سعت البشرية منذ عصور سحيقة إلى بسط الأمن والأمان فى شتى ربوع المعمورة خاصة بعدما تخلصت مما عرف بـ»شريعة الغاب» التى كان يأكل فيها القوى الضعيف بكل قسوة دونما وازع من ضمير.. فكان أن تم «سن» القوانين لتكون الأداة المنظمة للتعامل فيما بين «البشر» فظهرت قوانين «حمورابى» وغيرها وظلت التطور مستمراً حتى وصلنا إلى العصور الحالية التى شهدت فيها القوانين تلبية كثير من حاجات المجتمعات وفقاً لظروف ومتطلبات كل مجتمع.
ومصرنا العزيزة كغيرها من الدول كانت هى الأخرى فى حاجة ماسة إلى «سن» القوانين التى تنظم حياة أبنائها فكان أن شرعت القوانين التى تنظم العلاقات بين المصريين وبعضهم البعض.. وكان من ضمن هذه القوانين القانون المدنى المصرى الذى اختص بوضع القواعد العامة المجردة التى تحكم العلاقات فيما بين أبناء المجتمع فى القضايا المدنية ومنها بطبيعة الحال «تنظيم العلاقة بين مالك العقار وبينا لمستأجر» التى ظلت تتسم بالثبات فى قواعدها دونما أن يمسها تعديل من قريب أو بعيد اللهم إلا فى بعض الأحيان حينما اكنت تتدخل المحكمة الدستورية العليا لتعديل بعض بنود المواد.
ولكن ــ والحق يقال ــ هناك عدة جوانب يجب أن تؤخذ فى الاعتبار.. وهى حزء منها لصالح المالك والآخر لصالح المستأجر.. بمعنى إنه قبيل التصديق النهائى من جانب رئيس الجمهورية على القانون الأخير الذى أقره مجلس النواب لابد من مراعاة نقاط أهمها:
أولاً: النظرة المتأنية إلى العقار وموقعه ومساحته وقيمة الايجارية المحددة له.. فمثلاً شقة على نيل الزمالك وجنيهات معدودة.. وهذا نوع من الظلم خاصة أن كان من يستأجرها من ذوى اليسار المادى هنا وهنا فقط يجب أن يتدخل المشرع من أجل أن يقيم العدل فى هذه العلاقة.. على العكس من ذلك فهناك مناطق شعبية يقيم بها اناس يعيشون على حد الكفاف، وبالتالى فإن مراعاة هذه الطائفة حق لهم وواجب على الدولة، وبالتالى فإن ما يقال عن اعطاء مهلة لمثل هذه الفئة من الناس مدة سبع سنوات ثم بعدها يخلى العقار «شقته» للمالك فهذا يحتاج إلى إعادة نظر حرصًا على مصلحة المستأجر الذى لا يستطيع أن يدبر السكن البديل فى ظل حالة التضخم التى يعيشها كثير منا وبالتالى قد يجد نفسه فى العراء.. وهذا أمر لا يمكن تصوره بحال من الأحوال ولن تقبله الدولة ومن هنا.. لابد وأن تكون هناك حلول تتفق مع الواقع المعاش بحيث لا يضار أى طرف من أطراف العلاقة الايجارية بين المالك والمستأجر.
لذلك أن تكون هناك حالة من «الأناة» قبل أن يتم تطبيق التعديلات الجديدة فى قانون الايجارات التى أقرها مجلس النواب حرصاً على السلام الاجتماعى داخل المجتمع المصرى.. بحيث نصل فى نهاية المطاف إلى التوافق المجتمعى بين الجميع بحيث لا يضار مالك بثبات قيمة ايجار الوحدة السكنية بل يجب أن تعدل طبقاً للواقع المعاش كذا أيضاً لا يضار المستأجر الأصلى بطرده فى العراء.