برغم محاولات التوصل لاتفاق لوقف إطلاق النار فى غزة مازالت قوات الاحتلال تواصل نهجها فى إبادة الشعب الفلسطيني، حيث استشهد أمس 82 فلسطينيا واصيب 247 فى غارات إسرائيلية على القطاع، وسط تصاعد غارات الاحتلال العنيفة، حسبما أفادت مصادر طبية.
وفى جريمة إسرائيلية جديدة، استشهد 16 فلسطينيا معظمهم أطفال ونساء، وأصيب العشرات، جراء قصف طائرات الاحتلال مواطنين ينتظرون فى طابور توزيع مكملات غذائية للأطفال فى دير البلح، وسط قطاع غزة.
وذكر شهود عيان أن الناس تجمعوا فى طوابير طويلة عند إحدى النقاط الطبية التى تقدم الرعاية للأطفال والنساء. وأشاروا إلى أن المتجمعين تفاجأوا بغارة إسرائيلية على باب هذه النقطة الطبية، وهو ما أدى لارتفاع هذا العدد الكبير من الضحايا، وبينهم أطفال دون سن العاشرة.
وفى السياق، كشف المدير العام للمكتب الإعلامى الحكومى في غزة إسماعيل الثوابتة أن 80 ٪ من الفلسطينيين الذين يستشهدون خلال انتظارهم أو تسلمهم للمساعدات وفقا للآلية التى تنفذها قوات الاحتلال الإسرائيلي فى أنحاء القطاع هم من فئة الشباب.
وبعيدا عن إشراف الأمم المتحدة والمنظمات الدولية بدأت تل أبيب وواشنطن منذ 27 مايو الماضى تنفيذ خطة لتوزيع مساعدات محدودة عبر ما يُعرف بـ»مؤسسة غزة الإنسانية»، حيث يجبَر الفلسطينيون طالبو المساعدات على المفاضلة بين الموت جوعا أو برصاص الجيش الإسرائيلي.
وقال إسماعيل الثوابتة إن «الأرقام تكشف جريمة انتقائية تستهدف مستقبل الشعب الفلسطيني، إذ إن 80 ٪ من شهداء المساعدات هم من فئة الشباب، و14 ٪ من الشهداء هم من الأطفال، و3 ٪ من النساء، و3 ٪ من كبار السن».
وحول توصيفه لواقع المساعدات بعد مرور نحو 45 يوما على تطبيق آلية التوزيع وفقا للمعايير الإسرائيلية، أوضح الثوابتة أن ما يجرى ليس توزيع مساعدات إنسانية، بل تنفيذ سياسة قتل جماعى مبرمجة تحت غطاء العمل الإنساني، لافتا إلى أنه منذ بدء تشغيل هذه الآلية، استشهد نحو 773 فلسطينيا وأصيب أكثر من 5 آلاف آخرين، وجرى توثيق 39 مفقودا ممن خرجوا بحثا عن لقمة العيش، ولم يعودوا.
وفى بارقة أمل، أعلنت مسؤولة السياسة الخارجية بالاتحاد الأوروبى كاديا كالاس الاتفاق مع إسرائيل على توسيع وصول المساعدات الإنسانية إلى غزة، وفتح معابر جديدة، ودخول مساعدات، وإصلاح البنية التحتية، وحماية عمال الإغاثة .وقالت: «نعتمد على إسرائيل فى تنفيذ جميع الإجراءات المتفق عليها».وقال المتحدث بإسم الاتحاذ الاوروبى ان غزة جزء من اى دولة فلسطينية مستقبلية ويجب الا يكون هناك تهجير بأى حال .كما اعرب عن رفض الاتحاد اى تغير ديموغرافى او جغرافى فى قطاع غزة.
من ناحية أخري، كشف الجهاز المركزى للإحصاء، أن نتيجة العدوان ووفقا للمعطيات الأخيرة، سجل قطاع غزة انخفاضا غير مسبوق فى عدد السكان، بفعل تزايد أعداد الشهداء والمفقودين، ومغادرة الآلاف خارج القطاع، إلى جانب تراجع معدلات المواليد.
وتشير التقديرات السكانية إلى أن عدد السكان انخفض إلى نحو 2,129,724 نسمة؛ أى بانخفاض نسبته 6 ٪ مقارنة بالتقديرات المتوقعة لمنتصف العام 2024. كما تراجع العدد إلى 2,114,301 نسمة، بانخفاض نسبته 10 ٪ مقارنة بتقديرات منتصف العام 2025.
على صعيد آخر ذكرت وسائل إعلام إسرائيلية أن عدد الجنود المنتحرين منذ بدء الحرب الإسرائيلية على غزة فى 7 أكتوبر 2023، وصل إلى 43 بسبب أعراض نفسية ناتجة عن القتال.
وقالت صحيفة هآرتس إن جنديا في لواء جولاني انتحر هذا الأسبوع بإطلاق النار على نفسه فى قاعدة سدى يمان بعد خضوعه لتحقيق لدى شرطة التحقيقات العسكرية. وقبل أيام، أفاد موقع «والا» الإسرائيلى بأن جنديا آخر انتحر بعد معاناته المستمرة خلال شهور الحرب الطويلة على غزة ولبنان وبعد ما شهده من فظائع وويلات هذه الحرب.
على صعيد ملف الهدنة، قال وزير الخارجية الإسرائيلى جدعون ساعر إنه يدعم رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو الموجود فى زيارة دبلوماسية – وصفها بالمهمة- فى واشنطن. وأضاف أن على نتنياهو تجاهل الضغط والتهديدات السياسية للتوصل إلى صفقة، وهو ما يعكس إرادة الأغلبية بالحكومة.
كان وزير المالية الإسرائيلى بتسلئيل سموتريتش قد انتقد بشدة ما وصفه بتراجع الحكومة عن تعهداتها، بعد طرح خطة إسرائيلية للانسحاب الجزئى من غزة خلال هدنة فى القطاع المدمر.
وحسب صحيفة «تايمز أوف إسرائيل»، هاجم سموتريتش رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، قائلا: «إذا صحت التقارير بشأن استعداده للانسحاب من مناطق تم تحريرها بتضحيات كبيرة، فإن ذلك يعد خيانة خطيرة للجنود ولعائلاتهم، وانتهاكا للالتزامات التى قدمت لهم».
من جانبه، قال مسؤول إسرائيلى كبير لـ«رويترز»، أمس، إنه قد يكون من الممكن التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار فى غزة مع حركة «حماس» فى غضون أسبوع أو أسبوعين، فيما يواصل وفدا حماس وإسرائيل جلسات تفاوض «صعبة ومعقدة» بالدوحة، شهدت تقدما ملحوظا، على صعيد بعض البنود، وطفيف فى بنود أخري.
وأضاف المسؤول أن إسرائيل ستعرض وقفا مؤقتا لإطلاق النار، مضيفا أنه «إذا لم تضع حماس سلاحها فإن إسرائيل ستمضى فى العمليات العسكرية»، وفق قوله.
ويأتى ذلك، فيما يواصل وفدا إسرائيل وحماس جلسات التفاوض غير المباشرة والتى وصفتها مصادر بـ»الصعبة والمعقدة»، حيث حصل بعض التقدم فى عدة قضايا، بحسب مصادر مطلعة.
ومن المتوقع وصول المبعوث الأمريكى ستيف ويتكوف إلى المنطقة، لإعطاء دفعة للتوصل لاتفاق لوقف النار.