رجال الإطفاء بذلوا جهودًا للسيطرة على الحريق
استفاقت القاهرة الاثنين الماضى على كارثة مأساوية تمثلت فى اندلاع حريق هائل بمبنى سنترال رمسيس، أحد أهم السنترالات الحيوية فى قلب العاصمة، مما أسفر عن وفاة 4 موظفين وإصابة 27 آخرين، علاوة على توقف خدمات الإنترنت والمحمول فى عدد من المحافظات، وتأثر بعض المؤسسات الكبرى مثل البنوك وشركات الطيران والبورصة.
ومع انتشار ألسنة اللهب والدخان الكثيف، تكررت الأسئلة حول أسباب هذا الحريق المفاجئ؟ وهل تم الالتزام باشتراطات السلامة داخل المبني؟ ولماذا لم تكن هناك خطة طوارئ تضمن استمرارية الخدمة من مراكز بديلة كما هو معتاد فى المؤسسات ذات البنية التحتية الحساسة؟
ورغم تلك التساؤلات المشروعة، يبقى الجانب المضيء فى هذه الكارثة هو بطولة رجال الحماية المدنية الذين أثبتوا أن التضحية فى سبيل إنقاذ الأرواح والممتلكات ليست مجرد واجب وظيفي، بل هى قيمة متجذرة فى وجدان المصريين، على مدار أكثر من 15 ساعة متواصلة فى اليوم الأول، بذل رجال الإطفاء جهودًا جبارة فى محاولة السيطرة على النيران، دون كلل أو تراجع، حتى بعد تجدد اشتعال بعض المناطق فى اليوم التالي، جسّدوا خلالها أسمى معانى الإخلاص والتفانى فى أصعب الظروف.
لكن الحقيقة الصادمة أن توقف الخدمات الحيوية بسبب حريق فى مبنى واحد يكشف أننا فى حاجة ماسة إلى خطط بديلة فورية، تضمن استمرار الخدمات حتى فى حالات الطوارئ، لم يعد مقبولا فى زمن التكنولوجيا أن تتوقف البورصة أو تتعطل شركات الطيران والبنوك لمجرد حريق أو عطل مفاجئ فى أحد السنترالات.
لذا أطالب كغيرى من ملايين المصريين، ومعاقبة المسئول أيا كان موقعه أو منصبه، إذا ثبت وجود إهمال أو تقصير، وضرورة إعداد تقرير فنى شامل يتناول أسباب الحريق والخسائر المترتبة عليه، مع وضع تصور عملى لخطط الطوارئ والتدابير المستقبلية.
كما أطالب وزارة الاتصالات والجهات المعنية بـإعادة هيكلة منظومة السلامة داخل جميع السنترالات الحيوية، وتفعيل آليات الحماية والنسخ الاحتياطي، لضمان عدم تكرار مثل هذه الكارثة.
لقد أوجعتنا النيران التى التهمت مبنى سنترال رمسيس، لكنها كشفت أيضا عن معدن أصيل لرجال الدفاع المدني، الذين كتبوا صفحة مضيئة فى سجل التضحية والإقدام، فيما كشفت الحادثة عن ثغرات خطيرة تستدعى التحرك السريع من الدولة لإصلاحها، كما أطالب المواطنين بعدم الالتفات لدعوات الشماتة من لجان الكترونية مدفوعة الأجر والتقليل من مجهودات الدولة فى ملفات عديدة، لأن الشماتة فى وطنك وقت الكارثة خيانة.