الشعب عندما يشعر بالخطر يتحول إلى حائط صد لا يخترق.
قد تنقل الكاميرات ما يحدث، وتحلل الاستوديوهات الموقف، وتتنافس الشاشات فى التغطية، لكن البطولة الحقيقية كانت فى الشارع، فى الأيادى التى امتدت للمساعدة، فى العيون التى سهرت، فى القلوب التى دعت، فى الوعى الذى رفض الفوضي، وآمن بالدولة.
الأزمات لا تنتهي، والمخاطر تتجدد، لكن الثابت دائمًا هو الشعب المصرى.. لا يتغير، ولا يتراجع، ولا يساوم على بلده، من يقفز على الآلام ليصطاد لقطة إعلامية، أو يروج شائعة، يجد الرد فى الميدان:
ناس بتشتغل، ناس بتضحي، ناس بتحب بلدها حب حقيقي، حب مفيهوش صوت عال… لكن فيه فعل كبير.
رسالة أخيرة.. من قلب الحريق خرج نور الوطنية.. ومن بين الدخان، صعد صوت مصر الأصيل: «احنا مع بلدنا… مهما حصل».
هذه ليست شعارات، بل واقع يتكرر كل يوم، من أهلنا البسطاء، من شبابنا، من كل مصرى بيحب الأرض دى بجد.
وهنا نقول:
لن تستطيع أى نار أن تلتهم هذا الوطن… لأنه محروس بشعبه.
ومن رمسيس… نكتب صفحة جديدة من حكاية شعب لا يعرف الهزيمة.