تعمل الدول بشكل كبيرعلى تطويره وتجنب استخدامه بشكل سلبى
الأسبوع الماضى انعقدت فى جينيف قمة الأمم المتحدة الكبرى للذكاء الاصطناعى وجمعت الحكومات، وقادة التكنولوجيا، والأكاديميين، والمجتمع المدنى، والشباب، وناقشت على مدى 4 أيام، كيفية إدارة الذكاء الاصطناعى واستكشاف السبل الكفيلة بتوجيهه نحو خدمة أهداف التنمية المستدامة وبعيدا عن المخاطر المتزايدة والمعلومات المضللة.
تأتى القمة بينما تتطور أنظمة الذكاء الاصطناعى بسرعة تفوق قدرة القوانين على مواكبتها وحذرت دوريين بوجدان مارتن رئيسة الاتحاد الدولى للاتصالات فى كلمتها الرئيسية بالقمة من تزايد المخاطر فى نشر الذكاء الاصطناعى دون فهم عام كافٍ أو إشراف سياسى. وقالت: «أكبر خطر نواجهه ليس أن يقضى الذكاء الاصطناعى على الجنس البشري, ولكن فى دمج الذكاء الاصطناعى فى كل مكان، دون فهم كافٍ لما يعنيه ذلك للناس ولكوكبنا».
الشاهد أن العالم اليوم شهد تطورًا واسع النطاق فى استخدام الذكاء الاصطناعى فى مختلف المجالات العلمية والاجتماعية وتعمل الدول بشكل كبيرعلى تطويره وتجنب استخدامه بشكل سلبى مما يؤجج الصراعات فى العالم بأكمله من جانبه حذر أمين عام الأمم المتحدة أنطونيو جوتيريش، فى كلمة ألقاها مؤخرا خلال قمة «بريكس» فى ريو دى جانيرو بالبرازيل من أن الذكاء الاصطناعى يُعيد تشكيل الاقتصادات والمجتمعات، منبهًا إلى أن الاختبار الأساسى يكمن فى مدى حكمتنا فى توجيه هذا التحول، وكيفية تقليل المخاطر وتعظيم الإمكانات من أجل الخير.
وأشار جوتيريش إلى القلق البالغ إزاء عسكرة الذكاء الاصطناعى، فى عالم يحتاج إلى السلام أكثر من أى وقت مضى وفى وقت سابق دعا فولكر تورك مفوض الأمم المتحدة السامى لحقوق الإنسان إلى ضمان أن تكون أنظمة الذكاء الاصطناعى آمنة وعادلة، مشيرا إلى أن الذكاء الاصطناعى يحمل فوائد محتملة كبيرة لحقوق الإنسان، ولكنه يولد أيضا مخاطر جسيمة.
مكمن الخطورة أن أنظمة الذكاء الصناعى المتطورة يمكنها الآن فعل كل شىء على صعيد الحرب الدعائية والتوليد بالصوت والصورة ما يصعب جدا كشفه وقد يتسبب فى أزمات وكوارث ويجعل الحقيقة هدفًا صعب المنال.
قبل أيام نشرت صحيفة «ذا واشنطن بوست» الأمريكية تقريرا حصريا بقلم جون هدسون وهانا ناتانسون ورد فيه أن شخصا تظاهر بأنه وزير الخارجية الأمريكى ماركو روبيو واتصل بمسئولين رفيعى المستوى عن طريق رسائل صوتية ونصية تحاكى صوت روبيو وأسلوب كتابته، باستخدام برنامج يعمل بالذكاء الاصطناعى واتصل بـ3 وزراء خارجية وحاكم ولاية أمريكية وعضو فى الكونجرس ــ بحسب مسئولين حكوميين وبرقية من وزارة الخارجية ــ ولا تعرف السلطات الأمريكية حتى الآن من يقف وراء ذلك ولكنها تعتقد أن الجانى ربما كان يحاول التلاعب بمسئولين حكوميين نافذين بهدف الوصول إلى معلومات أو حسابات، وباستخدام تطبيق الرسائل المشفرة «سيجنال» الذى تستخدمه إدارة الرئيس ترامب على نطاق واسع، أشارت الصحيفة إلى أن حملة انتحال الشخصية بدأت فى منتصف يونيو عندما أنشأ المحتال حسابا على «سيجنال» للتواصل مع دبلوماسيين وسياسيين أجانب ومحليين على غفلة منهم.. وذكرت البرقية أن الفاعل ترك رسائل صوتية على «سيجنال» لشخصين مستهدفين، وفى إحدى الحالات أرسل رسالة نصية تدعو الشخص للتواصل عبر «سيجنال»، كما أشارت إلى انتحال هوية موظفين آخرين فى وزارة الخارجية عبر البريد الإلكترونى ورفض مكتب التحقيقات الفدرالى التعليق على انتحال شخصية روبيو، علما أن انتحال شخصية ضابط أو موظف فيدرالى للخداع أو الحصول على شىء ما جريمة.
بالإضافة إلى محاولات انتحال شخصية روبيو، استهدفت محاولات انتحال شخصيات أخرى مؤخرا منهم مسئولون أمريكيون رفيعو المستوى، ففى مايو ، اخترق شخص هاتف رئيسة موظفى البيت الأبيض «سوزى وايلز» وانتحل شخصيتها وبدأ بإجراء مكالمات ورسائل مع أعضاء فى مجلس الشيوخ وحكام ولايات ومديرين تنفيذيين، بحسب ما ذكرته صحيفة «وول ستريت جورنال».. وقد حقق البيت الأبيض ومكتب التحقيقات الفيدرالى (إف بى آي) فى الواقعة رغم أن الرئيس ترامب قلل من أهميتها، قائلا إن وايلز «امرأة رائعة» و«قادرة على التعامل مع الأمر» وكان مستشار الأمن القومى الأمريكى مايكل والتز قبل إقالته قد أضاف عن غير قصد، صحفيا إلى دردشة جماعية على «سيجنال»، كانت تناقش خطط هجوم أمريكية بالغة الحساسية فى اليمن، مما تسبب فى إقالته، وتقليص استخدام التطبيق فى اجتماعات مجموعة الأمن القومى.
الخلاصة أن الذكاء الاصطناعى مثلما له فوائد فمخاطره كبيرة والحذر مطلوب.