شهدت مصر بعد ثورة 30 يونيو 2013 طفرة غير مسبوقة فى مجال البنية التحتية، تحولت معها البلاد إلى ورشة عمل ضخمة، لتشكل نموذجًا يحتذى به فى التنمية والنهضة الشاملة. لم تكن هذه الإنجازات مجرد مشاريع عابرة، بل كانت نتاج رؤية إستراتيجية طموح، وإرادة سياسية حاسمة بقيادة الرئيس عبدالفتاح السيسى، الذى وضع تطوير البنية التحتية فى صدارة الأولويات الوطنية. قبل 30 يونيو، كانت البنية التحتية فى مصر تعانى من عقود من الإهمال والتقادم، الأمر الذى كان يعيق التنمية الاقتصادية، ويؤثر سلبًا على جودة حياة المواطنين. كانت الطرق متهالكة، وشبكات الكهرباء لا تستوعب الطلب المتزايد، ومشاريع الإسكان غير كافية، والموانئ والمطارات بحاجة إلى تحديث جذرى. كل هذه التحديات كانت تتطلب تدخلاً سريعًا وشاملاً، وهو ما تجلى بوضوح فى سياسات القيادة الجديدة بعد الثورة.
لقد تجلت عظمة هذه الإنجازات فى حجم المشاريع وسرعة تنفيذها وتنوعها لتشمل كافة القطاعات الحيوية. فى مجال الطرق والكبارى، شهدت مصر شبكة طرق جديدة وعصرية، امتدت آلاف الكيلومترات، وربطت مختلف المحافظات، وقللت زمن الرحلات بشكل كبير، وساهمت فى تسهيل حركة التجارة والنقل. لم يقتصر الأمر على بناء طرق جديدة، بل شمل أيضًا تطوير الطرق القائمة وتوسيعها، وإنشاء مئات الكبارى والأنفاق التى قضت على الاختناقات المرورية فى المدن الكبرى، وهو ما انعكس إيجابًا على السيولة المرورية وكفاءة النقل. أما فى قطاع الكهرباء والطاقة، فقد كانت مصر تعانى من أزمات انقطاع التيار الكهربائى المتكررة قبل 30 يونيو، وهو ما كان يؤثر على كافة مناحى الحياة. استجابت القيادة السياسية لهذا التحدى بشكل فورى من خلال بناء محطات كهرباء عملاقة، مثل محطات سيمنز الثلاث (العاصمة الإدارية الجديدة، البرلس، وبنى سويف)، التى أضافت قدرات هائلة لإنتاج الكهرباء، وحققت مصر اكتفاءً ذاتيًا، بل أصبحت لديها فائض يمكن تصديره. هذا الإنجاز وحده يمثل نقلة نوعية غيّرت وجه الحياة اليومية للمصريين، ودعمت القطاع الصناعى والاستثمارى.
ولم يتوقف الأمر عند هذا الحد، ففى قطاع الإسكان والتنمية العمرانية، تم إطلاق مبادرات ضخمة لتوفير السكن اللائق لملايين المصريين، مثل مشروع الإسكان الاجتماعى، وإنشاء مدن جديدة ذكية ومتكاملة، أبرزها العاصمة الإدارية الجديدة، التى تعد مشروعًا قوميًا غير مسبوق، ومثالاً للتخطيط العمرانى المستقبلى. هذه المدن الجديدة لم تقتصر على توفير السكن، بل ضمت بنية تحتية متكاملة من طرق، وشبكات مياه وصرف صحى، وكهرباء، واتصالات، ومرافق خدمية وترفيهية. كذلك، شهد قطاع المياه والصرف الصحى تطورًا كبيرًا، حيث تم تنفيذ العديد من محطات معالجة مياه الصرف الصحى ومحطات تحلية المياه، مما ساهم فى توفير مياه الشرب النظيفة وتوسيع الرقعة الزراعية من خلال إعادة استخدام المياه المعالجة، وتقليل الهدر. وفى مجال النقل البحرى والجوى، شهدت الموانئ المصرية تطويرًا وتوسعًا كبيرًا، كما تم تطوير المطارات القائمة وإنشاء مطارات جديدة، مما عزز مكانة مصر كمركز لوجستى وتجارى إقليمى. وأخيرًا، لا يمكن إغفال التطور فى البنية التحتية الرقمية، حيث شهدت مصر تحسينًا ملحوظًا فى سرعات الإنترنت وتغطية الشبكات، تمهيدًا للتحول الرقمى الذى تسعى إليه الدولة.
يُعزى هذا النجاح العظيم بشكل مباشر إلى الدور المحورى للقيادة السياسية، وعلى رأسها الرئيس عبدالفتاح السيسى. فمنذ اللحظة الأولى، أدرك الرئيس أن البنية التحتية هى الركيزة الأساسية لأى تنمية حقيقية ومستدامة. وتميزت القيادة السياسية بـ: أولاً، الرؤية الاستراتيجية الطموحة: حيث لم تقتصر الرؤية على معالجة المشكلات القائمة، بل امتدت لتشمل بناء مستقبل أفضل لمصر، من خلال التخطيط لمشاريع ضخمة تخدم الأجيال القادمة.
ثانياً، الإرادة السياسية القوية: التى ترجمت هذه الرؤى إلى خطط عمل قابلة للتنفيذ، وتجاوزت الروتين والمعوقات البيروقراطية، ودفعت بوتيرة سريعة نحو الانجاز. ثالثاً، المتابعة المباشرة والمستمرة: حيث كان الرئيس يتابع بنفسه تفاصيل المشاريع، ويقف على أرض الواقع ليشرف على سير العمل، مما خلق حالة من الانضباط والجدية فى التنفيذ.
رابعاً، الاستثمار فى القدرات الوطنية: من خلال الاعتماد على الشركات المصرية والكوادر الوطنية فى تنفيذ هذه المشاريع، مما ساهم فى دعم الاقتصاد وخلق فرص عمل هائلة.
خامساً، توفير التمويل اللازم: من خلال جذب الاستثمارات وتخصيص الموازنات اللازمة، رغم التحديات الاقتصادية، إيمانًا بأن هذه الاستثمارات هى استثمار فى مستقبل مصر.
لقد أحدثت هذه الثورة فى البنية التحتية تغييرًا جذريًا فى حياة المصريين، حيث تحسنت جودة الخدمات، وتوفرت فرص العمل، وزادت قدرة الاقتصاد على جذب الاستثمارات، مما مهد الطريق لتحقيق أهداف التنمية المستدامة. هذه الإنجازات لم تكن مجرد أرقام وإحصائيات، بل هى واقع ملموس يشعر به كل مواطن مصرى فى حياته اليومية. إن ما تحقق فى مجال البنية التحتية بعد ثورة 30 يونيو هو شهادة على قدرة الدولة المصرية على تحقيق المستحيل عندما تتوفر الإرادة السياسية الحقيقية والرؤية الواضحة والقيادة الملهمة. هذه النهضة هى أساس لمستقبل أكثر إشراقًا لمصر، وتؤكد أن بناء الأوطان يتطلب تضحيات وعملاً دءوبًا، ورؤية لا تتوقف عند التحديات، بل تحولها إلى فرص للإنجاز والعظمة.. وللحديث بقية.