أكد السفير أسامة الهادى القائم بأعمال الامين العام للوكالة المصرية للشراكة من أجل التنمية أن الوكالة تُعد تطويرًا مؤسسيًا للرؤية المصرية الممتدة منذ عقود تجاه التعاون الإفريقي، حيث تُجسد الاستفادة من رصيد مصر التاريخى فى التعاون الفنى والدبلوماسى وتحوله إلى أداة تنموية حديثة ومنظمة.
وقال السفير الهادى فى حوار خاص لـ«الجمهورية » إن فلسفة مصر تقوم على الإيمان العميق بأن القارة الإفريقية شريك فى المصير والمستقبل، وأن التعاون لا يُبنى على اعتبارات المصلحة فحسب، بل على قيم التضامن والأخوة والتكامل. ومن هذا المنطلق، تقوم المساعدات المصرية على مبدأ «الاحترام المتبادل»، ورفض المشروطية، مع تركيز واضح على احتياجات الدول الشريكة. فالتنمية بالنسبة لمصر ليست أداة نفوذ، بل مسئولية مشتركة بين الأشقاء.
أشار القائم باعمال الامين العام إلى ان الوكالة تركز على مجموعة من القطاعات الحيوية ذات الأثر المجتمعى المباشر، فى مقدمتها: الصحة، الزراعة، التعليم، الطاقة، المرأة، المياه، الأمن ،والحوكمة. كما تُعطى أهمية خاصة لبناء القدرات الوطنية من خلال التدريب الفني، المنح الدراسية، إيفاد الخبراء، وتنفيذ مشروعات تنموية مستدامة، وذلك تماشيًا مع أجندة إفريقيا 2063 وأهداف التنمية المستدامة 2030.
اوضح ان الوكالة تحصل على موازنتها من الدولة المصرية، ويتم توجيه هذه المخصصات لتنفيذ الأنشطة المختلفة بالتنسيق مع الجهات المعنية.
قال ان الوكالة تعتمد فى عملها على أربعة محاور أساسية أولا، بناء القدرات عبر الدورات التدريبية المكثفة. ثانيًا، إيفاد الخبراء المصريين فى مجالات متعددة. ثالثًا، تقديم المساعدات الإنسانية والطبية. رابعًا، تنفيذ مشروعات تنموية مباشرة فى الدول الإفريقية. ويُكمل هذه المحاور تبنى الوكالة للتعاون الثلاثى ودعم الشراكات جنوب ـ جنوب.
> فى البداية حدثنا عن نشأة الوكالة المصرية للشراكة من أجل التنمية؟
>> التدشين الحقيقى والرسمى للوكالة تم عام 2014 بمبادرة من السيد الرئيس عبدالفتاح السيسى خلال قمة مالابو، لتكون الذراع التنموية للسياسة الخارجية المصرية وأداة فعالة لتسخير الخبرات المصرية فى خدمة القارة الإفريقية ودول الجنوب. وجاءت نشأتها امتدادًا لرصيد تاريخى عريق بدأ منذ ثورة يوليو 1952، حين تبنت مصر دورًا رياديًا فى دعم حركات التحرر والتنمية فى إفريقيا، وتُوّج بإنشاء الصندوق المصرى للتعاون الفنى مع إفريقيا عام 1980، وفى عام 1992 سعت مصر ليكون دورها التنموى أكثر شمولا بتأسيسها «الصندوق المصرى للتعاون الفنى مع دول الكومنولث والدول الإسلامية والدول المستقلة حديثًا»، والذى حرص على تعزيز القوة الناعمة لمصر من خلال تعزيز العلاقات المصرية بالدول المشمولة فى العديد من المجالات الثقافية ونشر الثقافة الإسلامية واللغة العربية والترويج للسياحة المصرية. ثم توحيد الجهود عبر الوكالة بصورتها الحالية، لتعكس تطورًا مؤسسيًا شاملاً فى العمل التنموى المصري.
> ما هى فلسفة مصر فى دعم الأشقاء الأفارقة؟
>> فلسفة مصر تقوم على الإيمان العميق بأن القارة الإفريقية شريك فى المصير والمستقبل، وأن التعاون لا يُبنى على اعتبارات المصلحة فحسب، بل على قيم التضامن والأخوة والتكامل. ومن هذا المنطلق، تقوم المساعدات المصرية على مبدأ «الاحترام المتبادل»، ورفض المشروطية، مع تركيز واضح على احتياجات الدول الشريكة. فالتنمية بالنسبة لمصر ليست أداة نفوذ، بل مسئولية مشتركة بين الأشقاء.ولذلك تُقدم الوكالة دعمها بدون مشروطية مسبقة، بل وفقًا لأولويات الدول الإفريقية نفسها، مع احترام خصوصية وسياقات كل دولة، إيمانًا بأن الحلول المحلية المدعومة بالشراكة الصادقة هى السبيل الأنجح لتحقيق التنمية المستدامة.
> هل يمكن اعتبار الوكالة استثمارًا للرصيد التاريخى لمصر فى التعاون الفني؟
>> بالفعل، الوكالة تُعد تطويرًا مؤسسيًا للرؤية المصرية الممتدة منذ عقود تجاه التعاون الإفريقي، حيث تُجسد الاستفادة من رصيد مصر التاريخى فى التعاون الفنى والدبلوماسى وتحوله إلى أداة تنموية حديثة ومنظمة. فقد جمعت الوكالة بين الخبرة المصرية الواسعة والمقاربات الحديثة للتنمية، ما جعلها قوة ناعمة فعّالة تسهم فى تعظيم المصالح المصرية وتعزيز مكانتها فى القارة.
> أى المجالات يتم التركيز عليها؟
>> تركز على مجموعة من القطاعات الحيوية ذات الأثر المجتمعى المباشر، فى مقدمتها: الصحة، الزراعة، التعليم، الطاقة، المرأة، المياه، الأمن ،والحوكمة. كما تُعطى أهمية خاصة لبناء القدرات الوطنية من خلال التدريب الفني، المنح الدراسية، إيفاد الخبراء، وتنفيذ مشروعات تنموية مستدامة، وذلك تماشيًا مع أجندة إفريقيا 2063 وأهداف التنمية المستدامة 2030.
> ما المحاور التى تعتمد عليها الوكالة للتعامل مع القارة الإفريقية؟
>> تعتمد الوكالة فى عملها على أربعة محاور أساسية: أولاً، بناء القدرات عبر الدورات التدريبية المكثفة. ثانيًا، إيفاد الخبراء المصريين فى مجالات متعددة. ثالثًا، تقديم المساعدات الإنسانية والطبية. رابعًا، تنفيذ مشروعات تنموية مباشرة فى الدول الإفريقية. ويُكمل هذه المحاور تبنى الوكالة للتعاون الثلاثى ودعم الشراكات جنوب ـ جنوب.
> هل هناك أولويات للوكالة فى مشروعات التنمية؟
>> نعم نعمل وفق أولويات تنموية تستجيب لاحتياجات الدول المستفيدة، مع مراعاة تحقيق الأثر المستدام، وتوجيه الدعم نحو القطاعات الحيوية. والوكالة لا تحدد الأولويات بمفردها بل تعتمد فى تحديد أولوياتها على التنسيق المباشر مع الحكومات الإفريقية والسفارات المصرية بالخارج، مع إعطاء الأفضلية للمشروعات التى تخلق فرص عمل، وتُعزز الأمن الغذائي، وتسهم فى تطوير البنية التحتية، وتُسهم فى الاستقرار المجتمعي.
> ما هى المناطق التى يتم التركيز على دعمها؟
>> تولى الوكالة اهتمامًا خاصًا بدول حوض النيل والقرن الإفريقي، إلى جانب الدول الإفريقية ذات الأولوية الجغرافية والاستراتيجية، وذلك إيمانًا بأن دعم هذه الدول يُحقق استقرارًا إقليميًا يعزز من الأمن القومى المصري. كما تحرص الوكالة على أن يكون توزيع أنشطتها متوازنًا جغرافيًا ليشمل كافة أنحاء القارة.
> كم مشروع مولته الوكالة فى «القارة» وكم عدد الدول التى استفادت؟
>> منذ إنشائها وحتى الآن، نفذت الوكالة أكثر من 700 برنامج تدريبي، استفاد منها نحو 20 ألف متدرب، وأوفدت 120 خبيرًا إلى 45 دولة، إلى جانب إرسال 171 قافلة طبية وإنسانية. وقد استفادت أكثر من 80 دولة من دول القارة ودول الكومنولث من المساعدات الإنسانية والمستلزمات الطبية عبر 195 حاوية. كما تشمل إنجازات الوكالة مشروعات كبرى عابرة للحدود فى مجالات الطاقة، الصحة، والمياه.
> ما هى نوعية المشروعات؟
>> تتنوع المشروعات ما بين المشروعات الطبية، حيث ساهمت الوكالة فى إنشاء مركز رواندا/ مصر للقلب فى كيجالى بمساهمة من مؤسسة د. مجدى يعقوب لعلاج أمراض القلب، وخصصت وحدات طبية للغسيل الكلوى فى جنوب السودان ومركزًا طبيًا فى جينجا بأوغندا. فضلاً عن إعطاء منحة لوجيستية لإنشاء وحدة مصرية بإحدى المستشفيات الحكومية بجوبا ومكافحة بعوضة الملاريا فى جنوب السودان بالتعاون مع شركة «إنراد»، وإنشاء عيادات أسنان ورمد فى إريتريا. كما تم إنشاء مركز طب الكلى بمدينة «بورتسودان» بالسودان وكذا المستشفى المصرى – الجابونى فى ليبرفيل. أما بالنسبة لمشروعات الطاقة، تم إنشاء محطة كهرباء بالطاقة الشمسية فى أوغندا ومحطات كهرباء بجنوب السودان، وجرى إصلاح محطات كهرباء عدة بدولة بوروندي، بجانب إنشاء ورش لإصلاح المولدات. فضلًا عن ذلك، نفذت الوكالة مشروع محطة الطاقة الشمسية بمنطقة «عمر كجدع» فى جيبوتي. أما مشروعات المياه، فجرى حفر آبار، وإنشاء خزانات وسدود حصاد للأمطار. وبالنسبة للمشروعات الزراعية والبحثية، فقد تم إنشاء مراكز للتنبؤ المناخى والتعليم الطبى والهيدروليكى فى عدة دول أفريقية.
> البعض يرى أن الوكالة اكتفت بالتدريب ونقل الخبرات؟
>> على العكس، تجاوزت الوكالة الأدوار التقليدية لتقوم بتنفيذ مشروعات تنموية ملموسة على الأرض. على الرغم أن التدريب ونقل الخبرات يشكلان حجر الزاوية فى عمل الوكالة، إلا أن نطاق عملها أوسع بكثير. فقد توسعت الوكالة فى تنفيذ المشروعات ومن أبرز الأمثلة مركز رواندا/ مصر للقلب فى كيجالي، محطة كهرباء فى جنوب السودان، مستشفى بالصومال، ومراكز طبية فى أوغندا وكينيا. كما شاركت فى بناء قدرات القطاع الطبى والفنى عبر توريد الأجهزة والمعدات الحديثة إلى عدة دول أفريقية.
> ما هى ميزانية الوكالة؟
>> تحصل الوكالة على موازنتها من الدولة المصرية، ويتم توجيه هذه المخصصات لتنفيذ الأنشطة المختلفة بالتنسيق مع الجهات المعنية.
> وهل تحتاج الموازنة الخاصة بالوكالة إلى زيادة؟
>> بلا شك، فالوكالة تواجه تحديات ناتجة عن اتساع نطاق العمل، فى ظل موارد لا تزال محدودة مقارنة بالوكالات التنموية المماثلة فى عدة دول. لذلك تسعى الوكالة حاليًا إلى التوسع فى مصادر التمويل، وإعادة ترتيب الأولويات لضمان التأثير الفعلى للمشروعات وفقًا للموارد المتاحة.
> وكيف يتم استثمار الوكالة فى تدعيم التعاون مع دول الجنوب؟
>> تُعد الوكالة منصة فعالة للتعاون جنوب ـ جنوب، حيث تسهم فى نقل الخبرات المصرية إلى الدول الإفريقية فى مجالات متنوعة، مع تطوير شراكات ثلاثية مع جهات مثل الجايكا، الفاو، كويكا، والوكالة التركية (TIKA).كما تعمل على إطلاق مبادرات مشتركة فى الصحة، الري، التعليم، وتمكين المرأة، بما يعكس نهجًا تشاركيًا يحقق مصالح الجميع.
> كيف ساهمت الوكالة فى تحقيق مصالح الدولة الاستراتيجية فى إفريقيا؟
>> حققت ذلك من خلال بناء علاقات تنموية قوية ترتكز على الثقة المتبادلة، وهو ما انعكس على دعم الملفات الاستراتيجية مثل الأمن المائي، التعاون الفني، وتوسيع النفوذ الاقتصادى المصري. وتُعزز هذه العلاقات التعاون فى المحافل الإقليمية والدولية، وتفتح المجال أمام الشركات المصرية للعمل فى الأسواق الإفريقية.
> ما هى خطة الوكالة للتعاون ودعم دول حوض النيل؟
>> تشرف الوكالة على تنفيذ المبادرة المصرية لتنمية دول حوض النيل، من خلال مشروعات تنموية متكاملة تشمل الطاقة، الصحة، المياه، الزراعة، والموارد البشرية. وقد نفذت مشروعات نوعية مثل إنشاء مراكز طبية وكهرباء، وبرامج تدريبية متخصصة، بما يسهم فى دعم الاستقرار الإقليمى ويعكس التزام مصر بالتنمية العادلة والمستدامة فى دول الحوض. كما تبدأ الوكالة الدخول إلى مرحلة جديدة فى علاقاتها بدول حوض النيل لاسيما عقب صدور قرار السيد رئيس مجلس الوزراء فى مايو 2025 باستحداث «آلية تمويل دراسة وتنفيذ المشروعات بدول حوض النيل» ضمن الوكالة المصرية، وهى الآلية التى ستتيح لمصر مزيداً من التعاون التنموى والاستثمارى مع دول حوض النيل.
> ماذا عن دور الوكالة فى تعزيز العلاقات بين الدول ومصر؟
>> الوكالة تُعد أداة دبلوماسية هامة ومن أبرز وسائط القوى الناعمة لمصر، فهى تُعزز العلاقات الثنائية مع مختلف الدول محل عمل واهتمام الوكالة من خلال العمل الميداني، وتقديم الدعم الفنى والإنساني، وتنفيذ مشروعات تُلامس حياة الشعوب. كما تعمل على بناء جسور تواصل مؤسسى وشعبى مع الدول الإفريقية، ما يُكرس لمكانة مصر كشريك موثوق، ويبنى صورة إيجابية تعزز الحضور المصرى فى القارة.
