تقوم مصر بدور محورى وبارز فى جهود استعادة الاستقرار بالمنطقة والإقليم وذلك بفضل موقعها الجغرافى الاستراتيجى، وثقلها التاريخى والحضارى، وقوتها الإقليمية التى تتجسد فى دبلوماسيتها النشطة، وقدراتها العسكرية، ورؤيتها الثابتة نحو تحقيق السلام والأمن. فبعد سنوات من الاضطرابات والتحديات التى عصفت بالمنطقة، من صراعات مسلحة، وتصاعد للإرهاب، وتدخلات خارجية، وتهديدات أمنية متعددة، اصبحت مصر عنصر فاعل ومؤثر، لا يسعى لحماية مصالحه الخاصة، بل يسهم بفاعلية فى تهدئة النزاعات، وتعزيز الحوار، ودعم الحلول السياسية للأزمات. لم يكن هذا الدور وليد الصدفة، بل هو نتاج سياسة خارجية حكيمة وواقعية، تدرك أن استقرار مصر الداخلى يرتبط ارتباطًا وثيقًا باستقرار محيطها الإقليمى. من هنا جاءت جهودها المتواصلة لفض النزاعات، ومحاربة التطرف، وبناء الجسور مع مختلف الأطراف الفاعلة.
تجلت أبرز أوجه هذا الدور فى العديد من الملفات الحيوية التى تشهدها المنطقة. ففى ملف القضية الفلسطينية، لم تتخل مصر يومًا عن دورها التاريخى كراعٍ أساسى للسلام، وساعٍ دائم لإنهاء الصراع الفلسطينى – الإسرائيلى على أساس حل الدولتين، وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس الشرقية. وتبذل القاهرة جهودًا دبلوماسية مكثفة لتهدئة التوترات، ووقف التصعيد، وإعادة تفعيل مسار المفاوضات، وتوفير الدعم الإنسانى للشعب الفلسطينى، فضلاً عن دورها المحورى فى ملف المصالحة الفلسطينية. وفيما يتعلق بـالأزمة الليبية، اتخذت مصر موقفًا واضحًا وثابتًا يدعم استقرار ووحدة الأراضى الليبية، ويرفض التدخلات الخارجية التى تهدد أمنها القومى. سعت مصر إلى دعم الحل السياسى الذى يقوده الليبيون أنفسهم، من خلال استضافة حوارات ومؤتمرات تهدف إلى توحيد المؤسسات الليبية، وإنهاء وجود المرتزقة والقوات الأجنبية، ودعم الجيش الوطنى الليبى فى مكافحة الإرهاب، وتمهيد الطريق لإجراء الانتخابات.
أما فى ملف الأزمة السورية، فقد أكدت مصر دائمًا ضرورة الحفاظ على وحدة سوريا وسلامة أراضيها، ودعم الحل السياسى للأزمة بما يحقق تطلعات الشعب السورى، ورفض أى محاولات لتقسيم البلاد. وعلى صعيد الأمن المائى العربى، تلعب مصر دورًا رياديًا فى حماية الأمن المائى للدول العربية، وتنسيق الجهود المشتركة لمواجهة التحديات المتعلقة بندرة المياه. وفيما يخص مكافحة الإرهاب والتطرف، تقود مصر حملة إقليمية ودولية لمكافحة الإرهاب بكافة أشكاله وصوره، ليس فقط على المستوى الأمنى والعسكرى، بل أيضًا على المستوى الفكرى من خلال تجديد الخطاب الدينى وتصحيح المفاهيم المغلوطة التى تستغلها التنظيمات المتطرفة. هذا الدور الحيوى لمصر فى مكافحة الإرهاب يعود بالنفع على استقرار المنطقة بأسرها.
لم يقتصر الدور المصرى على الملفات الساخنة، بل امتد ليشمل تعزيز التعاون الاقتصادى والتنموى بين دول المنطقة، من خلال مبادرات ومشروعات مشتركة تهدف إلى تحقيق التكامل الاقتصادى، وتحسين مستويات المعيشة، وتوفير فرص العمل للشباب. وتؤمن مصر بأن التنمية الاقتصادية الشاملة هى أحد أهم سبل محاربة التطرف، وتحقيق الاستقرار المستدام. كما أنها تعمل على تعزيز العلاقات الثنائية مع الدول العربية، وبناء تحالفات إقليمية تخدم المصالح المشتركة.
إن الرئيس عبدالفتاح السيسى، يؤمن أن تحقيق الاستقرار فى الشرق الأوسط يتطلب منهجًا شاملًا ومتكاملًا، لايقتصر على الجانب الأمنى، بل يشمل الجوانب السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية. هذا المنهج جعل مصر قوة إقليمية لا غنى عنها فى أى معادلة لاستقرار المنطقة.