بينما تواصل قوات الاحتلال الإسرائيلى القتل فى أهالى غزة من المدنيين وتتزايد الآمال فى وقف إطلاق النار، أثارت عملية بيت حانون «شمالى غزة» للمقاومة الفلسطينية ردود فعل واسعة لدى النخبة السياسية الإسرائيلية تمثلت فى دعوات إلى إنهاء الحرب على غزة «من أجل إسرائيل» فى حين حافظت الأصوات اليمينية المتطرفة التقليدية على نغمة التشدد، داعية لمواصلة القتال والدفع باتجاه التضييق على المقاومة.
وأسفرت عملية بيت حانون التى نفذتها حماس عن 5 قتلى إسرائلين و16 جريحا، بعضهم فى حالة خطيرة، وكشف تقرير أولى لجيش الاحتلال أن الكمين الذى استهدف الوحدة الإسرائيلية نفذ بتفجير 4 عبوات متتابعة وأن عمليات الإسناد والإنقاذ لإخلاء الجنود القتلى والمصابين شابها التعقيد بفعل نيران كثيفة تطلقها المقاومة.
من جانبها، قالت حركة حماس إنَّ «الحقائق الميدانية والسياسية، بعد مرور 640 يوما من الحرب الاستئصالية التى يشنّها الاحتلال على شعبنا، باتت جليّة للعالم أجمع بأنّ الاحتلال قد فشل فشلا ذريعا فى كسر إرادة غزة أو إخضاع مقاومتها».
وأضافت حماس فى بيان لها، أمس، أن شعارات «الهزيمة الساحقة» و»الاجتثاث الكامل» لحركة حماس قد سقطت على أعتاب الأنفاق المتفجّرة، وكمائن المقاومة المركّبة، وتحطّم وهم «تحرير المحتجزين بالقوة» تحت وقع الضربات المتلاحقة.
وشددت على أن عربات «جدعون» احترقت فى بيت حانون وخان يونس، ومَن فيها قُتلوا، فيما تواصل المقاومة المواجهة بنديّةٍ وبسالةٍ رغم الجوع والحصار، بينما يرتكب الاحتلال المجازر بحقّ المدنيين والأبرياء.
وأشارت إلى أنَّ المقاومة أجبرت الاحتلال على الاعتراف بعجزه، واستحالة الجمع بين تحرير المحتجزين وهزيمة المقاومة، وتحوّلت محاور توغّله إلى حقول موت لا يخرج منها جنوده سالمين.
فى السياق قال قادة عسكريون إسرائيليون فى غزة، إن تهديد العبوات الناسفة يمثل الخطر الأكبر على القوات داخل القطاع.
جاء ذلك تعليقا على إعلان جيش الاحتلال الإسرائيلي، اليوم، مقتل خمسة من عناصره من كتيبة 97 «نتساح يهودا» وإصابة 14 آخرين، اثنان منهم فى حالة خطيرة، جراء انفجار داخل موقع بعبوة ناسفة بمنطقة بيت حانون شمال قطاع غزة.
وأضاف القادة العسكريون أن العبوات الناسفة تسببت فى مقتل 27 جنديا منذ استئناف العمليات فى مارس من العام الجارى.
وفى الجانب السياسي، دعا زعيم المعارضة الإسرائيلية يائير لبيد إلى إنهاء الحرب على غزة «من أجل المقاتلين وعائلاتهم والرهائن وإسرائيل» ومن جانبه اعتبر رئيس تحالف الديمقراطيين فى إسرائيل يائير غولان أن إسرائيل مجبرة على إنجاز صفقة وإنهاء الحرب «بعد مقتل جنودنا».
وبينما دعا وزير الأمن الإسرائيلى اليمينى المتطرف إيتمار بن غفير إلى إعادة فريق التفاوض الموجود فى الدوحة، طالب اليمينى الآخر وزير المالية بتسلئيل سموتريتش إلى التوقف فورا عن «حماقة إرسال المساعدات للعدو الذى يقتل جنودنا».
ميدانيا، قالت وزارة الصحة فى القطاع إن عدد ضحايا العدوان الإسرائيلى ارتفع إلى 57 ألفا و575 شهيدا، و136 ألفا و879 مصابا منذ 7 أكتوبر 2023.
وذكرت مصادر فى مستشفيات غزة بأن عدد الشهداء وصل إلى 54 بالغارات الإسرائيلية على القطاع منذ فجر اليوم، بينهم 30 جنوبى القطاع.
وقال مصدر فى المستشفى المعمدانى إن فلسطينيين استشهدا وأصيب آخرون فى قصف إسرائيلى على حى التفاح شرقى مدينة غزة.
على صعيد ملف التهدئة، قال مسئولون إسرائيليون أمس إن من الممكن سد الثغرات بين إسرائيل وحركة حماس فى محادثات وقف إطلاق النار فى غزة الجارية الأن لكن الأمر قد يستغرق أكثر من بضعة أيام للتوصل إلى اتفاق.
وأعلن مسئول سياسى إسرائيلى رفيع، من العاصمة الأمريكية واشنطن، أن إمكانية التوصل إلى صفقة تبادل أسرى مع حركة «حماس» خلال هذا الأسبوع غير مؤكدة بعد، مشددا فى الوقت ذاته على أن إسرائيل لا تستبعد فرض سيطرة مؤقتة على قطاع غزة بعد انتهاء الحرب قبل نقل السيطرة لقوة فلسطينية.
وقال الوزير الإسرائيلى زئيف إلكين، وهو عضو فى الحكومة الأمنية المصغرة، إن هناك «فرصة حقيقية» للاتفاق على وقف إطلاق النار.
وأضاف لهيئة البث العامة الإسرائيلية، «حماس تريد تغيير بعض الأمور الجوهرية، الأمر ليس بسيطا، لكن هناك تقدما».
واكتسبت المساعى الجديدة التى يبذلها الوسطاء لوقف القتال فى القطاع زخما منذ يوم الأحد عندما بدأ الطرفان المتحاربان محادثات غير مباشرة فى الدوحة وتوجه رئيس الوزراء الإسرائيلى بنيامين نتنياهو إلى واشنطن.
وجاءت تصريحات المسئول خلال إحاطة للصحفيين المرافقين لوفد رئيس الوزراء الإسرائيلى بنيامين نتنياهو الذى يزور واشنطن حاليا.
وعند سؤاله إن كانت إسرائيل مستعدة للانسحاب من محور موراج ضمن شروط الصفقة، اكتفى بالقول: «المحور مهم جدا، لكن لا يمكننى التوسع فى التفاصيل».
ومحور موراج فى غزة هو ممر برى استراتيجى أنشأته إسرائيل فى جنوب قطاع غزة، ويمتد بين مدينتى رفح وخان يونس، ويُعد من أبرز أدوات الاحتلال الإسرائيلى لتقطيع أوصال القطاع والتحكم فى حركة السكان والبضائع.
وأفاد مسئول إسرائيلى آخر، حضر الإحاطة، بأن المقترح الحالى يلبى نحو 80٪ إلى 90٪ من مطالب إسرائيل. وأضاف المسئول السياسى أن فشل الصفقة فى المرة الأولي، حين طرحها ويتكوف، كان بسبب الرفض التام من جانب «حماس».
من جانبه أعلن المتحدث باسم وزارة الخارجية القطرية ماجد الانصارى أمس أن المفاوضات غير المباشرة بين حركة حماس وإسرائيل بشأن هدنة فى غزة تتركز حاليا على «إطار تفاوضى» للاتفاق.
أضاف أن المفاوضات الجارية فى الدوحة بين إسرائيل وحماس حيال وقف للنار فى غزة «ستحتاج إلى وقت».