يشهد سوق «حمّام التلات» انتعاشًا ورواجًا ملحوظين يزدادان بشدة فى المواسم والاعياد وغالبا ما يحرص التجار في السوق على تقديم عروض مغرية خاصة على جهاز العرائس، معلنين عن خصومات كبيرة قد تصل إلى نصف الثمن. وفي المقابل، أعرب المواطنون عن رضاهم الكبير عن السوق مؤكدين أن السلع المعروضة تتميز بـجودة عالية وخامات ممتازة، بأسعار «على قد الإيد»، مما يجعله وجهتهم المفضلة لتجهيز منازلهم.
وسط الأزقة الضيقة المتشعبة فى حارة الجمالية، وتحديدًا بالقرب من منطقة الموسكى التاريخية، يقع «سوق الثلاثاء» أو«حمّام التلات». إنه ليس مجرد سوق عادي، بل يُعد واحدًا من أقدم الأسواق الشعبية وأكثرها تأثيرًا على المستويين الثقافى والاجتماعى فى العاصمة المصرية. يعود تاريخ هذا السوق العريق إلى أكثر من 700 عام مضت، حيث نشأ وتطور خلال عهد المماليك. وقد تحول هذا المكان من مجرد حمام شعبى بسيط إلى مركز تجارى حيوى يضج بالنشاط والحركة، وقد حافظ على روحه التراثية الأصيلة وعبق الماضى رغم كل التغيرات التى طرأت عليه عبر الزمن.
يُشكل السوق جزءًا لا يتجزأ من حى الجمالية بأكمله، والذى تم تسجيله رسميًا كموقع تراث عالمى ضمن قائمة منظمة اليونسكو، وهو ما يعكس بوضوح أهميته التاريخية والمعمارية الكبيرة ليس لمصر وحدها بل للعالم أجمع.
تسمية السوق بـ«حمّام التلات» جاءت نسبة إلى حمام شعبى قديم كان يُعد وجهة رئيسية للنساء، وخاصة العرائس، اللاتى كن يرتدنه يوم الثلاثاء من كل أسبوع كجزء من استعداداتهن لحفلات الزفاف، التى كانت غالبًا ما تُقام أيام الخميس. ومع تغير أنماط الحياة الحديثة وتراجع دور الحمامات العامة بمرور الوقت، حافظ المكان على دوره الاجتماعى البارز ولكنه اكتسب صيغة جديدة ومختلفة. فقد أصبح سوقًا شاملًا يصفه زواره بأنه يحتوى «على كل شىء من الإبرة للصاروخ»، حيث يلبى كافة احتياجات العرائس والأسر المصرية فى تجهيز منازلهم بأكملها. كما يُعرف السوق بلقب آخر وهو «سوق الستات»، وذلك نظرًا لغلبة الزبائن من السيدات والعرائس وأمهاتهن اللاتى يتوافدن عليه بكثرة.
تطور السوق: من تجمع بسيط إلى وجهة رئيسية
مع مرور الوقت وتزايد الحاجة للمستلزمات المنزلية، بدأ التجار يستغلون الموقع المميز بالقرب من الحمام لبيع بضائعهم المتنوعة من المستلزمات المنزلية وغيرها. ومع ازدياد الإقبال، تحول المكان تدريجيًا إلى سوق كبير وشامل، ليصبح اليوم واحدًا من أشهر الأسواق الشعبية الرائدة فى بيع كافة مستلزمات تجهيز العرائس، بدءًا من المفروشات والأدوات المنزلية الدقيقة (الرفايع) وحتى أدوات المطبخ الكبيرة. ويتوافد عليه المواطنون من جميع محافظات مصر، بحثًا عن الجودة والأسعار المناسبة.
بمجرد دخولك إلى السوق، ستجد أصحاب المحلات يفترشون بضائعهم المتنوعة بشكل جذاب وملفت للنظر. تعرض المحلات أطقم الصينى الفاخرة، والأكروبال العملي، والإستانلس المقاوم للصدأ، إضافة إلى الكاسات بألوانها وأشكالها المختلفة. وتُعرض كذلك مفارش السرير والبطاطين المتنوعة، وكلها تُباع بأسعار الجملة، متوفرة بنوعياتها المستوردة والمصرية. يتنافس أصحاب المحلات فيما بينهم بأسعارهم المتفاوتة، مما يوفر للزبون خيارات واسعة؛ فتجد الغالى والرخيص، ويختلف السعر بشكل أساسى حسب الخامة والجودة والماركة، ويكون الاختيار للزبون على حسب ما يطلبه ويناسب ميزانيته.
على سبيل المثال، تتراوح أسعار طقم الصينى حسب عدد القطع وماركته، لتبدأ من 4 آلاف جنيه وتصل إلى 10 آلاف جنيه. أما شنطة المعالق فيبلغ سعرها حوالى 1600 جنيه، وهناك أسعار أخرى تختلف بناءً على عدد القطع والماركة. أما الكاسات، فيبدأ سعرها من 200 جنيه للنوع الصيني، بينما يصل سعر التركى والبوهيمى إلى 800 جنيه. ويبلغ سعر طقم الشربات حوالى 600 جنيه. أما مفارش السرير فتبدأ أسعارها من 200 إلى 600 جنيه، وتختلف أسعارها حسب الحجم والخامة وعدد القطع. كما توجد أيضًا مفارش سرير مطرزة، حيث يمكن الحصول على 4 أطقم بسعر 1500 جنيه. وتبدأ أسعار شنط البطاطين من 500 جنيه، وتصل إلى 700 جنيه لبطاطين الموهير، وتختلف أسعارها حسب أحجامها.
بالنسبة للأدوات الكهربائية، يبدأ سعر الكبة من 300 جنيه، وتبدأ أسعار الخلاطات حسب الماركة من 350 و450 جنيهًا. وتتوفر المراوح بأسعار تبدأ من 600 جنيه، بينما يبدأ سعر الاستشوار من 150 جنيهًا. ويمكن العثور على غلاية استانلس صينى بسعر يبدأ من 150 جنيهًا.
فى هذا السوق، لا شيء يُعرض دون عملية فصال. وعملية الشراء هنا أشبه بـطقس اجتماعى ممتع، يتخللها التفاوض والمساومة، وربما تُطلق زغرودة احتفالية بعد إتمام صفقة جيدة ومربحة للطرفين، مما يعكس طبيعة السوق الشعبية وتفاعله الإنساني.
السوق كما يراه البائعون: رواج وعراقة دائمة
يرى البائعون فى سوق «حمّام التلات» أن السوق يتمتع بـرواج مستمر وعراقة تاريخية لا تزال تجذب الزبائن. ومع اقتراب عيد الأضحى، الذى يُعد موسم الزفاف الأبرز فى مصر، يتزايد إقبال المواطنين على السوق من كافة المحافظات. يأتى الزبائن بحثًا عن أسعار الجملة التى يتميز بها السوق، وتنوع المعروض من البضائع، بالإضافة إلى العروض الخاصة التى تقدمها المحلات للعرائس بشكل خاص.
وقد رصدت «الجمهورية» حركة البيع والشراء النشطة فى سوق حمام التلات.. حيث تتوافد العرائس من جميع محافظات مصر على السوق لشراء كافة تجهيزاتهن.
مدحت السنى – صاحب محل أدوات منزلية: يؤكد السنى أن «حمّام التلات» يُعد من أشهر الأسواق التى تباع فيها كل ما يخص مستلزمات العروسة، من حلل ومفارش سرير وكاسات ورفايع المطبخ. ويضيف أن البضاعة المعروضة متنوعة، منها المصرى والمستورد بتشكيلات مختلفة. ويؤكد أن حركة البيع والشراء تنتعش بشكل كبير قبل الأعياد، نظرًا لكثرة الأفراح فى هذا التوقيت. ويتوافد على السوق كافة طبقات المجتمع ومن كل المحافظات، حيث إن الأسعار المعروضة هى أسعار جملة، وتختلف عن أسواق مدينة نصر والنزهة الجديدة، وبالرغم من أنها أصبحت تنافس السوق، إلا أن سوق حمام التلات يتميز بجودة البضائع والأسعار المخفضة. ويشير إلى توفر تشكيلة وألوان واسعة من الأطقم المنزلية من الحلل والطاسات والأطباق، وتختلف أسعارها حسب ماركتها سواء كانت مصرية أو صينية أو ألمانية أو تركية، وكذلك حسب خاماتها سواء جرانيت أو أكروبال أو استانلس بموديلات متنوعة. ويكرر أن الطقم الصينى تتراوح أسعاره حسب عدد القطع وماركته ليبدأ من 4 آلاف جنيه، وشنطة المعالق بـ 1600 جنيه. أما الكاسات فتبدأ أسعارها من 200 جنيه للصيني، بينما التركى والبوهيمى يتراوح بين 600 و700 و800 جنيه، وطقم الشربات بـ 600 جنيه، بالإضافة إلى أطباق شربات ليزر وأطقم الخشاف.
حمادة أحمد – صاحب محل: يضيف أن السوق يضم بضائع تناسب كافة الأذواق وبأسعار أرخص من المحلات الأخرى، وقد تصل الخصومات إلى نصف الثمن. ويؤكد أن الإقبال وحركة البيع والشراء تتزايد بشكل ملحوظ فى المواسم مثل الأعياد، وخاصة عيد الفطر والأيام التى تسبق عيد الأضحى بحوالى 70 يومًا. ويوضح أن أطقم الحلل تبدأ أسعارها من 1500 جنيه وتصل إلى 15 ألف جنيه، وتختلف حسب نوعها سواء جرانيت أو سيراميك. وهناك أنواع جديدة تلقى إقبالًا من الزبائن والعرائس مثل حلل التيتانيوم. وتختلف الأسعار من مقاس لآخر، وكل علامة تجارية (براند) لها تشكيلتها وألوانها الخاصة، بالإضافة إلى أطقم الصينى والأكروبال بعدد القطع وأحجامها. فالصينى يبدأ من 4 آلاف إلى 10 آلاف جنيه، والأكروبال من ألف إلى 3 آلاف جنيه، وطقم التسالى يبدأ من 500 جنيه.
عبدالله بيومى – صاحب محل مفروشات: يوضح أن سوق التلات معروف بأرقى وأجود أنواع المفروشات والملايات والبطاطين، وخاصة للعروسة. ويشير إلى أن معظم المحلات تبيع بسعر الجملة، وهى ميزة لا يجدها الزبون فى المحلات الأخرى. ويؤكد أنهم يقدمون دائمًا عروضًا وخصومات للزبائن قد تصل إلى 20 %، فالعروض والخصومات تجذب الزبون وفى نفس الوقت تجعلهم يحدثون بضاعتهم باستمرار. وتبدأ أسعار مفارش السرير من 200 إلى 600 جنيه، وتختـلف أســــعارها حسب الحجم والخامة وعدد القطع. كما توجد جودة عالية من القطن 100 ٪ يبدأ سعرها من 700 جنيه. علاوة على ذلك، تُقبل العرائس على شراء الفوط أثناء تجهيزها، نظرًا لأشكالها المختلفة وألوانها الجذابة. ولديهم مجموعة فوط مكونة من 4 علب بسعر 1100 جنيه، وعروض خاصة بخصومات على أطقم الفوط بسعر 160 جنيهًا، وأطقم ملايات مطرزة مكونة من 4 أطقـم بسعر 1500 جنيه للطقم الواحد.
أحمد مصطفى – بائع: يؤكد أن معظم منتجات «ايكيا» تلقى إقبالًا كبيرًا من العرائس على شرائها فى سوق حمام التلات، خاصة وأن اللون الأسود غالب على تصميماتهما وهو اللون الذى تفضله أى عروسة كشكل ديكورى لمنازلهن. ويشير إلى أن أحدث البراندات معروضة لديهم، بخلاف المستورد والتركى والصينى لرفايع المطبخ. ويوضح أن السوق يبيع منتجات ايكيا بأسعار أقل نظرًا لقيام التجار بشراء كميات كبيرة منها، مما يخفض السعر على الزبون عن سعره الأصلى فى الأماكن الأخرى، وهذا يعتبر مكسبًا للبائعين وليس خسارة. ولديهم ديكورات وفازات، علاوة على زجاجات ومجات تبدأ من 150 جنيهًا، وطقــم توزيع بـ 200 جنيه، والتربو بـ 600 جنيه.
سارة محمد: تقول إنها تتردد على سوق حمام التلات منذ شهرين لشراء جهازها، نظرًا لاقتراب موعد زفافها. وتؤكد أن الأسعار هنا أرخص بكثير من أماكن أخرى، بخلاف أن المحلات تقدم عروضًا وخصومات خاصة للعرائس. وقد اشترت كوفريتة بألف جنيه، وترمس الشاى بـ 350 جنيهًا، وجردل بالشرشوبة بـ 350 جنيهًا، بالإضافة إلى طقم حلل جرانيت بـ 3200 جنيه.
هيا مدحت – طالبة: تضيف أنها جاءت اليوم مع والدتها من المنوفية لاستكمال باقى جهازها، حيث أن موعد زفافها هو سادس يوم عيد الأضحى. وقد فوجئت بأسعار السوق هنا أرخص بكثير من أسواق جديدة منتشـــرة ومتخصصة فى مستلزمات جهاز العروسة. وقد اشترت طقم توزيع بـ 500 جنيه، وطقم حلل تيفال بـ 1200 جنيه، وطقمين مفارش سرير بسعر 260 و395 جنيهًا.
هالة مجدى – موظفة: توضح أن سوق التلات يتمتع بكل المميزات: السعر والجودة والخامة. وتؤكد أنه المنبع الرئيسى لكافة مستلزمات أدوات المنزل والمفروشات وغيرها. ولكنها تشير إلى أن المحلات فى السوق أحيانًا ترفع الأسعار على الزبائن، ولكن الأمر يتطلب من الزبون الفصال مع التاجر ومشاهدة أكثر من محل قبل الشراء ليحصل على السعر المناسب له.
هناء فايز – ربة منزل: ترى أن كل الكماليات وأدوات المطبخ والمفروشات والأجهزة الكهربائية يمكن إيجادها فى سوق التلات. وتؤكد أن السوق لا يناسب العروسة فقط، بل يناسب أى ربة منزل تحتاج إلى مستلزمات من أدوات المطبخ، فستجدها هنا بأسعار الجملة. وقد اشترت طقم فوط حجم كبير بعرض بسعر 250 جنيهًا بدلًا من 350 جنيهًا، فى حين وجدته بأحد المحلات خارج السوق بسعر 550 جنيهًا.